بعد أن تم حرق ونهب محتوياته وعهدته ومعروضاته وأماناته، بواسطة جماعات تخريبية تسلّلت من خلال التظاهرات ، تجري الاستعدادات في هذه الأيام ، وبجهد مشترك بين أهل حي الصافية وبين الشرطة، لإعادة القسم للعمل الجنائي والأمني ، بعد غياب قارب العام.
وما أحوج المجتمعات للشرطة، وخاصةً ، في هذه الظروف الاقتصادية المنهارة التي تولد الكسب الرخيص الدنيء الحرام والإجرام ، في غياب الوازع الديني ، واتهام كل من يدعو للفضيلة بأنه تاجر دين و”كوز كمان”! ، وفي هذا الجو والبيئة الصالحة لنمو الجريمة انتشرت ظاهرة الدعارة داخل بعض الشقق في الأحياء ، فيما يعرف بالقوّادات ، وراجت المخدرات بشتي أنواعها القديمة والحديثة ، من حشيش وحتى “الآيس”!، وأمست في متناول الشباب ، وفاحت روائح العرقي من داخل المساكن العشوائية والعمارات تحت الإنشاء ، والميادين التي أُحتِلّت على عينك يا محليات ! ، ليسهل تناول العرقي ، والذي يصنعه اللاجئون للأسف الشديد لإفساد الشباب والشياب” !.
كل ذلك يحتاج لقسم شرطة جاهز ، بإمكانيات تُسهِّل عملية منع واكتشاف الجريمة، وتحتاج لقوة فاعلة قوية أمينة نزيهة، ورجال خير في الحي “يتمون الناقصة” في القسم من صيانة عربات حوادث ومباني، لشح ميزانية الشرطة ، وشباب يلتحم بالخدمة الثالثة مع الطوف الليلي والدوريات ليحمي الحي وبالتالي يحمي عرضه، أمه وأخته، فالموضوع قد بلغ غايته وأقصي خطورته، عندما يتم اغتيال أسر آمنة داخل منازلها ، وعندما يقتل ابن أحد والديه لوقوعه في تأثير المخدِّر ، وآخر يسرق مقتنيات الأسرة ليعيش في جو آخر مع أقرانه ! . صدِّقوني كل هذه الأحداث تحدث يومياً داخل الأحياء ، بعد أن كنا نقرأ عنها في صفحات حوادث الصحف حولنا من بلدان العالم .
آخر السطور :
() يجب ألا ندفن رؤوسنا في الرمال ، و ننصرف عن واجبات الشرطة الأساسية ، الشرطة السودانية تعاني عجزاً مريراً في قواتها، بسبب عدم الرغبة وضآلة مرتب الجندي الذي هو في حدود السبعين ألف جنيه “مواصلات ووجبة فطور ، فول “!! ، ومرتب ضابط “ملازم” في حدود المائة وعشرين ألف جنيه !!
يعادل مرتب جندي في الجيش ، رغم أنّ المسئولية الجسيمة تقع على الشرطة، جسدياً في مواجهة أعتي المجرمين ، ويومياً، في حين أنّ العدو الذي يواجهه فرد الجيش معلوم ، وفي وقت الحرب ، والعدو الذي يواجهه الشرطي مخفي، ويومياً، وأحياناً كثيرة يغدر به ويباغته ويفاجئه، وفوق ذلك تخوض الشرطة مواجهة مُكرهة فيها، يومية في الشوارع، مع شباب يحمل “الدرق” ويجيد رمي البمبان ، فهي إمّا أن تتصدي، وإما أن تحترق العاصمة ويعم الخراب، وفي النهاية الخاسر هو الشرطة والشباب. ومسئولية الشرطي ، ذهنياً في عمليات التحري وفحص الأدلة الجنائية، وتقديم الخدمة اليومية للجمهور من استخراج شهادة الميلاد، والبطاقة القومية ، مروراً بالجواز، ورخصة القيادة، ورخصة العربة، وتخليص الجمارك وخلافها، بل حتى استخراج شهادة الوفاة ، واستلام عُهد وأختام الدولة، والتي إن غفل عنها ثانية واحدة، تضعه أمام العقاب الرادع ، ورغم هذه الأعباء والمهام الجسام التي تقع على عاتقه، الشرطي يعمل بإمكانيات شحيحة فقيرة ، أقلها انعدام عربات الحوادث في معظم الأقسام بالعاصمة والولايات.
() نتمنى أن تولي ميزانية هذا العام اهتمام بالشرطة بزيادة المرتبات لانخراط الشباب ، لسد العجز وتوفير الإمكانيات، فالجريمة تطورت وتوسعت وتمددت، والشرطة مازالت في مربعها الأول، وفي تناقص، بسبب إنتهاء مدة الخدمة، وبلوغ سن المعاش، والاستقالات، والإصابات أثناء المظاهرات، وإن مضينا على هذا الحال الذي لا يسر البال، سنفاجأ بيومية تمام في القسم ، خالية من قوة، إلا من الرقيب المناوب ومساعده !.
وشكراً لأهالي الصافية حين يعطون الأمن الأولوية القصوى، وأرجو أن تحذو بقية الأحياء حذوهم ، فلا حياة مدنية بدون شرطة مدنية.
وصفّوها “نِيّة”، واجعلوها صافية لبن مثل أهل الصافية من أجل الوطن
وكل عام والوطن بخير
وكل عام والشرطة بخير