– لوقت طويل كانت خدمات الدعم النفسي تعتبر أمرًا ثانويًا في أماكن الحروب .. فعندما تكون الصدمات خفية يمكن إهمالها والتقليل من أهميتها بسهولة .. ولكن للحروب تأثير مدمر على الحالة النفسية للملايين .. حيث يمكن أن تظهر اضطرابات نفسية جديدة ويمكن أن تطفو المشاكل المخفية على السطح مرة أخرى ..
وللبعض قد تصبح الآثار مهددة للحياة – بيتر ماورير- توسمت احدى الطبيبات الفضليات خيرا بـ #البعد_الاخر، حيث راسلتنى آمله اهتمامى بالقاء الضوء عن اهمية الصحة النفسية اثناء وبعد حرب ابريل اللعينة ..
واوضحت فى رسالتها القصيرة، برغم خطورة اهمال تداعيات الصحة النفسية و تأثيرها بالاخص في الاجيال الحديثة و الفارين أو المتعايشين باماكن الاشتباكات المسلحة، لكنها مهمله ولم يتم حتى الاشارة اليها فى خطة الصحة لطوارئ الحرب، و لا توجد مصحات بالولايات الا قليلا ..
وشددت بان الموضوع محتاج وعي و تحريك للجمود الذى لن يجدى معه سوى نشره للراى العام عبر #البعد_الاخر ..- فقط لأنها خفية فهذا لا يعني أنها أقل خطرًا، فإهمال الآثار النفسية للحروب والاحتياجات النفسية لضحايا الحروب له تأثير عميق وطويل المدى على الأشخاص وأسرهم ومجتمعاتهم ..
فلم يعد الأمر سرًا بعد الآن، الاضطرابات النفسية الناتجة عن الحروب منتشرة بشكل أكبر من المتعارف عليه، واى مقارنة سريعة بين نسبة الإصابة بالاضطراب النفسي في ظل الحروب، ونسبة الإصابة باضطراب نفسي في بيئة طبيعية آمنة يجعل الصورة واضحة لاى باحث مهتم، لسنوات قد تستمر المعاناة النفسية، ولا يهم إنتقالك لمكان جديد أو حصولك على الطعام أو الشراب والمسكن الدافئ إن لم تحصل على الدعم النفسي والاجتماعي الملائم بعد الحرب، ففي قلوب ونفوس من عاش الحرب، تضع الحرب أوزارها خفية ومؤلمة ..
– وجد الباحثون بانه في الظروف العادية، يُعاني واحد من كل (15) شخص من مشاكل نفسية، بينما في حالة الحروب والنزاعات، يُعاني واحد من كل (15) شخصاً من أزماتٍ نفسيّة أكثر حدّة، أي بمعدل (20%) .. فبعد رحلة مريرة للنجاة من براثن الموت، يصلُ الفارون من الحرب إلى مناطق النزوح فاقدين كلّ ما لديهم من طاقة مادية، جسدية ونفسية، لتبدأ بعد ذلك حلقة جديدة من مسلسل الألم الذي لم ينتهي، لتعلن الأزمات النفسية والعقلية ظهورها تدريجيّاً في مجتمعات اللجوء ..
– تسوء الحالة النفسية للاجئين يوماً بعد يوم، بالتوازي مع تردّي الظروف المعيشية في مواقع معيشتهم البديلة، إذ يعاني النازحين مجموعة من المشاكل، انتشار الفقر واِنعدام فرص العمل وسبل كسب العيش، سوء الخدمات الصحية، مشاكل سوء التغذية ونقص التمويل، نقص مياه الشرب ومشاكل الصرف الصحي، تفشّي الأمراض والأوبئة مقرونا بقلة حيلتهم وضعفهم ..
– وتشير الأبحاث الصادرة من الكلية الملكية للأطباء النفسيين إلى أن أعراض الاضطراب النفسي بعد الحروب تظهر بعد أسابيع أو في غضون (3) أشهر، من بينها أعراض فيسيولوجية مثل ألم العضلات والإسهال وعدم انتظام النبض، والصداع واضطرابات في الشهية .. وتتزامن الأعراض الفيسيولوجية مع أخرى نفسية تسيطر على المصاب مثل نوبات الفزع والخوف والاكتئاب والقلق والشعور بالذنب، وقد تصل إلى الأفكار والميول الانتحارية ..
– وتنقسم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة التى تلى الحروب إلى أربع فئات: (الشعور بحدوث التجربة من جديد) قد تكون ذكريات الماضي حية لدرجة أن المريض يعيد عيش التجربة الصادمة بمشاعر مشابهة لما حدث كالخوف والأصوات والآلام لاإراديا خلال النهار أو في الكوابيس ليلا .. (تجنب مواقف وأماكن معينة) تذكر الحادث من جديد قد يسبب الكثير من الإزعاج، فلذلك يحاول المصاب الابتعاد عن ذلك بالقيام بنشاطات كثيرة أو العمل المجهد مع تجنب الأماكن والأشخاص المرتبطين بالحادث .. (الشعور بالتيقظ دائما) يشعر المريض بالتيقظ المفرط وكأنه في خطر دائم، ولا يستطيع الاسترخاء مع صعوبة النوم والقلق، وقد تشمل الأعراض الاستثارة ورد الفعل الانفعالي ونوبات الغضب والتصرف بتهور أو تدمير ذاتي .. (التغيرات في الإدراك والمزاج) عدم القدرة على تذكر الجوانب المهمة للصدمة، يسمح للأفكار والمشاعر السلبية بتكوين معتقدات مشوهة عن النفس، حول سبب أو عواقب تلك الأحداث، وذلك يؤدي إلى إلقاء اللوم على النفس أو على الآخرين بشكل خاطئ ..
– أما طرق علاج اضطراب ما بعد الصدمة فيمكن تقسيمها كالآتي: (العلاج النفسي) كل العلاجات النفسية تركز على الحادث الذي سبّب الأعراض، وهي تساعد المريض على فهم ما حدث، وتدعم الدماغ للتعامل مع هذه الذكريات المؤلمة وتخطيها والعيش بصورة طبيعية .. (العلاج السلوكي الإدراكي) أول من وضع القواعد الأولية للعلاج السلوكي الطبيب الأميركي جوزيف وولب خلال الحرب العالمية الثانية، ويساعد هذا العلاج المريض على التفكير بطريقة مختلفة والسيطرة على المشاعر السلبية، وعادة ما يتضمن هذا العلاج بعض تمارين الاسترخاء .. (العلاج الجماعي) يعتمد هذا العلاج على جلسات تشمل لقاءات مع مجموعة من الأشخاص الذين مروا بتجارب مشابهة، ليسهل عليهم الحديث عن المآسي التي مروا بها .. (العلاج الدوائي) تحد مضادات الاكتئاب من قوة الاضطراب النفسي للتحكم في مشاعر القلق والتوتر والتخلص من الكوابيس والمساعدة على النوم، علما أنه لا يتم إعطاء هذه العقاقير إلا بوصفة طبية ..
بعد اخير :
خلاصة القول، الدعم النفسي للمتضررين من الحرب ليس رفاهية، إنما هي ضرورة قصوى تقع مسؤوليتها على عاتق وزارة الصحة الاتحادية والمكونات المجتمعية، أهم خدمات الدعم النفسي تتمثل فى تقديم مشورات فردية وإحالة الحالات الحرجة للدعم التخصصي .. إقامة حملات التوعية النفسية لتعريف الناس بأهمية الصحة النفسية .. زيارة العائلات والأفراد الأكثر عزلة .. إنشاء مساحات اللعب الآمن للأطفال .. إقامة عروض مسرحية وأنشطة ترفيهية للأطفال .. تثقيف الأهالي حول كيفية العناية بالطفل في كافة مراحله العمرية .. دعم ذوي الإعاقات الناجمة عن الحرب ودمجهم في المجتمع .. مع التركيز على الدعم الروحى المهم جدا فى مثل هذه الظروف قال تعالى : { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ألا بذكر اللَّه تطمئن القلوب } (الرعد : 28 ) .. واخيرا، والبشرية تستعد للاحتفال باليوم العالمي للصحة العقلية فى العاشر من اكتوبر الجارى، هو حدث سنوي يهدف، بحسب منظمة الصحة العالمية إلى “حشد الوعي بالقضايا لتعزيز الصحة النفسية”، ينصب التركيز الرئيسي هذا العام على لفت الانتباه إلى الأحداث التي كان لها تأثير كبير على الصحة العقلية للجميع، فهل نحلم بان يضيف قادتنا بالصحة الاتحادية قضية الصحة النفسية ضمن خطتهم الافتراضية لطوارئ الحرب ؟!حسبنا الله ونعم الوكيلاللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين