من المعلوم أن الوضع الإقتصادي العربي في جانب توفير الغذاء ووفرة المياه لايبشر بخير خلال العقود المقبلة هذآ من واقع التقارير المتلاحقة الصادرة من المنظمة الدولية بجانب التقارير الاقتصادية الصادرة من عدد من الدول العربية مما حدا بالمملكة العربية السعودية حسب وكالات انباء( إطلاق مبادرة الشرق الأوسط الأخضر لإحداث أثر إيجابي يتجاوز مجال البيئة للمساهمة في خلق فرص اقتصادية ضخمة..في المجالات الزراعية
كما ستؤدي التنمية المستدامة الناجمة عنها إلى دفع عجلة التنويع الاقتصادي وتوفير فرص العمل وتحفيز استثمارات القطاع الخاص في عموم المنطقة، مما يعود بالنفع على الأجيال المقبلة ويفتح الآفاق أمام المستقبل الأخضر ) فاننا نجد أن الدول العربية أكثر مناطق العالم اعتمادا علي المصادر الخارجية في الغذاء حيث تمثل السلع الغذائية الرئيسية نسبة كبيرة من واردات الدول السنوية والسودان ليس بمناي عن ذلك حيث تأثرت البلاد خلال الفترات الماضية بالحصار الاقتصادي وشح المورد وضعف التمويل لكافة مشاريع البنية التحتية المتعلقة بتوفير الغذاء.
بالرغم من ذلك بذل السودان خلال السنوات الماضية جهدا كبيرا في إقامة عدد من مشروعات السدود مثل سد مروي وتعلية سد الرصيرص وسد سيتيت وأعالي عطبرة بجانب السدود الصغيرة ضمن مشروعات حصاد المياه .. إلا أن جميع هذه المشروعات ماتزال بعيدة عن الاستقلال الأمثل المتعلق بإقامة المشروعات الزراعية المصاحبة حيث اكتفت بتوليد الكهرباء
بالرغم من وجود الدراسات الطموحة المتعلقة بقيام مشروعات عملاقة حول بحيرات هذه السدود .. لذلك تظل أهمية إتجاه الحكومة للاستفادة من هذه المشروعات رهين بالاستقرار السياسي والانفتاح حول تحقيق المصالح المشتركة لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي بعيدا عن التدخلات الاقليمية التي ربما تلزم الحكومة الاتجاه الي مجالات أخرى في الإستثمار بعيدا عن المصالح الاستراتيجية للسودان كدولة تتطلع الي دعم اقتصادها وتحقيق التنمية المستدامة لشعبها.. وذلك لأن الإتجاه إلى المشروعات ذات الأثر الباقي ربما تتعارض مع المصالح الاقليمية والدولية التي تبحث عن الاستثمارات الاقتصادية ذات العائد السريع مثال ذلك الإستثمار في مجال المعادن والمواني وخلافه.. باعتبار أن الإستثمار الزراعي او الإستثمار في الثروة الحيوانية او في مجالات الطاقة مهدد بالعديد من المخاطر يأبي راس المال الدخول فيها والصبر على نتائجها..
لذلك يجب علي الحكومة النظر لهذا الأمر بعين الاعتبار وتحديد خارطة استثمارية إستراتيجية تبدأ بالزراعة وتطوير الثروة الحيوانية وقطاع الطاقة المحرك لعجلة الإنتاج كأولوية نظرا لان السودان يتمتع في هذا الجانب بإمكانات تفتقر لها العديد من الدول ثم من بعد ذلك تضمين المشروعات الاخري كأولوية ثانوية.
بالمقابل هناك واجب ودور أساسي على حكومة السودان في جذب الاستثمارات العربية خصوصاً ان بلادنا ظلت تجدد طرحها لبرنامج الأمن الغذائي العربي في عدة محافل وتتطلع من خلال ذلك الي إقامة إصلاحات اقتصادية وتنموية وتهيئة البنية التحتية وتسهيل حركة الصادرات وتحفيز وتشجيع تدفق الاستثمارات العربية والأجنبية.. من أجل زيادة الناتج المحلى سواء في قطاع الزراعة او الثروة الحيوانية أو في قطاع النفط والتعدين حتى تضمن جذب مزيد من المستثمرين وضمان تدفق الأموال الناتجة من هذه الاستثمارات لإنعاش الاقتصاد السوداني .
لذلك فرص السودان تعد كبيرة اذا افلح في إلزام المستثمرين بمشروعات الأولوية ذات الأثر التي تحدث الاستقرار التنموي وتنعش الاقتصاد وتنعكس ايجابيات علي حياة المواطن ومحاربة البطالة وفي ذلك أيضا تحقيق للتكامل الاقتصادي العربي اذا جدت الدول العربية في الاتجاه الي هذا الجانب من واقع تجاربها الناجحة مع السودان عبر الصناديق العربية وهنا أعني المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية ودولة قطر والبحرين وسلطنة عمان وغيرها فالسودانيون في هذه الفترة يتطلعون الي دعم الدول ألشقيقة والصديقة مثل الصين في إقامة المشروعات المنتجة لفائدة الجميع من واقع التأثيرات الاقليمية التي حدثت جرا الحرب الروسية الاوكرانية والجفاف الذي يهدد اروبا والعالم وتأثر سلاسل الامداد .
كماان مشكلة نقص الغذاء وخاصة القمح ليست مقصورة علي بلد معين بل تشمل كافة البلدان العربية التي تشهد تزايد في عدد السكان وهي لم تعد مجرد مشكلة اقتصادية بل أنها أصبحت في المقام الأول مشكلة سياسية فإن المجاعة باتت مهددا حتميا خصوصا منطقة شمال وغرب أفريقيا حسب المنظمة الدولية..لذلك لابد من تضافر الجهود لتعزيز الأمن الغذائي عبر ثورة زراعية شاملة.
وهذا يقودانا الي سؤال تأسيسي اَي سيادة للبلدان اذا كانت تستورد أكثر من نصف غذائها من الخارجً واي كرامة لشعوب تعاني من شح الغذاء ومهددة بالجماعة.. لذلك علي بلادنا الإتجاه من فورها نحو استحداث خارطة زراعية استراتيجية متوازنة من خلال تحديد المشروعات ذات الاولوية وسن القوانين والسياسات الملزمة لجميع الاطراف والشركاء وتطوير بنيات الري واحكام العمل الإداري واتاحة فرص التدريب الممنهجة لإقامة المشروعات الزراعية الحديثة وتطوير توطين صناعة الأسمدة الزراعية بالاستفادة من تجارب الدول الشقيقة والصديقة في هذه المجالات.. لتجنيب البلاد الانهيار الشامل للإقتصاد الذي بات ينحدر بشكل مخيف نحو الهاوية ومن مظاهره ذلك مانعيشه واقعا من تفشي للفقر والبطالة وسوء توزيع الخدمات وانخفاض عائدات القطاع الانتاجي وتدني المستوى المعيشي للمواطنين ونشوب النزاعات الاهلية والنزوح وكذلك التدهور المستمر في هذه المرحلة للبنية التحتية التي تعتبر العامل الاساسي لنمو الاقتصاد ونهصته..هذه إذن بعض عناصر الأزمة الغذائية وازمة الإنتاج في بلادنا بجانب مظاهر مشابهة في عالمنا العربي حيث يحتاج كل ذلك الي روية واضحة من قبل حكومتنا السودانية التي تمتلك العديد من الفرص لتحقيق التنمية والاستقرار للدول العربية ودول الجوار الافريقي كما يجب أن نتعامل مع هذه المعطيات بطرق علمية ووفق خطط تنموية شاملة تنهض بكافة القطاعات الإنتاجية في بلادنا وتنطلق من الاعتماد علي الذات واحترام السيادة الوطنية وتكافؤ الفرص الاستثمارية بين الأشقاء والأصدقاء في استغلال الموارد المتاحة حسب أولويات الحكومة الملحة دون التقييد براغبات الإرادة الاقليمية او الدولية والتي تفرض أولويات بعينها دون النظر لأولوياتنا الوطنية في النهوض بالاقتصاد.. لذلك لابد من استمرار الجهود ورسم الأولويات بما يزيد فرص بلادنا في تحقيق التكامل الاقتصادي العربي بعيدا عن التدخلات الإقليمية لضمان استقرار الاقتصاد حسب الأولويات العاجلة وحسب المشروعات ذات العائد السريع دون الاخلال برؤيتنا في الخروج ببلادنا من هذه المرحلة المعقدة التي تنشط فيها الاطماع الإقليمية والدولية.
دمتم بخير.