ربما كان عنوان رواية الكاتب الروسي (جنكيز ايتاموف) ( يوم أطول من قرن) هو أفضل ما يمكن أن يوصف به اليوم الأول للحرب في اوكرانيا.
فقد عادت أجواء الحرب العالمية الثانية وخيمت بثقلها على كييف. وقد تحققت أسوأ كوابيس اوكرانيا، وأسوأ كوابيس الناتو..
أساء الغرب بقيادة أمريكا فهم رسائل الرئيس بوتين، الإبن المدلل لجهاز المخابرات الروسي الرهيب (كي جي بي).. عندما فسر الغرب طلب موسكو ضمانات غربية بالضعف، وربما بالخوف.. واستدرجوا حليفهم الغبي إلى مواجهة غير متكافئة مع الدب الروسي.. أطعموا سليزنسكي بعضوية الناتو.. حتى إذا جد الجد خذلوه، ولم يعد في وسعهم إزاء الآلة العسكرية الروسية، مايقدمونه لكييف سوى الإدانات، والتهديد بمزيد من العقوبات. بما بمكن ترجمتها بالسوداني ب (وروه العدو.. ووقفوا فراجة)..
ولكل مراقب للمشهد الراهن سيدرك لا محالة، أن الحرب الاوكرانية ستكون (خيمة صفوان) أوربية جديدة.. وهي المنطقة التي أعلن فيها الأمريكان عام ١٩٩١م هزيمة الجيش العراقي في الكويت..
بما يعني – حقيقة لا وهما- أن أيام القطبية الآحادية لأمريكا.. وما يسمى بالنظام العالمي الجديد، قد غربت شمسه، وصار شيئا من الأمس .
وان الرئيس الاوكراني قد فهم – ولكن بعد فوات الأوان – أن أيامه في السلطة – إن لم تكن في الحياة – قد صارت معدودة.
و على أوربا أولا، وأمريكا ثانيا أن يعلما يقينا بأن أيام الرخاء الغربي، والطاقة الرخيصة، قد ولت إلى غير رجعة..
ومثلما فتحت (عاصفة الصحراء) ١٩٩١م شهية أمريكا لإعلان نفسها قوة عظمى وحيدة. فان سقوط كييف، سيفتح شهية الدب الروسي لاستعادة أمجاد الامبراطورية القيصرية إن لم يكن (القيصر) بوتين قد حلم بإعادة الاتحاد السوفيتي (العظيم)..
ان العقل يوجب على كييف أن تعلن ولاءها التام لموسكو، وأن تعلن توبتها من أي نوازع عدوانية، أو أحلام أطلسية..
إن كثيرين كانوا يتوقعون أن يحذو الجيش الاوكراني، حذو جيش (فرنسا الحر) عندما أخلى باريس في وجه الجيوش النازية، وسلمها بدون مقاومة.. وذلك حفاظا على مدينة (النور) كما يسمونها، هي عبارة عن متحف كبير.. وكنز من الآثار والمتاحف والمكتبات والمقتنيات الثمينة..
وفي نهاية الرئيس سليزنسكي المأساوية (عظة) بالغة لكل حليف ينتظر من أمريكا أن تقف بجانبه وتنجده ساعة الحارة.. لأن الأقدار ليست إدارة من إدارات البنتاغون.. ولأن أمريكا الكذوب، في محصلة الأمر ونهايته ليست سوى (نمر من ورق)..
يقول ليدل هارت مؤرخ الاستراتيجية وهو يتحدث عن سقوط طبرق بيد الانجليز، واستسلام الجنود الطليان في الحرب العظمى الثانية؛ ( لم يكونوا جبناء.. لقد قاتلوا بشجاعة.. ولكن لا يجبر الأطفال على الاستحمام بالماء البارد)..