مضى أسبوع كامل على الأوضاع المأساوية التي سبّبتها السيول والفيضانات في عدد من الولايات في السودان، والتي أدّت إلى مقتل أكثر من ثمانين مواطناً ، وانهيار آلاف المنازل، وتضرُّر أكثر من خمسة وعشرين ألف ، ونزوح ألفين وخمسمائة، وقطع الطرق .
وكانت المناطق الأكثر تضرراً ، هي محلية المناقل بولاية الجزيرة ، والتي غمرت المياه فيها أكثر من ست وثمانين قرية، خرجت حرائرها في الحر لتنقل الكاميرا دموعهن ! ، ويبكين بحُرقة وأسَي تتقطّع له القلوب ! ، حين فقدن”درّاج الوليّة” و”قشّاش دموع أُم زين”!
ومع هذه المآسي الإنسانية، انقطعت الطُّرق تماماً، الأمر الذي سبّب عائقاً كبيراً أمام دخول مئات شاحنات الإغاثة للمناطق المتضررة ، وظل بعض المنكوبين يسمعون بوصول الجسور الجوية للدول العربية الشقيقة المانحة ، لكن الطرق تقف حائلاً دون وصولها ! .
وما أن نقلت القنوات أخبار كارثة السودان ، حتى تداعت جمهورية مصر وقطر والسعودية والإمارات ، وبإشراف مباشر من رؤسائها ، وعلى إثر ذلك ، سيّرت جمهورية مصر مساعدات إغاثية عبر جسر جوى قوامه خمس طائرات نقل عسكرية محمّلة بأطنان من مساعدات الإغاثة، اشتملت على كميات كبيرة من الخيام والبطاطين والمواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية.
وهبّت قطر الشقيقة عبر صندوق قطر للتنمية وقطر الخيرية، ووصلت المناطق المنكوبة في المناقل بقيادة سفير قطر، السيد عبد الرحمن الكبيسي شخصياً، على رأس تلك الفِرق الميدانية، فقد وصل الرجل بمروحية للمناطق التي عزلتها المياه تماماً، للوقوف على حجم الضرر ، وكانت أول قافلة قطرية محمّلة بعدد خمسمائة خيمة كبيرة، وخمسين طن من مواد الإغاثة.
أما الإمارات العربية ، فقد وجه رئيسها محمد بن زايد بتقديم مساعدات عاجلة بقيمة 25 مليون درهم (قرابة 7مليون دولار) .
أما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، فقد وجه بتسيير جسر جوي عاجل يشتمل على مساعدات غذائية وإيوائية . وهكذا أشقاؤنا العرب كما عهدناهم وقت الضيق والأزمات.
ولكن… تبقى في القلب حسرة !… ورغم هذا التداعي العربي الفوري والدعم العاجل.. إلّا أنّنا وللأسف ، مازلنا في عدم تفاعل مع الحدث الكبير والمأساة الإنسانية، حتى إعلامنا ليس بحجم الكارثة !.
وبتسيير هذه الجسور الجوية من الدول الشقيقة ، ظلت مئات الشاحنات في انتظار فتح الطرق لتغيث الملهوفين ، تقف الطرق عائقاً في وصول الدعومات للمتضررين، والذين هم في حالة يُرثي لها ! ، تقف الطرق عائقاً كبيراً.. ولدينا أكثر من ستين شركة خاصة مُسجّلة وعاملة في مجال الطرق والجسور ، تقف متفرِّجة، مكتوفة الأيدي !! .
إنّ المنكوبين يحتاجون الآن لفتح الطرق لتصلهم مئات الشاحنات المحمّلة بمواد الإغاثة والمأوي والأدوية. هم الآن لا يحتاجون لإغاثات محلية تقف في العراء تتعرّض للتلف والمطر على جنبات الطريق. إنّ فتح طريق المناقل والقرى المعزولة يحتاج لإرادة وطنية صادقة من السلطات والأحزاب ومكونات المجتمع المدني ، وما فائدة هذه المسمّيات إن لم تقف في مثل هذه المواقف الكئيبة العصبية ؟!
والرجال مواقف والأحزاب كذلك !! . وأحزابنا وما يُسمّي بمكونات المجتمع المدني “الفيها إتعرفت” و”كُراع” الإنتخابات “جيّابا”!! .. هذا إن كانت هناك إنتخابات !!.
وحتى لجان المقاومة التي تمثِّل شباب الثورة ، والتي جعلت من التروس شعاراً لها ، لم يحركها الحدث لتنقل تجربة تروسها هناك وتردم السدود وتحمي القرى من الخطر الماثل والقادم ، والخريف في عنفوانه ، وسد النهضة لا نعرف مآلاته حتى الآن ، أهو شرٌ يتربص بنا أم خير؟ !!
من هنا أناشد كل منظمات الشباب ولجان المقاومة، بإيقاف مليونياتها ، ولو مؤقتاً.. لتلحق بركب نداء الوطن.. لتحمل الطواري ، وتفتح الطرق ، وتقيم المتاريس حول القرى .
ومن هنا أناشد شركات الطرق والجسور الخاصّة، لتحرِّك آلياتها اليوم إلى ولاية الجزيرة ، وكل منطقة محاصرة ، وتقف مع سلاح المهندسين ووزارة الطرق والجسور جنباً الي جنب ، لفتح الطرق لإيصال الإغاثة للمتضررين وأخص بالمناشدة :
() الشركة الوطنية للطرق والجسور
() شركة الكوباني للطرق والجسور
() شركة سونا للطرق والجسور
() شركة ساوا للطرق والجسور
() شركة سفاري للطرق
() شركة السلام للطرق والبناء
() شركة البيدي للطرق والجسور
() شركة مورا للطرق والجسور
() شركة هاي لوب للطرق والجسور
() شركة فلاتكو للطرق والجسور
() شركة فقيري للطرق والجسور
() شركة بترو كوست للطرق والجسور
وكل الشركات التي لم يرد ذكرها
ولنذكر “نميم” ذلك الهميم :
ياخوي الصديق بي إسمو ماهُوْ صديقك
لكن الصديق من شاركك في ضيقك
وَكْت الحارّة ديك تلقاهو ديما رفيقك
الناس تتوهِم.. تقول أخوك شقيقك
أسأل الله العلي القدير أن يجعلها آخر الكوارث والمواجع في السودان
والله المستعان