– بعد نشرنا لمقالات (الحرب الخفية لتدمير القطاع الصناعى السودانى) الثلاثة عبر الـ #البعد_الاخر، طالبنا العديد من المتابعين بأفراد عمود حول الرؤية الاستراتيجية لآفاق مستقبل الصناعة في السودان .. ولصعوبة اختصار مثل هذه المبادرات في عمود صحفى، ساجتهد لوضع مؤشرات كلية قدر الإمكان لتكون خارطة طريق مناسبة للمهتمين
لذا استعنت بعدد من المراجع والمنشورات لاعداد هذا الملخص، كان أساسها تقرير الاستاذة نفسية على، حول ندوة (الصناعة فى السودان .. الواقع، الفرص، التحديات) التى نظمتها الشركة السودانية للمناطق والاسواق الحرة ضمن فعاليات الدور (37) لمعرض الخرطوم الدولى فى 26 يتغير 2020م، بالاضافة لتقارير وزارة الصناعة وبنك السودان والبنك الدولى ذات الصلة ..
– يعد القطاع الصناعي من أهم القطاعات الاقتصادية، ويتميز بأنه أكثر القطاعات استخداما للعمالة، وأكثر استجابة للتقنيات الحديثة والتطورات العلمية، بجانب إسهامه في الصادرات وإحلال الواردات وتحقيق التنمية المتوازنة وتنمية الريف باستغلاله للميزات النسبية، بالاضافة الى مضاعفة وتعظيم العائد الكلى للمواد الخام المنتجة محليا ..
– فى السودان نجد ان قطاع الصناعة سبق ان حقق نسبة 17% من نسبة مساهمة القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي، وتراوحت مساهمة الزراعة ما بين 23% و38% وحققت الخدمات ما بين 51% و58% فيما حققت الصناعة التحويلية حوالى 7% وذلك حسب التقارير السنوية لبنك السودان المركزي ..
– أهم الصناعات التحويلية بالسودان تتمثل فى صناعة الزيوت التي نشأت في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، تقدر الطاقات التصميمية لها بحوالى (2.3) مليون طن من الحبوب الزيتية في العام، ويقدر حجم الاستهلاك السنوي للبلاد بحوالي(200ـــ 250) ألف طن زيوت الطعام، بفائض تصديرى سنوى يصل في حده الأعلى حوالي (2) مليون طن ..
– أما صناعة السكر فقد بدأت بإنشاء مصنع سكر الجنيد في عام 1962م، وحلفا الجديدة في 1964م، وسنار في 1976م، وعسلاية وكنانة في 1980م، والنيل الأبيض في 2012م، بجملة طاقة تصميمية (1.216.000) طن في العام وطاقة الإنتاج الفعلي الحالية (850) ألف طن ..
– فى مجال صناعة اللحوم التي بدأت في ثمانينات القرن الماضي، فإن السودان لديه أكثر من (30) نوعا من المنتجات المصنعة محليا من لحوم الأبقار والدواجن والأسماك، وتقدر الطاقة التصميمية لمصانع اللحوم العاملة بحوالي(25) ألف طن سنويا، بينما تقدر الطاقة الفعلية بحوالى (20) ألف طن ..
– أما عن صناعة الاسمنت التي بدأت في إنشاء مصنع عطبرة في العام 1947، ثم مصنع ربك، فقد شهدت طفرة صناعية خلال الأعوام 2007 إلي 2010، بدخول خمسة مصانع جديدة لدائرة الإنتاج، لتصبح الطاقة التصميمية في حدود (10) ملايين طن في العام، وتمكنت هذه المصانع من إنتاج أكثر من (3) ملايين طن /العام مما ساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي ..
– وفى مجال التصنيع الدوائي الذي بدأ عام 1961، فإن عدد المنشآت القائمة في مجال صناعة الدواء حاليا (33) منشأة، تعمل (6) منها في مجال صناعة الغازات، بالإضافة إلي مصانع المستلزمات الطبية والحقن ومصانع المحاليل الوريدية ومصنع محاليل غسيل الكلى، و تغطي صناعة الأدوية حوالى 30% من إجمالي قيمة الدواء، وحوالى 40% من الحاجة الفعلية لاستهلاك الدواء في السودان ..
– وفى قطاع صناعة الجلود، فتبلغ المدابغ حوالى (21) مدبغة حديثة و(10) مصانع للمنتجات الجلدية، وتقدر الطاقة التصميمية لقطاع إنتاج الأحذية (21) مليون جوز في العام، والإنتاج الفعلي بحوالي (13) مليون جوز ..
– أما قطاع الصناعات الحديدية والمسبوكات فتوجد حوالى (15) مصنعا لإنتاج الحديد معظمها يقع في ولاية الخرطوم ..
– وفى مجال الغزل والنسيج، فبعد توقف معظم مصانع الغزل في العام 2006م، تم إعادة تأهيل مصنع الصداقة سابقاً بواسطة شركة سور العالمية بطاقة تصميمية تبلغ حوالى (10) آلاف و(500) طن في العام، كما تم إنشاء مصنع للغزل في مدينة ود مدني (استثمار صيني) بطاقة تصميمية (7) آلاف طن في العام، وتعمل الآن حوالى (8) مصانع للنسيج بطاقة تصميمية (50) مليون متر في العام ..
– وبتحليل مبسط للوضع الراهن نجد أن كل هذه القطاعات لها عوامل قوة وفرص متاحة، كما أن لها تحديات، إذ تتمثل عوامل القوة في الموقع الجغرافي والمناخ المتنوع إضافة لتوسط للسوق الأفريقية والعربية، إضافة لزيادة التوليد الكهربائي والذي ساهم في توفير الطاقة في مناطق الإنتاج، بجانب توفر الخبرات المتراكمة في مجال هذه الصناعات وتنامي الطلب عليها، خاصة الغذائية منها إلى جانب توفر الأراضي والمياه، فصناعة الاسمنت من فرصها المتاحة توفر المادة الخام في عدة مناطق بالبلاد وتوفر الأسواق، أما في الصناعات الحديدية والمسبوكات فإن الفرص توفير المعادن وخاصة الحديد والنحاس والألمنيوم ..
– أما التحديات التي تواجه هذه الصناعات فتتمثل في عدم الاستغلال الأمثل للمساحات المتوفرة لزراعة المحاصيل الزيتية وضعف الإنتاجية، ومشاكل حيازة الأراضي التي أقعدت التوسع في زراعة القصب بجانب ارتفاع تكلفة الإنتاج وزيادة الضرائب المفروضة على القطاع الصناعي حيث وصلت نسبتها إلي 35% ..
– و من التحديات أيضا عدم توفر النقد الأجنبي الصناعة الدوائية التي تحتاج إلى (81) مليون دولار سنوياً، وضعف الطاقة التشغيلية للمصانع، وعدم استخدام التقانات الحديثة في الغزل والنسيج وإغراق الأسواق المحلية بالمنتجات الواردة من دول شرق آسيا كالصين والهند
– و كخطوة مهمة نحو المستقبل لابد من إجازة قانون للتنمية الصناعية، وتفعيل القوانين المعطلة، خاصة قوانين الإغراق ومنع الاحتكار والمنافسة، إلي جانب تبني سياسات مالية ونقدية فاعلة تجاه القطاع الصناعي، وضرورة توفير التمويل التشغيلي بشروط مسيرة، وتخفيض تكلفة الطاقة إضافة إلى تفعيل دور الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس في حماية المنتجات المحلية ..
– ولابد من طرح مبادرات ونظم تشجيع قيام صناعات التجميع والصناعات الوسيطة، وإحداث المناخ الملائم لذلك، والاستفادة من عضوية السودان في المنظمات الدولية والإقليمية لاستقطاب العون الفني في مجال تطوير الصناعة إلي جانب الحد من التضارب والاختصاصات بين المركز والولايات ..
بعد أخير :
باختصار، يجب أن يتم إعادة تخريط توزيع المدن الصناعية السودانية وفقا لمرجعيات جديدة تستند على توفر المواد الخام المنتجة محليا، ومراعاة تكامل سلاسل الإنتاج ومدخلاته المختلفة بحزمة كلية موجهة بالمنطقة الصناعية الواحدة، مع استهداف السلوكيات الإنتاجية للمدخلات الصناعية الخام وسط المنتجين المحليين لتكون داعمة لجودة واقتصاديات الإنتاج الصناعي، ومراعاة ان يتم منع تسجيل الشركات الصناعية فى سجل الشركات محدودة المسؤولية، وتسجل فقط في سجل شركات المساهمة العامة مع تحديد أسهم للكيانات النقابية للمنتجين المحليين وعمال هذه الشركات بسقف لا يتجاوز الـ 20%، لتمكينهم من المشاركة في تطوير الإنتاج الصناعي وتقوية الرقابة الذاتية على جودة الإنتاج عبر احساسهم بملكية الشركة وتأثير نجاحها أو فشلها على حاضر ومستقبل حياتهم واسرهم .. وأخيرا، لابد من توحيد مرجعيات فرض وتحصيل الضرائب والرسوم الصناعية، على أن يتم ذلك عبر جهاز تحصل موحد يتبع مباشرة لوزارة الصناعة او المالية فقط، وتقوم بقية الجهات المستحقة للموارد باستلام استحقاقاتها من وزارة المالية لمنع التضارب وتعدد الجهات الجبائية وفوضى التحصيل الذى يحدث حاليا ..
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين