في وقت ينثر فيه المتشدقون كل يوم أطنانا من الحديث المنمق لا يطعم جائعا ، ولا يكسو عاريا ، ولا يوفر أمنا ولا يداوي مريضا .. في ذات الوقت تنطلق قوات الدعم السريع تذود مع القوات المسلحة عن الحدود ، وتنقذ التائهين في الصحراء ، وتضبط مهربي المخدرات والسلاح !!
وتهب قوات الدعم السريع لإغاثة المنكوبين من فيضانات وسيول ، والمتضررين من ويلات صراعات القبائل واقتتال الجيران ..
وتمضي مسيرة عطائها بإنشاء مرافق المياه والخدمات الصحية .. وتدعم التعليم والمعلم عندما يعجز منمقو الأحاديث عن تقديم الخدمات وبين أيديهم موارد الدولة كلها
وينطلق حميدتي شاهرا أكف الصلح بين القبائل ، يأسو الجراح ، ويدفع الديات ، ويقارب بين المواقف ، ويضع أسس المصالحات في بيئة يعرف تكوينها بعمق ، وحدود حواكيرها ، وقواعد مرعاها ومزارعها ، وأعراف قبائلها .. ويحدث الناس بحديثهم ، ويدخل إلى مواطن الرضا عندهم ، فيضع الرجال السلاح ويحملوا السلوكة ، وينزل الفرسان من صهوات الخيل ويتجهوا إلى مرعى الماشية والإبل والأغنام .
وبالأمس عندما انشق واحد من أكبر بيوت السودان اكتفى المتشدقون بنقل أخبار الخلاف ، والشماتة في شيخ الختمية المبجل الذي يحترمه الغالب من أهل السودان ، ويتبع طريقته الملايين .. وفرحوا بصراع بين الأخوين .. لكن حميدتي نحا منحى ٱخر بسعي لبس فيه عباءة شيخ العرب ، وسعى دون إبطاء للصلح داخل هذا البيت الكبير الذي مزق إنشقاقه قلوب أحباب الميرغني ، وأفئدة الإتحاديين ، وشغل عقول العقلاء الذين يعلمون أنه يضر بوحدة وتماسك البلاد في قطاع كبير من أهلها .. وأثمر جهده أن جمع شمل البيت الكبير المحترم .
منذ سقوط الإنقاذ تتعالى الأصوات وتعج وسائل التواصل بالحديث المنمق المعسول عن تقريب وجهات النظر ، وتحقيق تماسك الشعب ، ونبذ الخلافات ، والنأي عن الصراع العنصري والقبلي ، لكن في الواقع لا أحد (يفعل) شيئا لتحقيق ذلك على أرض الواقع . والبعض يؤجج الخلاف ، ويثير النعرات القبلية والعنصرية .
لكن حميدتي هو الذي أنجز عملا حقيقيا في هذا المجال . فحيث ما تفجر خلاف هبت قوات الدعم السريع لوقف الإقتتال . وأسرع حميدتي لجمع الفرقاء في خيمة التفاوض وعلاج المشكلات وإجراء المصالحات كما حدث في دارفور وجنوب كردفان وفي النيل الأزرق .
إننا في حاجة حقيقية لتقييم كيان الدعم السريع ، وتقييم دوره الوطني بموضوعية ، دون التأثر بترويجات أصحاب الأجندات أو المتضررين من وجوده .
حاشية :
سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه في بداية خلافته عند ما بويع بالخلافة صعد المنبر فقال: الحمد لله، وارتج عليه أي ضاع عليه الكلام فقال: إن أبا بكر وعمر كانا يعدّان لهذا المقام مقالا، وإنكم إلى إمام فعّال أحوج منكم إلى إمام قوّال.. ثم نزل.