أصدرت اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية برئاسة الفريق أول حميدتي عددا من القرارات من شأنها بحسب – الناطق الرسمي-تعزيز الاقتصاد الوطني وحمايته. ولعل أهم هذه القرارات ما قضى بتوحيد سعر الصرف، وتأمين انسياب المواد البترولية لضمان انسياب الإمداد الكهربائي. وتوفير احتياجات شهر رمضان المعظم، وإنشاء محكمة خاصة لمخربي
الإقتصاد في جرائم التهرب الضريبي، والتلاعب بالدولار، وتهريب الذهب والسلع. إلى آخر القرارات التي بإمكانها ان وجدت الإرادة، ووجدت طريقها للتطبيق أن تضع الإقتصاد على سكة العافية.. وإذا كان إصدار القرارات هو الجهاد الأصغر، فإن تنفيذ القرار وتطبيقه خاصة في بلد مهلهل ومبهدل، هو الجهاد الأكبر بعينه.
هناك على الدوام جهات ترى نفسها فوق الدولة وفوق القانون. ظلت هذه الجهات المدججة بالمال والخبرة ، تخرج في كل الحقب منتصرة ومظفرة، فيما تخرج الدولة خاسرة . لا تملك سوى أن تبل قراراتها وتشربها.. في إنتظار الهناء والشفاء.
وبنظرة عجلى للقرارات التي بلغت نحوا من ١٦ قرارا، يمكننا أن نجزم بأنها لم تأت بجديد.. مجرد اجترار لقديم سقيم.. لكن ربما يكون الجديد هو ما قاله حميدتي.. لاقفل للطرق بعد اليوم.. ولا تهريب لجرام واحد من الذهب..
ان أفق الحل السياسي المغلق باحكام، ومفتاحه الضائع إلى إشعار آخر.. يقابله إغلاق للطرق الداخلية والسريعة، أمام حركة الناس، وأمام حركة الصادر والوارد.. ومن يفعلون ذلك من رسميين جهلاء، وحزبيين ثقلاء بنية سيئة أو حسنة، لا يعرفون أن نهضة أوروبا تحققت لما طبقت مبدأ (دعه يعمل دعه يمر).. وستظل جهات حكومية، وغير حكومية تناهض هذا المبدأ ، مالم تجد دولة جادة و(عينا) سيادية حمراء، وفي هذه الجريمة تشترك جهات حزبية مجرمة بدعوى النضال.. وأخرى حكومية تحت ستار الجباية..
لا حل أمام الإقتصاد الوطني، طالما ظل شعار (دعه يعمل، دعه يمر) مختطفا بيد الدولة أولا.. ومخربي الإقتصاد ثانيا.. وستظل الجباية الرسمية وغير الرسمية، هي مادة (الخرشة) الحكومية التي أدمنتها الدولة.. ولا امل في شفائها منها..
ان تهريب السلع للجوار السوداني مرض قديم.. وقد ظلت الدول المجاورة لنا، تأكل من مائدة الدعم السوداني بالسنين الطوال. وما أوجفت في سبيل هذه المنتجات خيلا ولا ركاب، ولا جرارا ولا (سلوكة).. ولا تحضيرا ولا زراعة ولا حصاد.. ان كل رئيس لدولة مجاورة للسودان، يقول للسحابة إذا عبرت سماء عاصمته، ولم تمطر ماقاله لها الخليفة العباسي : أهطلي حيث شئت ( فخراجك يأتيني هنا).. وسيظل (الخلفاء) الأفارقة يستمتعون ب(الخراج) السوداني، مالم ينهض لها الخليفة (حميدتي) فيجعل من مهمة خروج جرام ذهب، او رطل سكر بصعوبة دخول الجمل في سم الخياط.. ان سهولة تهريب السلع والذهب وغيرها للخارج، لا يعادلها سوى سهولة دخول ( المخدرات) والممنوعات للداخل..
ان المعالجة للمرض الاقتصادي مهمة (عسيرة) لكنها ليست (مستحيلة).. وتحتاج إلى ارادة وقيادة.. وتحتاج إلى تدابير وإجراءات فعالة.. فالذهب والدولار كمثال.. يحتاجان إلى سعر واقعى.. ولمنع التهريب نحتاج إلى تقنين صارم لتجارة الحدود.. وإصلاح رواتب الجنود.. وإصدار قائمة مكافآت وحوافز يسيل لها اللعاب.. وتحويل مخربي الإقتصاد لسجون (دبك) و(شالا) و(بورسودان) .. أسوة بغيرهم من عتاة المجرمين.. حيث لا معنى البتة لوجود فندق( ريتز كارلتون) في غرب أمدرمان إسمه ( سجن الهدى)..
ياسيادة الفريق.. أمهل مخربي الإقتصاد اسبوعا لكي يتدبروا أمرهم .. وأمهل قادة الأجهزة الرسمية اسبوعين ، لكي يعيدوا هيكلة أجهزتهم .. وبعدها جرد (سيف) العدالة بحق كل مخرب ، ومهرب، وخائن، ومقصر..
ان المواطن الذي طحنه الغلاء لايهمه إصدار قرار.. يهمه نزول الأسعار .. ولا يهمه سعر الجرام، وسعر الصرف والدولار.. يهمه كيس الرغيف والخضار. ولبن الصغار..
لقد ختمت حديثك ياسيادة الفريق بالأمس قائلا (الحصة وطن)..
وانا أقول لك : عفوا (الحصة مواطن)..