ترك الإخوة العرب بلدهم السودان وحيدا فريدا، في مواجهة غير متكافئة مع مؤامرة غربية غاشمة.. ولا أدل على خطورة هذا المخطط الغربي الرجيم من كثرة الموفدين الأمميين، والمبعوثين الغربيين.. مثلما يستدل على خطورة المرض ، بكثرة الأطباء. وأيما مبعوث أممي فهو (مرسال) أمريكي ، والأمم المتحدة ببساطة هي (خادم الفكي) الأمريكي
فكل الدواب الأممية تأخذ مصروفها، وتأكل (علوقها) من جيب العم سام .. هذه المنظمة (الملعونة) هي رأس الرمح في المؤامرة على السودان، تطيع سيدها في البيت الأبيض طاعة عمياء، ولا تعصي له قرارا، ولا تكسر له خاطرا، ولم يصنع بعد مكبر صوت أممي يمكنه أن يقول لأمريكا ( لا)..
لقد خذلنا الإخوة العرب والأفارقة على حد سواء.. ولكن ما هو أنكى في الفجيعة، أن الجامعة العربية، وقفت مثل الآخرين تتفرج.. بينما (هتلر) العصر السوداني الفوهر فولكر باشا يمسك بخطام البعير السوداني، يدوس كل سيادة وطنية، وكل كرامة سودانية.. ويحشر أنفه القبيح في كل شأن وطني من تفكيك القوات، إلى الخفاض الفرعوني وزواج القاصرات..
لقد خشينا أن تكون الجامعة العربية قد وضعت بلادنا (صومالا) نيليا واعتمدتنا بعيرا أجربا، غير مسموح له بعبور السياج، او الانضمام لبقية القطيع..
غير أن الخبر الايجابي الوحيد، في خضم صراخ المهووسين، ودخان المتاريس، هو ما رشح عن زيارة غير معلنة للرئيس السيسي للخرطوم .. وعن قمة سودانية مصرية مرتقبة..
وتجئ هذه الزيارة ، ولم يكد حبر مقالنا بالأمس بعنوان( في بريد السيسي وبرهان) يجف .. والذي دعونا فيه زعيمي البلدين للَمسارعة لاستباق أخطار داهمة.. أخطار تبدو بجانبها كل تحديات (سد النهضة) مجرد رحلة نيلية عند المقرن السعيد..
ولكن دعونا نتفاءل بأن تكون هذه القمة المصغرة، مغايرة لمألوف القمم الباردة، واللقاءات الباهتة، والتي كانت مجرد زيارات لا تودي ولا تجيب..
إننا نطمع أن تقطع هذه القمة الطريق على المخطط الأممي .. وتوصد الباب أمام المؤامرة التي ينفخ في جمرها الفوهرر (فولكر).. انها مؤامرة عاتية، رجلها في أمدرمان، وعينها علي أسوان ..مؤامرة سامة تريد أن تضع كامل ثرواتنا في جيب( العم سام).. وتضع مصر جوهرة للتاج الأمريكي الجديد ..
إنهم يستكثرون على السودان خاصة، وافريقيا عامة أرضه البكر، وثرواته الكبيرة، ومواده الخام.. كدأب الأفعى باريس في غرب أفريقيا.. وإذا كان الاستعمار الفرنسي الغاشم هو الأسوأ في التاريخ.. فان النسخة الأمريكية المعدلة منه ستكون (هيروشيما) استعمارية بحق القارة السمراء.. وإذا كانت جماجم تجارة العبيد الأفارقة قد بنت الإتحاد الامريكي.. فإن جماجم الأفارقة ستتكفل ببناء الإمبراطورية الأمريكية القادمة..
وسيكون كل القمع الغربي، والإبادة الفرنسية للافارقة مجرد سباق (رالي داكار) قياسا بالقادم الأمريكي اللعين.. إنها أيها السادة حرب الموارد المسروقة، والتي تحتاج لسياسة الارض المحروقة .. سياسة مطلوب منها منح افريقيا، لسيد البيت الأبيض تسليم مفتاح، شقة مفروشة، وخالية من الموانع البشرية.. يريدون لنا أن نكون ببركة (آية الله حمدوك) ورفاقه الأبرار (الهنود الحمر) لافريقيا، مع الاحتفاظ ببعض النماذج الأفريقية لتكون فلكلورا بشريا وعينات مثل( وحيد القرن) و(الفيل الأفريقي) المهدد بالانقراض.. سنكون مثل مشغرلات العاج والابنوس، تحفا بشرية تزين حدائق البيت الابيض.. وقصور اليانكي للدلالة على عظمة الرجل الأبيض، واحترامه للكرامة البشرية ، وصونه لحقوق الإنسان ..
تعالوا يا اخوتي في جنوب الوادي وشماله، نستبق بالوحدة الجادة مؤامرة غاشمة.. يقودها المغول الجدد..
ويبقي لزاما علينا ان نقاوم، و لا نساوم، حتى لو كانت المعركة غير متكافئة ومحسومة لغير صالحنا.. فلا مفر لنا من أن نناضل، ولا بد أن نقاتل فمن العجز، ومن العار للمرء أن يموت جبانا.. " تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا
وإذا افترقن تكسرت آحادا " ..