لأن الاحداث لا تتغبر وددت إعادة نشر هذا المقال الذي كنت قد تناولته العام الماضي بمناسبة اليوم العالمي للإذاعة ولان حب هنا ام درمان في قلوبنا الآن نعيد نشره مع تعديل طفيف :
يحتفل العالم اليوم “الاثنين” باليوم العالمي للإذاعة الذي بصادق الثالث عشر من فبراير من كل عام حيث اختارت المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم “اليونسكو” هذا اليوم الذي يتزامن مع انطلاقة إذاعة الأمم المتحدة في العام 1946م .. ونحن نحتفل بهذا اليوم قد يتبادر الي الاذهان “فورست” ثم “ماركوني” وذلك عندما تم اطلاق اول صوت إذاعي
ثم تطورت المسيرة حتي شملت كل العالم بصوت لاسلكي ينبعث عبر الاثير في صورة مذهلة للغاية .. وعبر هذه الموجات الاثيرية التي تدور في الفضاء يأتي الصوت بصورة فنية ومن ورائه مهندسين وفنين .. نعم قد لا نتعرف على فنيات الصوت الدقيقة من اين أتت؟ وكيف صممت؟ ونحن نمسك بمؤشر الراديو في حركة اثيرية نبحر خلالها على كل محطات الراديو عالميا ومحليا.
فالسودان عرف الراديو كما وثق له التاريخ في العام 1940م مع بداية الحرب العالمية الثانية في بث كان يستمر لمدة نصف ساعة فقط بمبني البوستة بأم درمان وذلك عبر مكبرات صوت وزعت في عدة أماكن بأم درمان .. ثم ازدادت عدد ساعات البث وهكذا تطورت المسيرة الاذاعية بالسودان حتي ظل الراديو هو الوسيلة الوحيدة التي عن طريقها يتم معرفة الاخبار بمختلف أنواعها الامر الذي ادي الي خلق علاقة حميمية بينه وبين جمهور المستمعين “الأعزاء” (كما يحلو إضافة الأعزاء مع المستمعين) حتي توطدت العلاقة بينهما وذلك في وقت لم يكن هنالك انتشارا كثيفا لوسائل الاعلام الأخرى كما ان الإذاعة تعد الأكثر انتشارا بحكم وصولها للمناطق البعيدة وفي كل الأوقات
فتاريخ الإذاعة السودانية الجميل جعلها تحتل مكانة مرموقة في المجتمع السوداني .. فكانت “هنا ام درمان” إذاعة “جمهورية السودان الديمقراطية”.. ثم الإذاعات الولائية التي وثقت للتراث والفكر والثقافة بكل ولاية وذلك حتي يتم التعرف على الإرث الثقافي والفكري بكل ولاية خاصة وان السودان متعدد الثقافات مما جعلت من انسانه إنسانا مختلفا يجعلك من السهل ان تميزه من بين بقية الشعوب الأخرى
فعبر “الراديو” تعلمنا السياسة والاقتصاد والاجتماع والبرامج الدينية والثقافية والادب والفنون والدراما ..بأسلوب سهل ياتي بعبارات سهلة الهضم بصوت جهوري من صفوة تم اختيارهم بعناية فائقة
هذه هي الإذاعة التي نحتفل بيومها العالمي وهي تقدم برامجها في قوالب متعددة كتعدد قوالب مستمعيها “الاعزاء”
فالتحية لكل من ساهم وعمل بالإذاعات المختلفة بالسودان، مركزية كانت او ولائية او اذاعات ال( F M) وهو يساهم بطريقة او اخري في نشر المعرفة والاخبار المتنوعة من خلال برمجة إذاعية يومية او أسبوعية .. يعرف المتلقي تاريخها ويحفظ زمنها عن ظهر قلب وحينها يدير مؤشر الراديو لكي يستريح في ظلالها وأقول هنا انني كنت ومازالت اعشق الإذاعة والاستماع لبرامجها المتنوعة فمنها استفدت وتعلمت الكثير
اذآ نقول فان الإذاعة ستظل كما عرفناها في خدمة المتلقي ورفعة البلاد واذكر هنا ومن خلال جولاتنا في العمل الصحفي بمناطق الزراعة كان كثير ما يلفت انتباهي اقتناء الكثير من المزارعين ل “الراديو” وهم يستمعون عبره للإرشادات الزراعية التي خصصت للمزارعين وارشاداتهم خاصة وان السودان بلد زراعي كما ان البرامج الاذاعية سهلة الوصول للمزارعين وهم بالحقول
ومنها على سبيل المثال:
مننا يا مزارع ليك الف تحية
مادام كل حياتنا أسبابها بالطورية
يارمز الوجود تخضر فروع مروية
يا امل البلاد عاقدين عليك النية
انت تخدم في الهجير لا ضل ولا شمسية
وكلك املك تشوف وطنك علاه ثرية
وأيضا:
في الجزيرة نزرع قطنا
نزرع نتيرب نحقق امالنا
كل هذا كان يتم عبر الإذاعة ليلهب حماس المزارعين في برامج زراعية متنوعة
فالتحية لكل الاذاعيين الذين تعاقبوا علي المسبرة في برامج ستظل في ذاكرة الامة السودانية
وكل عام “وهنا أم درمان” وكل الإذاعات مجتمعة بخير