إنّ النزاع الحدودي بين السودان وإثيوبيا نزاع قديم ومنذ الإستعمار ، تعود أسبابه إلى الأرض الخصبة (منطقة الفشقة) وهي تتكون من ثلاث مناطق ، هي الفشقة الكبرى، والفشقة الصغرى، و المنطقة الجنوبية . وهي أشبه بجزيرة ، لوجودها بين ثلاثة أنهر، هي نهر ستيت شمالاً، ونهر عطبرة غرباً، ونهر باسلام جنوبا وشرقاً.
إنّ أول إتفاقية أُجريت بين السودان وأثيوبيا بسبب هذا النزاع في عام 1902، حيث جري رسم خط "قوين"، وتم الترسيم بواسطة البريطاني تشارز قوين، وأصبح الخط يُعرف بإسمه ، وذلك أثناء فترة الحكم الثنائي للسودان.
في العام 1972 وقّع السودان وأثيوبيا اتفاقاً بشأن القضايا الحدودية على خلفية مصادقة الاتحاد الإفريقي عام 1963 على عدم تغيير الحدود المرسومة بواسطة الإستعمار واعتمادها حدود فاصلة بين الدول ، وبالتالي أصبح خط "قوين" هو الخط المعترف به دولياً بين السودان وأثيوبيا.
في العام 1995 شهدت المنطقة وجود أثيوبي مكثف، ودخلها الجيش الأثيوبي ، وانسحب لاحقا ، لكن نقص السكان السودانيين في تلك المناطق أغري الأثيوبيين، وخاصة سكان إقليم أمهرا بالتواجد فيها وزراعتها، وساعد في ذلك لتأجير السودانيين مزارعهم للسكان الأثيوبيين
وفي ظل هذا التواجد الأثيوبي وتباعد السكان السودانيين تسلّلت عصابات الشفتة المكونة من جنسيات مختلفة وهي تمارس شتى أنواع الجرائم من قتل ونهب وتجارة مخدرات، مما خلق ذلك بيئة صالحة لتهريب السلاح والهجرة الغير شرعية وجرائم الإتجار بالبشر ، حتى قويت شوكة تلك العصابات، وأمست تمارس عمليات نهب القرى السودانية والهجوم على المزارعين واختطافهم مقابل الفدية التي انتشرت وأصبحت مكسباً سهلاً
وبهذه الإنتهاكات من عصابات الشفتة أصبحت مناطق شرق نهر عطبرة خالية من السكان السودانيين، الأمر الذي مهد لسكان إقليم أمهرا بالتمدد داخل الأراضي السودانية بمساعدة عصابات الشفتة. لكن منذ العام الماضي عمد الجيش السوداني على فرض سيطرته على كل أراضي الفشقة، ولأول مرة ومنذ ربع قرن يدخل الجيش مناطق تسيطر عليها عصابات الشفتة، حيث فرض سيطرته على منطقة تقراي ومعسكر خور يابوس واسترداد منطقة القريشة الزراعية.
حملت الأنباء خلال اليومين الماضيين تصاعد التوتر بين السودان وأثيوبيا، بعد اتهام الخرطوم الجيش الأثيوبي بإعدام سبعة جنود سودانيين ومدني كانوا أسرى ، الأمر الذي دعا لاندلاع الإشتباكات بين الجيش السوداني ومليشيات أثيوبية ، ووفقاً لبيان الناطق الرسمي للجيش السوداني بزيارة القائد العام للقوات المسلحة منطقة الفشقة وتوعده بالرد على الموقف الذي وصفه بالغدر ، وحسب الجزيرة أنّ معبر القلابات قد تم إغلاقه.
وعلى ذات الصعيد ، فقد شرعت الحكومة السودانية في تقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن والمنظمات الدولية والإقليمية بشأن مقتل سبعة أسرى من الجنود السودانيين ومواطن مدني بعد اختطافهم من داخل الأراضي السودانية، وتم استدعاء السفير الأثيوبي وإبلاغه بشجب وإدانة السودان لهذا التصرف .
ومن الجانب الأثيوبي، فقد نفت إثيوبيا إعدام جنود سودانيين، مفيدة أنّ مليشيات محلية قامت بقتلهم .
أياً كان الذي حدث في حدودنا الشرقية ، إن كان من مليشيات أثيوبية تفقد الحكومة الأثيوبية سيطرتها عليها، أو وقع من الجيش الأثيوبي، فالأمر في الحالتين هو اعتداء سافر وانتهاك لحرمات دولة لها سيادتها وخرق أعراف دولية بقتل أسرى .
حدث الإعتداء وتزامن ذلك مع حراك ثوري يتم الإعداد له بوتيرة متسارعة بخروج الشارع يوم 30 يونيو، وقد بدأ التوجس من تحليل وكالات دولية بأنّ مخابرات دولية وراء ما يحدث في حدودنا الشرقية لجعل الجيش السوداني ينشغل بالفشقة، ويتم عمل تخريبي كبير يستغل جو خروج الشارع ، ليخلق فوضى عارمة ، وتضرب تلك المخابرات عصفورين بحجر .
بالمناسبة البعثة الأممية، والآلية الثلاثية لم يعد يُسمع لها صوت.. "إن شا الله المانع خير"… "ولّا عاوزين يشوفوا آخرتا.. وبالتالي.. نتيجتا "!
….. إلّا أنّ :
الواعي ما بوصّو
والسودان محروس بالعناية الإلهية بإذنه تعالى ، ودعوات الصالحين .
اللهم وبركة هذه الأيام المباركات، أمِّن بلادنا من كيد الكائدين وحقد الحاقدين .