لا يعقل أبدا أن يعتمد شعب متحضر أسلوبا غوغائيا وتهريج مخجلا في مواجهة اﻷخطاء الفادحة التي ترتكبها حكوماته فبدلا من أن يخرج للاحتجاج والضغط على حكومته لتغيير سياستها واجبارها لوقف تفريطها في حقوق السودان وممتلكاته ومنع التغافل عن تهريب ثرواته بطرق رسمية او عن طريق التحايل أو اتخاذ خطوات فعلية وضاغطة ﻷستعادة جزء عزيز من ارضه، ينشط كثير من أبنائه من أجل الخروج احتجاجا على زيارة الرئيس المصري أو مهاجمة المصريين ﻹفراطهم في استغلال موارد السودان بمباركة من الحكومات السودانية أو دون رضائها.
المنطق يقول الفيل الذى يستحق الطعن هو الحكومات السودانية التي ادمنت التفريط في ثروات السودان واراضيه وموارده.. وليس ظل الفيل (الحكومات المصرية التي ادمنت اﻹفراط في استغلال مواردنا) كما نمارس نحن اﻵن .
التصحيح يبدأ بمواجهة الشعب صاحب الثورة وصانع التغيير لحكومته وان يحاصرها حتى تتخذ من القرارات والخطوات التنفيذية ما يحفظ للسودان كرامته وعزته وموارده.
الشعب السوداني عليه ان يجبر قادته ليكونوا بقامة وطنهم وكرامة شعبهم وان تكون رسالتهم ومنهجهم مواكبا للتغيير الذي حدث ، فلا مجاملة فى الثوابت التي من اجلها خرج الشعب وشبابه الثائر إلى الشوارع وفي مقدمتها الحفاظ على أرض السودان وموارده والتعامل مع اﻵخرين بندية بخلق شراكات واضحة يستفيد منها السودان اولا مع تأمين حق شركائه فى توظيف تلك الموارد.
والسؤال المنطقي الذي يفرض نفسه بقوة هو ما ذنب مصر اذا فرط السودان في ارضه وثرواته ؟؟ فالقرار بيد السودان والحكمة تقول ان الدولة الناضجة لا تترك ثغرة طالما انها قادرة علي اتخاذ القرار الصحيح والتأسيس لشراكات متوازنة تعود بالنفع للشعبين الشقيقين بعيدا عن التهريج والتصرفات السوقية المبتذلة..
الحكومة السودانية في حالتها الراهنة مع المصريين ينطبق عليها المثل العربي الشهير (يداك اوكتا وفوك نفخ)
وقصة المثل ان رجلين كانا في سفر ويحمل كل واحد منهما قربة ماء لزوم السفر ، وعندما وصلا نهرا وارادا العبور افرغ كل واحد منهما قربته ونفخها ثم ربط كل منهما قربته بيديه ثم استخدم كل واحد قربته للسباحة بها، وعندما وصلا عمق النهر تفاجأ احدهما بترسب الهواء من قربته واصبح في مواجهة الغرق الحتمي فصاح لصاحبه مستنجدا فجاء رد صاحبه (يداك اوكتا وفوك نفخ) بمعني انك انت من نفخ الهواء بقربتك ويداك هي التي ربطتها.
فذلك المثل ينطبق علينا. نعم نحن من نفرط ولذا يجب ان نلوم انفسنا ونحاسب حكوماتنا.