تعود السكة حديد للمشهد السوداني عبر تسيير قطار الخرطوم عطبرة جبيت بورتسودان في أولى رحلاته بعد توقف دام أكثر من ١٦ عامآ.يعلن وزير النقل ضربة البداية بعد مجهودات أركان حربه بالوزارة والسكة حديد هذا العملاق المارد الذي ظل قويآ لعقود من الزمان حتى طالته يد التدمير ليصبح نسيآ منسيآ.
تناقلت وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الإجتماعي الخبر بمشاعر متباينة بين الفرحة العارمة والخوف من توقف التجربة إن لم تصحبها إرادة قوية تعزز دور السكة حديد في النقل والاقتصاد الوطني بصفة عامة.
أبدى والي البحر الأحمر استعداده للتعاون وتقديم كل الدعم والسند وهذه إحدي مطلوبات المرحلة في استجابة وتفاعل الدولة لخدمة المواطن حتى تكتمل اللوحة لابد من دعم المشروعات الحيوية الاقتصادية الوطنية.
لم نخفي سعادتنا بعودة قطار الخرطوم عطبرة بورسودان حيث يمثل جزء عزيز من تاريخ كل فرد فينا مرتبط بنهر النيل والبحر الأحمر .عودة السفر بالقطار والذي يربط المركز والولايات بميناء بورتسودان ثغر السودان الباسم- في السودان القديم كما يحلو لبعض المقربين منا ان يدعوه هكذا – ستحي هذه العودة محطات توقف عندها القطار قهرآ قبل ١٦ عامآ،هذه المحطات حملت معها ذكريات المسافرين، قصص إجتماعية وحكاوي وكانت فرصة للتعارف والتصاهر ،نعم كل ذلك في رحلة القطار. لاينسي من سافر بالقطار المحطات الشهيرة في مسمار صمد ، جبيت المعادن ،هيا وتقاطع هيا الذي يعرفه كل من سافر بالقطار .ساعات وأحيانا تصل لأيام حين يتعطل القطار وتتأخر رحلة العريس الذي ينوي إكمال نصفه الآخر في الزواج بولاية البحر الأحمر .
يتكرر المشهد الآن في عهد القطار ذو السرعات العالية ليقطع هذه الأميال في ساعات تختزل خلالها أحداث كثيرة .فالقطار لا يتوقف الآن عند كل المحطات الصغيرة والتي كانت تعرف بالسندة مثلما فعل قبل ١٦ عامآ حيث يقلل القطار من سرعته والوقوف لفترة زمنية قليلة تمكن بعض الركاب من حمل أمتعتهم وهم يودعون بقية الركاب .
هنالك محطات كبيرة بالضرورة يتوقف عندها القطار نتوقع من إدارة السكة حديد الإفصاح عنها تبين خط سير القطار في رحلته عبر الصحراء والجبال نزولا عند ساحل البحر الأحمر.
تغنى الشعراء والمغنيين ونظموا شعرهم مغازلين مرة ومتوسلين ثانيآ ومعاتبين في مرة ثالثة حيث يدور حوار من طرف واحد وتجئ كلماته عميقة …قطار الشوق متين ترحل تودينا نشوف بلدا حنان أهلها ترسى هناك وترسينا …وتعقبها اخري ..القطار دور حديدو ومني شال زولي البريدو قلبي ولع فوقي نار…أما الثالثة تعاتب القطار …القطر الشالك إنت يتكسر حته حته وتسلم لي إنت .
نتمنى السلامة للمسافرين وأن يعود للسكة حديد ألفها وبهائها وتشغيل بقية الخطوط شمالا غربا حتى يتعرف جيل الثورة الراكب رأس لينزل ويركب القطار ولعل قطار عطبرة أيام انطلاقة شرارة ثورة ديسمبر، أيقونة الثورة والتي عرفت كل العالم معنى الثورات.وعرف المجتمع ماذا تعني السكة حديد.قطار عطبرة كان رمزية الثوار فيه عظمة السكة وشموخها عبر تاريخ طويل ممتد .التحية لكل أسرة السكة حديد عمالا ،موظفين ومهندسين أن جعلوا حلمنا في السفر واقعا يستعيد بعضنا ذكرياته ،ويتعرف جيل الثورة على كل أجزاء بلادي الحبيبة
هي دعوة نطلقها ان تدعم كل فئات المجتمع السفر بالقطار لما له من فوائد تتمثل قلة التكلفة ،ودرجة السلامة العالية مقارنة بالسفر جدآ وبرأ ، والسعة الكبيرة التي تمكن المسافرين من حمل أمتعتهم وكثير من الهدايا من خيرات ولايات السودان .
ودعوة أخري للجامعات والمعاهد العليا ترحيل طلابهم عبر القطار مثلما كانت تهتم روابط الطلاب والكليات بالجامعات السودانية ولنا في جامعة الخرطوم رحلات شهيرة لولايات السودان ،بالتنسيق مع إدارات الجامعات والسكة حديد .
ودعوتنا لتفعيل الرحلات العلمية والسياحية عبر القطار ،لابد أن تبادر وزارات التعليم العالي ،والثقافة ممثلة في إدارة السياحة وتهتم بهذا النوع من الخدمات التي تدعم سياستهم ودعم الاقتصاد الوطني.
ونقول لعشاق السفر بالقطار شجعوا وادعموا هذا النوع من السفر حيث متعة النظر والدهشة في رؤية الطبيعة عبر نافذة القطار ،حيث كانت دهشتنا ونحن مجموعة من إعلامي بلادي في رحلة عملية لدولة الصين الشقيقة العام المضي ( قبيل جائحة كورونا) نأخذ القطار من بكين الي شنغهاي الجميلة ليقطع القطار مسافة ١٦٤٠ كلم في أربع ساعات ونصف الساعة والتي كانت حديث الوفد الإعلامي وكانت الأماني بأن تكون رحلتنا القادمة من الخرطوم إلى بورتسودان بوابة السودان للعالم الخارجي .واليوم يتحقق الحلم وتسير اولي رحلات قطار الشوق من الخرطوم إلى بورتسودان .