تلقيت رسالة حزينة من احد اركان النظام الصحى السودانى، الدكتور القامة، بابكر محمد على، حملت الكثير من الحقائق المرة التى يعانيها المواطن السوداني جراء فوضى الدواء، وانفلات حبات سبحة السيطرة على جشع الباحثين عن الثراء عبر معاناة المواطن، جاء فيها، الأخ د. مصعب، السلام عليكم ورحمة آلله، اتابع باهتمام عمودك ذائع الصيت #البعد_الاخر، والنقد البناء الذي يحتويه، واحييك على هذا الجهد الطيب، واود ان اطلعك على احدى القضايا المهمة، لكي تتناولها بالنقد والتحليل، ان لم تكن قد تناولتها في عمود لم يحالفني الحظ بالاطلاع عليه ..
احد افراد الاسرة يعاني الإصابة بالسكري، النوع الثاني، ويستخدم حبوب (Glimepiride 4mg)، و حتى مايو 2023 (بعد نشوب الحرب)، كان يشتري العبوة 30 حبة بـ 1200 جنيه، وكان الدولار بـ 600 جنيه، يعني العبوة بدولارين، الان سعر الدولار ارتفع الى 1000 جنيه، فمن المنطقي ارتفاع سعر العبوة الى 2000 جنيه، بزيادة 70% تقريبا، لكن سعر العبوة الآن 7500 جنيه، بزيادة أكثر من 500%، والحصول عليها يتم بعد معاناة شديدة، وزيارة عدد كبير من الصيدليات (غلاء + ندرة) ..
اين المجلس القومي للأدوية والسموم من هذا؟، وما هي الفجوة في قائمة الأدوية الاساسية والأدوية المنقذة للحياة؟، خاصة أدوية الضغط والسكري؟، خاصة وان هذين المرضين يشكلان نسبة اصابة تصل الى 20% وسط البالغين فى السودان حسب الدراسات، وكيفية سد هذه الفجوة في ظل توقف الصادر؟، اين شعبة مستوردي الأدوية بالغرفة التجارية؟، ما هو دور وزارة المالية والبنك المركزي؟ ..
المعاناة في المأوى، الأكل والشرب شئ، اما المعاناة في الحصول على الادوية الأساسية والأدوية المنقذة للحياة فهي شيء آخر تماما، لان عدم الحصول عليها يعني العاهة المزمنة إن لم يكن الموت .. أنتهى
هذه الرسالة المهمة، لا تحتاج فى تقديرى تعليق او تحليل اضافى، و لا يحتاج اثبات الحقائق الواردة فيها لدليل، و انا شخصيا شاهد عصر على هذه الفوضى الغريبة التى تحدث بسوق الدواء الان، وشاهدت بنفسى تضاعف أسعار حبوب البندول، على سبيل المثال لا الحصر، من 400 جنيه الى 1500جنيه خلال 8 ساعات فقط، بنفس الصيدلية، و نفس الصيدلى، بل من نفس الرف الذى تم مناولتى الصنف منه .. تم ذلك ما بين الساعة الثامنة صباحا و الساعة الرابعة عصر نفس اليوم، وعلى ذلك قس ..
تلقينا باستغراب نبأ انفجار أورده قادتنا الاجلاء بنظامنا الصحي المتهالك، حينما تجرأنا عبر نافذة (السلطة الرابعة) التى لم نحصد منها سوى العداء والرهق، ولكننا سعداء بخدمة المواطن السوداني الأبي أيا كان الثمن الذي سندفعه، فحينما قمنا بانتقاد سياسات وزارة الصحة العرجاء فى شأن الامداد الدوائي آنذاك
ووضحنا خطل قرارات فتح الاستيراد العشوائى للشركات المستوردة للادوية حينها، طالب بعض صقور الصحة من حارقى بخور السلطان بمقاضاتنا، و استهدافنا بل و وضع خطة لتصفيتنا ان لم تنجح خطة قتل الشخصية الممنهج الذي تم إنفاذه بقيح غريب ضدنا، وما التقرير الأمني الرخيص لواجهات اليسار الا خير دليل ..
وللأسف الشديد كما توقعنا سابقا، ها هو المواطن السودانى المكلوم يتجرع اليوم كأس المعاناة والألم عبر أبشع صورها، متاجرة فى دوائه و علاجه، و (كسلطة رابعة)، نطالب الدولة باستنفار كافة واجهات الامداد الدوائى، من المجلس القومي للصيدلة و السموم، الصندوق القومي للإمدادات الطبية، شعبة مستوردي الأدوية بالغرفة التجارية، وزارة المالية، بنك السودان المركزي بالإضافة لهيئة الجمارك السودانية والهيئة السودانية للمواصفات و المقاييس، لوضع خطة طوارئ عاجلة للسيطرة على فوضى وفرة وتداول الأدوية عااااجل ..
بعد أخير :
خلاصة القول، الأخ رئيس مجلس السيادة الموقر، حتى لا يسجل التاريخ علينا بان من لم تقتله الحرب اللعينة المفروضة على الشعب السوداني الابى، قتلته الامراض والاوبئة وانعدام الدواء، عليك باشراع آليات المحاسبة دون إبطاء على المقصرين فى أداء واجباتهم، فامانة التكليف فى هذه المرحلة لاى موظف بالدولة يرقى مستوى جريمة التقصير فى أداء واجباتها قصدا او اهمالا مستوى الخيانة الوطنية، فالنتيجة الحتمية فى الحالتين هي موت المواطن الذي ستسألون عنه يوم لا ينفع مال ولا بنون
وأخيرا، ماذا ننتظر من وزارة يسافر جميع طاقمها القيادي في رحلة سياحية خارج البلاد لمناصرة احد المرشحين لمنصب بأحد المنظمات، و يطيب لهم المقام بتلك الدولة في لا مبالاة لا تخطئها عين، للقيام بمناشط اقل من عادية، بعد فشل المرشح المعنى في نيل وظيفة كرسي المنظمة، و الأوبئة و الامراض في ظل نقص، غلاء بل وانقطاع الادوية تفتك بالمواطن الغلبان .. اللهم إنا نلجأ إليك صاغرين ضعاف الحيلة، اللهم نتوسل إليك بدعاء رسولك الكريم (ص) “اللهم من شق على الشعب السوداني الغلبان، اللهم فأشفق عليه” ..
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين