تلعب الزراعة دورا محوريا في اقتصاديات كبرى دول العالم لما لها من أثر مباشر على الاقتصاد القومي.يمتاز السودان بأراضيه الخصبة المسطحة والممتدة في كل ربوعه على طول وعرض المليون ميل .كذلك وجود عديد من الأنهار يزيد من الرقعة الزراعية . نجد النيل الخالد بكل جماله وبهائه وروعته والذي تغني له كبار شعراء وفناني السودان من أزمان بعيدة .
تحتاج كل هذه الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة إهتمام الدولة والمواطن على حد السواء.ولا ننسى طبيعة الأراضي الزراعية في مناطق جبل مرة بغرب السودان واطلالته على معظم ولايات دارفور مشاكسآ مرة و مغازلآ مرات .وهناك في الشرق الباسم جبال البحر الأحمر بكل شموخ إنسان الشرق وخصوصية مناخها .
كل هذا التنوع يجعل من السودان ميزة أن يزرع معظم أنواع المحاصيل النقدية والخضروات والفواكه. وحتى يصبح سلة غذاء العالم كما يحلو لنا أن نسميه لابد من إستغلال كل هذه الأراضي الزراعية وتطوير زراعة أو إدخال أنواع جديدة من محاصيل ذات إنتاجية عالية وعائد اقتصادي ضخم . قطن الجزيرة وقمح الشمالية وسمسم القضارف والزول صغير ما عارف ،وفواكه جبل ولو زرت مرة جبل مرة يعاودك حنين طول السنين ،هكذا غازل الشعراء هذا الوطن الجميل .
تتضاءل هذه المساحات المستغلة في الزراعة وتتوارى خجلا أمام إمكانيات السودان الضخمة من المقومات الزراعية .
ولعل الذرة الشامية او عيش الريف هذا المحصول ذو اللون الذهبي الآسر والمفضل لكثير ممن يمارسون الحب معه يتعاطونه بكل أنواعه ومسمياته واستخداماته المتعددة .كيف لا وهو أحد محاصيل الحبوب التي تزرع في مختلف مناطق العالم وهو من النباتات المحبة للدفء . يحتاج تربة خفيفة جيدة التهوية وخصبة ،تكون زراعته في معظم أيام السنة تتعدى موسم زراعته ،لا يستهلك كثير مياه. بكل هذه المعطيات يعتبر خبراء الزراعة أن السودان انسب الأراضي في العالم لزراعته .فهو من المحاصيل الواعدة زيادة حصيلة البلاد من النقد الأجنبي ،بجانب المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي.
استفادت كثير من الدول من زراعة الذرة الشامية وتوسعت في استخدامها للإنسان والحيوان .نجده سيد الموقف بأشكال و منتجات مختلفة .فهو من محاصيل الأعلاف للحبوب او العلف الأخضر أو مصدر غذاء للحيوانات من ماشية الأغنام وحيوانات داجنة. الذرة الشامية بكل مميزاتها وتنوع استخداماتها المباشرة وغير المباشرة تستطيع أن تشكل داعما قويا لاقتصاد الدولة .
دعوتنا لوزير الزراعة والغابات أن يعمل علي التوسع في زراعة الذرة الشامية في كل ولايات السودان ،ليفتح الباب واسعا لفئة الشباب من خريجي كليات ومعاهد الزراعة للاستفادة من التقنيات الحديثة وإدخالها في الدورة الزراعية .ولعل واحدة من أسباب نجاح الزراعة الاستفادة من خبراء الزراعة وتبادل الخبرات مع الدول الصديقة والشقيقة .يتحدث العالم الآن عن الزراعة الذكية وماحققته من زيادة الإنتاج مع تقليل العمالة التقليدية والتطور غير المسبوق في كل أنظمة الزراعة .
جاء قرار إعفاء ٥٠مليار دولار من ديون السودان الخارجية والتي بلغت ٥٦ مليارا دولار بردا وسلاما علي السودان ،حيث يتوقع أن يصبح واقعا معاشا باكتمال الإعفاء النهائي.عليه لابد من أن تدور عجلة الإنتاج والتصدير ،والتي يسبقها تخطيط سليم الإعمار وإصلاح المشاريع الزراعية الكبرى يتقدمها مشروع الجزيرة العملاق.
لابد من نشر ثقافة الاهتمام بالقيمة الغذائية لهذه الثروات الزراعية ،عليه ولابد من الارتقاء وتطوير استخداماتها وطرق إنتاجها ،لا ان نتعامل فقط مع الذرة الشامية بالطريقة التقليدية وأكلها إما مشوية في الهواء الطلق او مسلوقة او طحين .
التركيز والتوسع في زراعة الذرة الشامية يمكن ان يلعب دورا محوريا في اقتصاد الدولة …فالذرة يمكن ان تكون بديلا إنتاج للذهب بكل بريقه ولمعانه .
هي دعوة نطلقها لكل خبراء الزراعة في بلادي ان يبتكروا ويستحدث من تقانات زراعية تمكن الدولة من الاستفادة من المساحات الزراعية غير المستغلة .ودعوتنا ان نزرع بلدنا نعلي شانها .ولابد من ترتيب البيت من الداخل حتي تجذب رؤوس أموال وطنية وأجنبية تستثمر في الزراعة باعتبارها المخرج الأول للإقتصاد المأزوم .ولابد من إرادة سياسية داعمة ومحفزة لكل المبادرات التي تطور من الزراعة أمل البلاد والعباد.