شتان بين إستقبال (سنار) قبل عامين للزعيم المصنوع ، رفيق جماعة الأربعة، وصديق شلة المزرعة.. وبين الإستقبال التاريخي الذي حظي به السيد (حميدتي) في (سنار) العاصمة التاريخية للسودان.. وحاضرة السلطنة الزرقاء وأول دولة اسلامية تنشأ بعد سقوط الأندلس..
لقد كان استقبالها للسيد (حمدوك) يومها أشبه بالإهانة، وجاء فاترا وباهتا.. وأوضح لآل قحط ورمزهم المصنوع حجمهم الطبيعي،، ووزنهم الحقيقي.. ومثل هذه المدن ذات التاريخ والمجد والعراقة هي التي تفرز أقدار الناس وتظهر أوزانهم.. ومثلها فعلت فاشر السلطان.. وفعلت مثلها مدينة الدبيبات ، مسقط رأس الموظف الأممي ..
وهكذا عاد الرجل يومها مطرودا.. وقد ظن أن الزعامة، تقاس بالزؤابة أو العمامة، التي لايجيد لفها، أو بال(تي شيرت) الذي يصلح للنزهة، ولكنه لن يصلح قطعا لزيارة فاشر السلطان.. كمثال..
ما علينا..
لكن سنار المحروسة المحمية، بخيل جرد أدهمية.، ورجال صابرين علي الجهاد بكرة وعشية.. استقبلت فارس الحرب وبطل السلام، إستقبال الأبطال.. مثله مثل أي (مانجلك) من ملوك ورجالات السلطنة العظام..
فقد جاءها حميدتي بوجه مطروح.. وصدر مشروح.. وتواضع غير مصنوع، تعرفه الجماهير الذكية، وتدركه العواصم العريقة.. وهي إذ تستقبله هذا الاستقبال التاريخي تضع علي كاهله مسؤولية عظيمة.. وتنيط به أمانة ثقيلة..
هذه الجماهير الوفية ترى أمامها وطنا يوشك أن يضيع، وشعبا يوشك أن يجوع.. وحكومات حزبية مصابة بالعجز الكامل عن كل إنجاز.. والانفصام تام عن السعب.. أحزاب مجهرية مسكونة بوسواس قهري تري معه في أي مواطن العادي خصما لدودا وعدوا حقيقيا، وتعني لها الإنتخابات الفناء التام، والموت الزؤام. وتري في حميدتي واخوته من العسكر ضوءا ساطعا.. وفجرا صادقا.. وتملا مرتجى..
وبسنار التاريخ والجسارة والمجد والحضارة، وغيرها من مدن السودان، ينازل المكون العسكري في شخص و المانجل حميدتي الأحزاب المصنوعة ويبارزها بقواعد أصيلة، وجماهير حقيقية.. وبشارع سوداني مستعد لزلزلة الأرض تحت أقدام أيتام السفارات، والخارجين ضد الشرعية والقانون، تحت تاثير المخدرات..