نعمات النعيم : تكتب
نفخر ونعتز جدآ بريفنا وجذورنا التى تمتد وتنتشر فى كل بقاع السودان نتباهى ونتحدث بعلو الصوت فى رحلاتنا الخارجية بأننا أبناء الريف السودانى وليست المدن المصنوعة .نختلف فى مجالسنا بحسب إنتماءاتنا السياسية والفكرية ودرجاتنا العلمية ولكن يجمعنا شئ واحد (قد اتينا من الريف السوداني) الذى أعتقد انه لا زال يحتفظ باخلاقه وعاداته وتقاليده وتراثه و(ثرائه) نعم ثرائه كل موارده وثرواته معادنه والذهب يتصدرالقائمة كذلك بتروله .
يزخر الريف السودانى بالغالى والنفيس الريف ينتج والحضر يستهلك . الريف السودانى هو المنتج (السخى) والحضر هو المستهلك (النهم ).
تختل المعادلة ليصبح الريف طاردآ لقاطنيه رغم كل مافيه من خيرات تجعل من السودان سلة غذاء العالم ( إذا صدقت النوايا وأصبح الوطن هم كل سودانى ). الحضر بكل مافيه من جواذب تجعل إنسان الريف ينظر لكبرى المدن بشغف ولهفة فى إنتظار سانحة تمكنه من الوصول الى هذه الحواضر والمدن .تتلاشى الآمال وتتبدد الأحلام حين يصطدم بأولى بواباتها ومداخلها .
لم تعد المدينة جاذبة كما يظنها البعض. أصبحت المدينة ياقوم معقل الجريمة وبؤرة الفساد والإنحلال الأخلاقى والجهر بالمعصية وتشهد على ذلك وسائل التواصل الإجتماعى والتى نصفها أحيانآ بوسائل التفكك الإجتماعى .
نحزن حينما نرى جبال من النفايات تحاصر كبرى المدن رغم حملات النظافة الموسمية ( بأجندتها الخفية والظاهرة ) والتى تبدأ لتنتهى فى حينها .نكتب ونتحدث كثيرآ عن الدعوة لنظافة وتجميل مدننا لا غيرنا فقد بح الصوت وتعبت الانامل لكن لم تضعف عزيمتنا و قناعاتنا برسالتنا والطرق على المواضيع التى تهم المواطن فى حله وترحاله .
إرتفاع معدلات جرائم السرقة والقتل والإغتصاب وإنتشار المخدرات بكل مسمياتها وانواعها وكثير من الظواهر السالبة يدق ناقوس الخطر ويرفع مؤشره فى اعلى درجاته . لم تعد المدن آمنه وبالتالى لن تكن جاذبة .
يتمدد الخوف وتعلو الانفاس وتزداد دقات القلب بسبب تطور هكذا جرائم تطورآ متسارعآ ليكون مهددآ أمنيآ ليس على مستوى المدن بل يتعداه للريف ذاك الملاذ الآمن .
نتجاذب اطراف الحديث حول الوطن السودانى بريفه وحضره مع كثير ممن يربطنا بهم حب الوطن وعشق ترابه من أبناء الوطن بالداخل والخارج عبر المحيطات والقارات .نفتح الجراح لنظافتها ومن ثم نضمدها . يصطدم بعضهم بواقع الحال ….يجتهد أخرون فى تغيير الصورة السالبة عن والوطن وان الأوطان تبنى بجهد ( الرجال) .وتظل فئة ثالثة فى خندق المتفرج .
إختلال عجلة التنمية رغم ثراء الريف يجعل الريف طاردآ ويشجع على الهروب منه لمدن بعيدة قد تكون ( فى ظن الكثيرين) الملاذ الآمن كم ذكرت . نعم التنمية غير المتوازنة تدفع ببعض الفئات للخروج عن المألوف والبحث عن سبل عيش تحيد عن الطريق القويم .
التنمية بكل مسمياتها من متوازنة الى مستدامة والعام ٢٠٣٠ ليس ببعيد عن تحقيق اهداف هذه التنمية فى كل محاورها . تبدا التنمية الحقيقية من الريف الذى يزخر بكل الموارد ( التى تتكالب عليها الامم) ولكن صراع الجبابرة وحب السلطة والثروة جعل الساسة ومنذ عقود مضت ينشغلون بالبحث عن مقاعدهم ( المؤقتة) .
يرى الخبراء المراقبون والمهتمون بان حل ازماتنا الإقتصادية فى الزراعة …والزراعة ياقوم فى الريف السودانى الذى نظم له الشعراء اجمل القصائد وتغنى له عمالقة الفن الأصيل (ليس فن السب والشتم والباقى ألحان غير شجية ) .
دعوتنا ان نهتم بالريف وخيراته وموارده وان نستثمر فى هذه الموارد ( الطبيعية والبشرية ) حتى لا تكن الهجرة من الريف الى المدن برنامجآ ممنجهآ يزيد من مشاكل المدن التى تريفت وأصبحت أشباه مدن لا تحمل جمال وبهاء الريف وإنسانه ولا هى مدن تضاهى كبرى المدن فى دول الإقليم ناهيك عن العالم الأول والمتقدم.