الرئيسية » المقالات » قيد في الأحوال[لواء شرطة(م)عثمان صديق البدوي]لم يكن اختيار ضباط الشرطة في السلك الدبلوماسي من محض الصدفة !!

قيد في الأحوال[لواء شرطة(م)عثمان صديق البدوي]لم يكن اختيار ضباط الشرطة في السلك الدبلوماسي من محض الصدفة !!

شرطة(م)عثمان صديق البدوي

الدبلوماسية في اللغة تُستخدم للدلالة على نمط السلوك واللباقة والكياسة التي يتحلّي بها الإنسان في علاقاته الإجتماعية. وفي الشأن العام الدبلوماسي هو الشخص الذي يتم تعيينه بتولي أمور بلاده في دول الغير ، ومتابعة شؤونها في المجالات المختلفة ، ويدافع عن حقوق مواطنيه في تلك الدول .
والدبلوماسية في العالم ليست لها تخصص معيّن، وأهم ميزات الشخص الذي يتقلّد هذا المنصب هو كيفية تقبُّل الآخر ، وطرح المواضيع، ورفض المغريات، وعدم التّسرُّع في إطلاق الأحكام ، والتوفيق بين رأيين، والحرص على المجاملات الإجتماعية، والحضور المميز فيها .
معلوم في دول العالم أنّ الدبلوماسية قامت بموجب إتفاقية في العام 1961 في مؤتمر عُقِد في فيينا لتكريس مفهوم العلاقات الدولية بين الدول والأمم .
ولمّا كان السودان من أوائل الدول التي انضمت لمنظومة الأمم المتحدة ، فقد كان حاضراً ، وكان ممثلوه في الخارج يتم اختيارهم من الذين يتمتّعون بعلاقات حميدة وسط مجتمعاتهم ، وفاقد الشيئ لا يعطيه، إذ لا يكمن اختيار من يمثّل السودان وهو لا يملك أدنى قدر من الترابط وأواصر الإخاء ، فمن يحمل تلك الصفات بالتأكيد سيؤطر لعلاقات متينة وقوية بين الدول تكون محل احترام الدولتين.
ونحن نعيش فرحة عيد الأضحى المبارك هذه الأيام ، إذ تزداد فرحتنا بصدور قرارات رئاسية بتعيين سفراء بوزارة الخارجية ، منهم أخوان عزيزان من الدفعة (47) هما ، الأخ الفريق شرطة د عثمان محمد يونس، والأخ اللواء شرطة م بشري أحمد إدريس. ولمّا كان أساس الدبلوماسية هو السلوك الحسن واللباقة والكياسة، فقد كان اختيار هذين الأخوين لم يخرج من هذا المصطلح ، وبدون مجاملة ، فقد جمعتنا الدفعة (47) بهما، ونُشهِد الله لم نعرف عنهما غير تلك اللباقة والكياسة والأخلاق الحسنة والتواضع الجم ، وفوق ذلك ما يتمتّعان به من خبرة طويلة في الشرطة بالتعامل مع كل الناس، وعن معرفة بثقافة الدول وخاصةً الأفريقية، وهنا تسهل المهمة وفن التعامل والتعاون وتعزيز أواصر الترابط بين الدول.
ولم يكن تعيين ضابط شرطة في السلك الدبلوماسي بدعة جديدة ، أو صدفة ، وفي تاريخ السودان تم تعيين اللواء شرطة بابكر الديب سفيراً لجمهورية مصر العربية، وتم تعيين ملاحظ البوليس عمر عديل في وظيفة قنصل للحكومة في أكتوبر من العام 1955، وقد أنجز مهمته بنجاح
بل كانت نواة لوزارة الخارجية السودانية، حين أسّس مكاتبها،وفتح سجلّاتها، وأهّله نجاحه ليشغل منصب مساعد وزير الخارجية، وسفيراً متجولاً ، وفي ديسمبر 1959 تم اختياره مندوباً للسودان بالأمم المتحدة.
وثاني الشخصيات التي تم اختيارها للعمل في الدبلوماسية السودانية من البوليس هو السيد امين الشاذلي، أول مدير لبوليس مديرية الخرطوم ، حيث اختير قنصلاً بأثبوبيا
والثالث كان السيد أب شرا قنصلاً بيوغندا. وتتوالي التعيينات في هذا المجال من ضباط البوليس بعد أن أثبتوا نجاحهم وجدارتهم ، فكان النقيب فضل عبيد ، الذي عمل سكرتيراً بسفارة السودان بجدة ، ثم سفيراً بالكنغو والسعودية ووكيل للخارجية في أبريل 1970، يليه القمندان محمد السيد الباقر ، والذي عمل سفيراً باليونان ويوغسلافيا، ثم الحكمدار محمد ميرغني مبارك ، والذي عمل سفيراً بكل من إثيوبيا ومصر والكنغو، ثم وزيراً للخارجية من العام 1981 وحتى 1983، وآخرهم السيد الفريق الحردلو.
إذن كان تعيين الأخوين، عثمان، وبشرى، من خلفية تاريخية بوليسية كان لها الفضل بعد الله في تأسيس عمل السلك الدبلوماسي، بل وزارة الخارجية السودانية، وليس غريباً على البوليس، فقد كانت مدرسة البوليس تُخرِّج الضابط الإداري الذي يدير عمل البلديات والمحافظات والأقاليم، بل كان ضابط البوليس وحتى اليوم يجمع بين العمل الإداري المُرتّب والأمني المُنضبِط ، وفوق ذلك ما أكسبه صميم عمله من علاقات إجتماعية واسعة، جعلته محل احترام الجميع .
أحر التهاني وعاطر التحايا للأخوين العزيزين جداً الأخ الفريق شرطة د عثمان محمد يونس، والأخ اللّواء شرطة م بشري أحمد إدريس، وهما الأجدر لتولي هذين المنصبين، وقطعاً سيكون النجاح حليفهما بإذن الله تعالى ، سائلينه تعالى أن يوفقهما والزملاء الذين تم تعيينهم بوزارة الخارجية.