أصدر بنك السودان المركزي بتاريخ 12 أبريل 2022 منشوراً قضى بتعديل سقف التمويل الأصغر للقطاعات الإنتاجية، الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، والقطاع الصناعي، والقطاع الحرفي. ليكون السقف مليون وخمسمائة ألف جنيه. والقطاعات الأخرى الخدمي، الأسر المنتجة، القطاع التجاري وغيرها بمبلغ سبعمائة وخمسون ألف جنيه. كما رفع البنك سقف التمويل الصغير الى ثلاثة مليون جنيه.
هذا منشور إيجابي ومفيد من حيث القيمة والتوقيت، وكما هو معلوم فإن التمويل الأصغر مقصود به الأشخاص النشطين اقتصادياً، وأصحاب المبادرات الاقتصادية خصوصاً من فئة الشباب، من الذين لا يملكون ضمانات تقليدية مثل الأراضي والعقارات. والتمويل الصغير مقصود به الأشخاص وأسماء الأعمال والمجموعات التي لديها مشروعات أو أنشطة، وتملك ضمانات مختلفة عقارات أو أراضي أو أصول مالية أخرى.
المبلغ المحدد كسقف للتمويل الأصغر يعادل حوالي 2500 دولار أمريكي، بينما يعادل المبلغ المحدد كسقف للتمويل الصغير 5000 دولار أمريكي. وعلى ضآلة المبلغ بالعملة الأجنبية، الا أنه في ظروف السودان يعتبر لا بأس به، خصوصاً فئة المزارعين الصغار، والرعاة التقليديين، وجامعي الصمغ العربي، الذين يمثلون قطاعاً سكانياً واسعاً قد يتجاوز عدده 60% من سكان السودان. ويمثلون أغلبية السكان النشطين اقتصادياً بنسبة قد تتجاوز 80% من هذه الفئة.
ان الزراعة التقليدية، والرعي، وطق الصمغ، في مناطق أواسط وجنوب السودان تمثل أنشطة رئيسة للسكان، ودخول البنوك ومؤسسات التمويل الأصغر في تمويلها بهذه المبالغ المعتبرة سوف يؤدي لتحريك جمود الاقتصاد، وضمان الأمن الغذائي لمجموعات مقدرة من السكان. وسوف يؤدي تحريك هذه القطاعات لتنشيط قطاعات فرعية أخرى مثل قطاع النقل وقطاع التجارة الداخلية.
يمارس السكان في شمال السودان حالياً أنشطة جديدة لم تكن معروفة من قبل، هم تقليدياً كانوا يمارسون الزراعة على طول نهر النيل، والتجارة مع مصر على نحو محدود. الآن دخل نشاط التعدين التقليدي عن الذهب، والخدمات المتعلقة به، من ورش اصلاح المعدات الثقيلة، وتقديم كيماويات وطواحين استخلاص الذهب، وتقديم المياه والأكل، والنزل الصغيرة ومعسكرات الاقامة في مختلف المناطق. وهذه أنشطة يتعين على البنوك ومؤسسات التمويل الأصغر تجهيز صيغ مصرفية مناسبة لتمويلها لأنها أنشطة هامة جداً وذات عائد ضخم للغاية.
لا بد أن يواكب زيادة الأسقف وضع خطط لزيادة انتشار البنوك ومؤسسات التمويل الأصغر في الأرياف البعيدة عن المدن، ومواقع التعدين عن الذهب، مع تعميق الشمول المالي باستخدام التطبيقات والوسائط التقنية الحديثة بمساعدة شركات الاتصالات، التي من واجبها الانتشار في الأرياف. كما ينبغي على الهيئة القومية للاتصالات تغطية الأماكن التي لا تصلها شركات الاتصالات بتقنية V.SAT بتمويل من صندوق دعم المعلوماتية التابع للهيئة، وإلزام شركات الاتصالات بتفعيل تقنية USSD التي تتيح التحويلات المالية عبر أجهزة الموبايل غير الذكية (الربيكا). والله الموفق.