توجّه أمس الأول، وفد عالي المستوى من حزب الأمة القومي السوداني ، وهيئة شئون الأنصار ، بدعوة رسمية من الحكومة المصرية لبحث سبل التعاون المشترك في القضايا التي تهم البلدين، وحسب البيان، سيلتقي الوفد بالحكومة المصرية، ومواقع أخرى .
يري المراقبون أنّ هذه الزيارة يشوبها كثير من الغموض، سيّما وأنها تأتي بدعوة رسمية من “حكومة دولة” ، في وقتٍ فيه أنّ حزب الأمة بالذات في موقف متأرجِح منذ نشوب الأزمة ، ما بين الإقتراب من المكوِّن العسكري في السلطة، والإبتعاد عن تحالف قوى الحرية والتغيير، فهو تارّةً مع اللاءات الثلاثة ، وتارّةً أخرى مع الحوار ! . إذن دعوة مصر لحزب الأمة لا تصب في دعم الحوار الدائر الآن ، لأنّ الحزب خارج دائرته، وبالتالي فاقد الشيئ لا يعطيه ! .
لكن.. وبعد وصول الوفد أرض الكنانة، نطقت رئيس البرنامج الأفريقي بمركز الإهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية “أماني الطويل” وقالت : “إنّ زيارة وفد حزب الأمة للقاهرة خطوة مهمة وأساسية على طريق تعرُّف القاهرة بشكل كبير على طبيعة التفاعلات الداخلية السودانية، والإطلاع على ما يجري في المفاوضات من الأطراف المشاركة فيها، بما تكون له مردودات مفيدة لصانع القرار في مصر، لأنّ السودان يحتل أهمية إستراتيجية للدولة “
خلاصة حديث السيدة” أماني الطويل ” أنّ الحكومة المصرية تريد أن تعرف من حزب الأمة القومي السوداني ما يدور في بلده، ليساعد في صنع القرار المصري، لأهمية السودان الإستراتيجية لمصر .
إنّ استراتيجية مصر في السودان معلومة ، وهي المياه ، والموانئ، والإستثمار. وأمس كتبتُ أنّ مصر والجامعة العربية قد تأخرتا كثيراً في المشاركة والوصول لحلول تنهي الأزمة السياسية في السودان . وخلال غياب مصر والجامعة العربية أكثر من ثلاث سنوات ، مرّت مياه كثيرة تحت الجسر . وأمس الأول ، وعلى هامش منتدى “تانا” لقضايا السلم والأمن ، توافق البرهان وأبي أحمد علي حل القضايا العالقة بالحوار، وهي “سد النهضة” و”قضايا الحدود” وزادوها إحساناً بقيام ” تكامل اقتصادي” بين بلديهما.
وأمس ، من مصادر واشنطن ، كشف السودان أنه يمضي قدماً في محادثات مع دولة الأمارات من أجل الاتفاق على تمويل مشروع بناء ميناء جديد على البحر الأحمر ، ويأتي هذا المشروع بينما تكافح السلطات من أجل دعم البنية التحتية المهترئة للنقل والخدمات اللوجستية، والتي من بينها تطوير مطار الخرطوم باستثمارات تبلغ مائتي مليون دولار.
وأمس وصل إلى حاضرة ولاية جنوب دارفور “نيالا” وفد استثماري روسي للإستثمار في الثروة الحيوانية والصناعات التحويلية في مجال تصنيع اللحوم والمنتجات الحيوانية ، وإنشاء مصنع لحوم تحديداً في مدينة نيالا. وإنشاء مصنع داخل السودان، يعني تصدير اللحوم مباشرة إلى دول العالم ، بدلاً عن تصديرها “حيّة”، وبالتالي يجني منها السودان الفائدة القصوى.
عموماً … أرجو ألّا يعود وفد حزب الأمة القومي وهو يترنّم، ويردّد بأسى بالغ أغنية الراحل أحمد المصطفى :
سفري السّبّب لي أذايا فُرقة وفقدان هنايا
بطرا حبيب أملي ومنايا وأبكي على هذي النهاية
وببكي على تهديم بنايا ليت حبيبي علىّ ناحي
فيك يا مصر أسباب أذايا وفي السودان همّي وعزايا
ولا عزاء لبقية الأحزاب !