الرئيسية » المقالات » شهادتي لله [الهندي عزالدين]:‎”حميدتي” .. لن ينفعك الصراخ !!

شهادتي لله [الهندي عزالدين]:‎”حميدتي” .. لن ينفعك الصراخ !!

الهندي-المجهر-السياسي.jpg

كلما دخل في (زنقة) ، اختفى عن الأنظار عدة أيام ، ثم خرج على غير ما يتوقع الناس ، بحديث (مشاتر) جديد ، يحشره في (زنقة) ثانية !! بينما المفروض أن فترة صيامه المحدود عن الكلام، فرصة للتدبر والتفكر و مشاورة مستشاريه المندسين من (الناشطين) و(الكيزان) وبعض الطامعين من القبيلة !!
“حميدتي” ظاهرة غريبة على تاريخ السياسة و العسكرية في السودان ، فلا هو عسكري مهني قُح ، شأنه شأن الفريق “إبراهيم عبود” ، اللواء ” محمد طلعت فريد”، المشير”جعفر نميري”، اللواء “خالد حسن عباس” و الفريق عبدالماجد حامد خليل” ، الرائد (م) “مأمون عوض أبوزيد” ، الفريق “الدابي” و الفريق “يحي محمد خير” ، و لا هو سياسي من مدرسة الشريف “حسين الهندي” أو الإمام “الصادق المهدي”، و لا من مدرسة تلاميذ الدكتور العلامة “حسن الترابي” ، و لا هو من (عنقالة) ساسة (أحزاب الفكة) و تنظيمات (الشنطة) !!
و على غرابة ظاهرة “حميدتي” الذي يصرخ هذه الأيام مستجدياً عطف حركات دارفور ، ليصبح في المقعد رقم (1) أسوة بالقائد العام للقوات المسلحة السودانية ، الذي عيّنه (نفس الزول) الذي عيّن “حميدتي” ، كما قال ، فإنه يظل على محدودية قدراته السياسية والفكرية و الإدارية ، يحدثنا عن دوره الأهم و الأساسي في التغيير الذي جرى في السودان صباح الحادي عشر من أبريل عام 2019 !! و يذكرنا أنه أو من ينوب عنه ، من اعتقل ولي نعمته و صانعه و مانحه الرتب والألقاب الرئيس”عمر البشير” !!
يريد “حميدتي” أن يتقرب إلى (القحاتة) و يكسب ودهم بزعمه المردود ؛ أنه كان صاحب التغيير و الرافض لفض الاعتصام (زمن البشير) و أنه الذي اعتقل “البشير” !!
و قبل كذبة “حميدتي” ، كذّب الفريق الركن “ياسر العطا” أحد الضباط الذين كان يدخرهم “البشير” لانقلابه (الخاص)، عندما قال في حوار صحفي أنه الذي تولى عملية اعتقال “البشير” و أنه مَنْ وضع القيد على يدي الرئيس !!
و الحقيقة أنه لا “حميدتي” و لا ” ياسر العطا” اعتقل “البشير” ، فقد ظل الرئيس السابق بمقر إقامته ببيت الضيافة بالقيادة العامة لثلاثة أيام ، بعد أن أبلغه المفتش العام للجيش الفريق الركن “عبدالفتاح البرهان” المُكلف من اللجنة الأمنية (مع أنه لم يكن عضواً باللجنة الأمنية) أن اللجنة قررت استلام السلطة في البلاد ، و أنه سيظل محل احترامهم و تقديرهم و سيبقى معززاً مكرماً رهن الإقامة الجبرية حفاظاً على سلامته !!
ثم بعد أن تصاعد هتاف المعتصمين في القيادة ، تم نقل الرئيس السابق بكل أدب و احترام إلى سجن “كوبر” مع وعدٍ بإحسان معاملته و إعادته لاحقاً (بعد أن تهدأ ثائرة الشارع) إلى أحد المقرات الرئاسية !!
إذن لم تكن هناك عملية أمنية و عسكرية معقدة لاعتقال “البشير” ليتفاخر بها “حميدتي” ، و يحاول بها استدرار عطف أمهات شهداء فض الاعتصام و الناشطين و القحاتة !!
بل إن المعلومة الأخطر التي ربما لا يعلمها “حميدتي” و أخوه “عبدالرحيم دقلو” ، أن ضباطاً من قادة وحدات و ألوية الجيش اتصلوا فجر يوم التغيير (الخميس 11 أبريل) بأسد الجيش الهصور الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” طالبين تعليماته لحسم (تفلت) اللجنة الأمنية واعتقال رئيسها الفريق أول “عوض بن عوف” وعضويتها .. الفريق أول “كمال عبدالمعروف” و الفريق أول “صلاح قوش” و الفريق “حميدتي” و قد كان بمقدورهم فعل ذلك وزيادة ، لكن الجنرال الفارع “بكري” طلب منهم الانتظار ليفهم من الرئيس طبيعة التحرك !! و بالفعل هاتف “بكري” الرئيس في ساعة مبكرة من صباح الخميس ، فإذا بالرئيس “البشير” يطلب منه عدم اتخاذ أي خطوة لمواجهة التغيير ، و قال له :(ديل أولادنا و أنا باركت هذا التغيير) !!
ثم يخرج “حميدتي” على القطيع دون حياء ، ليقول أنه قائد التغيير و أنه الذي اعتقل “البشير” !! و لا أدري إن كان يعلم “حميدتي” أو لا يعلم ، أن قيادات الحركة الإسلامية الذين كانوا مجتمعين قبل اعتقالهم في مزرعة ، هم الذين اختاروا “البرهان” لقيادة المجلس العسكري و “حميدتي” نائباً له ، وهم الذين أوعزوا بإبعاد “ابن عوف” و “قوش” مجاراة لجمهور الاعتصام ، ريثما تنجلي الأمور !!
غير أن “البرهان” و “حميدتي” و “العطا” غدروا لاحقاً بالقيادة السياسية التي جاءت بهم ، و مضوا يتسابقون في كسب الولاءات الخارجية (السعودية و الإمارات) ، و يتنافسون في مسايرة قوى الحرية و التغيير ، و تنفيذ أجندات الخارج و التماهي مع مشاغل قوى (اليسار) في ضرب الحركة الإسلامية و تصفيتها !
صراخ “حميدتي” هذه الأيام هو تعبير عن الضيق ، و إحساس بالخطر ، بعد أن فقد الحليف الخارجي (الإمارات) ولم يكسب الخصم السابق (تركيا وقطر) رغم زيارته للدوحة و اسطنبول، و بالمقابل تتزايد في الداخل ضغوط الحزب الشيوعي و واجهاته (منظمة أسر الشهداء) وغيرها من المنظمات العاملة بالخارج ، عليه تحت لافتة (جريمة فض الاعتصام).
إن الصراخ و تمثيل دور الضحية لن يفيد قائد الدعم السريع ، عليه أن ينتبه سريعاً إلى المأزق المحيط به إحاطة السوار بالمعصم ، فيسارع إلى تبني مشروع (مصالحة و مصارحة) وطنية ، يخرج في نهايته بسلام من المشهد السياسي ، ويوافق على دمج قواته في الجيش السوداني، فلا هو جدير بالمقعد رقم (1) و لا المقعد رقم (2) ، و أي مواجهة عسكرية مع القوات المسلحة تعني نهاية قواته و مقتل الآلاف من العسكريين و المدنيين ، و ستكون الغلبة في النهاية للقوات المسلحة ، وفي التاريخ القريب درس بليغ ، عندما غزت حركة العدل والمساواة بتمويل من من العقيد “القذافي” ، و إشراف الرئيس التشادي “إدريس ديبي” بقوة عتادها أكثر من (500) عربة تاتشر مسلحة بالمدفعية ، غزت أم درمان في العاشر من مايو عام 2008 م ، وتصدت لها دبابتين فقط من سلاح المدرعات ، كان يقود إحداهما النقيب “مصعب الزبير محمد صالح” نجل سيد شهداء (الإنقاذ) ، فسحقت كل القوة الغازية و دمرتها تدميراً ، و قُتل معظم قادة الحركة في تلك العملية المسماة (الذراع الطويل) .
على زعماء قبيلة الفرسان (الرزيقات) أن يجلسوا في الأرض ، و ينصحوا ابنهم “حميدتي” ، و يدفعونه نحو المصالحة والتهدئة و الركون لرأي الشعب عبر صناديق الاقتراع في انتخابات حرة وشفافة في فترة لا تتجاوز نهاية هذا العام ، فقد بلغ السيل الزبى ووصلت القلوب الحناجر .
إذا أراد “حميدتي” أو ” جبريل” أو “مناوي” أو “عبدالعزيز الحلو” المقعد رقم (1) ، فإن الطريق الوحيد هو طريق الانتخابات وليس اتفاقيات السلام المعطوب ، و تحالف البنادق الذي سيلقي بهم إلى التهلكة و النهايات الحزينة .