الرئيسية » المقالات » شهادتي لله [الهندي عزالدين]: فولكر يدعم حكومة حزبية .. كيف يمضي الجيش في طريق الألغام؟!

شهادتي لله [الهندي عزالدين]: فولكر يدعم حكومة حزبية .. كيف يمضي الجيش في طريق الألغام؟!

الهندي-المجهر-السياسي.jpg

 في أحدث تصريحاته، قال رئيس بعثة الأمم المتحدة في #السودان فولكر بيرتس إنه لا يرى مشكلة إن كانت الحكومة المقبلة (حزبية) وتعمل باستقلالية وتضع مصلحة الوطن فوق المصلحة الحزبية !!! (علامات التعجب من عندي).
إذن أسفر فولكر عن وجه صفقته القبيح، المتماهي مع مشروع المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير (قحت)؛ إعادة الكوادر الحزبية إلى مقاعد الوزراء والوكلاء والمستشارين والمديرين، كما كان الحال في حكومتي الدكتور عبدالله حمدوك الفاشلتين في الفترة من 2019 إلى 2021.
لقد أكدت أكثرية القوى السياسية مراراً وتكراراً أنها مع تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة (تكنوقراط) لتتولى مهمة تصريف الأعمال وصولاً بالفترة الانتقالية إلى محطة الانتخابات، ليختار الشعب عندها الأحزاب التي يريد.
لكن المبعوث الأممي فاقدٌ للحياد، مفارقٌ للاستقلالية، غارقٌ حتى أذنيه في لجة العراك السياسي بالسودان، دون أن يستشعر حرجاً أو يطرف له جفن !
يدعم هذا المبعوث الأممي انفراد (قحت) بالسلطة السياسية والسيادية التنفيذية في الدولة ، بينما غالب قوى الثورة خارج هذا التحالف ، دعك من القوى الجماهيرية العريضة المخالفة لخط اليسار العلماني في السودان، فالحزب الشيوعي السوداني وحزب البعث العربي الاشتراكي (الأصل) ومعظم لجان المقاومة وجناح من تجمع المهنيين وعدد كبير من منظمات المجتمع المدني تقف موقف المعارض بشدة للاتفاق الإطاري، فضلاً عن الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية)، وكتلة القوى الوطنية، وكتلة الحراك الوطني بقيادة الدكتور التجاني السيسي، وكتلة التراضي الوطني بقيادة السيد مبارك الفاضل المهدي بالإضافة إلى كتلة نداء السودان التي تزعمها الشيخ الطيب الجد.
كيف يمكن لقائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان أن يمضي بهذا الاتفاق المعيب إلى الأمام في طريق الألغام، وكل (اليمين) و(الوسط) وجُل (اليسار) في الساحة السياسية السودانية في مواجهة هذا الاتفاق ومجموعته ؟!
كيف يمكن أن تصمد حكومة يمثلها المجلس المركزي لشهر واحد، والغالبية الفاعلة على الأرض ضدها من الشرق الحبيب بقيادة الناظر “ترك” ومجلس نظارات البجا و”الأمين داؤود” وجبهته الشعبية .. إلى غرب السودان حيث العدل والمساواة بزعامة دكتور جبريل إبراهيم وحركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي وتحالف كبير من قوى الكفاح المسلح في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبة ؟!
قوى الوسط والشمال مخالفة منذ وقت مبكر لنهج الحرية والتغيير في الإقصاء واحتكار السلطة واستغلال الثورة في تصفية الحسابات السياسية مع الخصوم، وقد تجلى ذلك في تجمع القبائل والطرق الصوفية والقوى المجتمعية المكونة لنداء السودان التي انتظمت العام الماضي في مواجهة المشروع الأجنبي في السودان ويمثله رئيس بعثة (يونيتامس) وسفراء الولايات المتحدة الأمريكية والمجموعة الأوربية.
أما اللاعب الجديد الذي برز كراعٍ محلي لتحالف الإطاري وهو قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، فإنه لا يدري أن هذا الطريق الوعر يقوده إلى حتفه السياسي والعسكري، وقد مضى فيه دون تدبر وتفكر، متوهماً أن دعم هذا الاتفاق يعني التطبيع مع المجتمع الدولي، لكنه لم يقرأ تجارب مجتمع (الأبالسة البيض) مع جعفر نميري، وحسني مبارك، زين العابدين بن علي، الرئيس الأفغاني أشرف غني، العقيد جون قرنق، اللواء عمر سليمان، والفريق صلاح قوش، كنماذج لحرق الكروت وبيع الحلفاء بل والغدر بهم واغتيالهم في أقرب محطات تقاطع المصالح وتبادل المنافع مع قوى دولية أو محلية.
الجيش السوداني لن يقبل السير في هذا الاتجاه، والأمر ليس بيد الفريق أول البرهان وحده، فهو قائد مؤسسة عسكرية عظيمة و عريقة وراسخة ، إذا اهتز ركنٌ فيها اهتز كل إقليم الجوار العربي والأفريقي ، وانهارت كل منظومات الأمن في افريقيا والشرق الأوسط حتى #إسرائيل، فمن أين كان يأتي السلاح الذي ضرب العمق الإسرائيلي؟ من السودان، وليس من تشاد أو سوريا.
إن رئاسة #الأمم المتحدة في نيويورك لم تحسن اختيار رئيس بعثتها للسودان، الدولة بالغة الأهمية للأمن والسلم الدوليين، فعليها مراجعة هذا الاختيار، وتبديل هذا المبعوث المنحاز الذي يستغل موارد المنظمة الأممية في تفخيخ الأوضاع في قلب القارة السمراء.