أعلنت رئاسة قوات الشرطة عن إصابة 28 فردا من منسوبيها خلال مسيرات اليوم الأربعاء أحدها إصابة خطيرة، كما اصيب عدد 24 شرطي آخرين بمحلية بحري ومناطق متفرقة من العاصمة إصابات متفاوتة.
وأوضحت في بيان لها مساء اليوم أن هناك مجموعات حاولت الوصول إلى مرافق سيادية كالقصر الجمهوري وتصدت لها القوات بالقدر المناسب من وسائل فض الشغب، مشيرة إلى إن هذه المجموعات تعاملت بعنف مفرط تجاه قوات الشرطة.
وأكدت قوات الشرطة التزامها المبدئي بإنفاذ القانون في حماية الأرواح والحفاظ على الممتلكات وأداء واجباتها بمهنية وتجرد، ودعت المواطنين الالتزام بالنهج السلمي للتعبير المكفول لهم بنص الوثيقة الدستورية، مشيرة أن قوات الشرطة قامت بواجباتها المنصوص عليها في القانون وبذلت جهودا مقدرة لحماية المشاركين بجانب تأمين المرافق الإستراتيجية.
أفادت الغرفة المركزية التي شكلها النائب العام المكلف مولانا مبارك محمود عثمان لمتابعة سير المواكب والمسيرات التي انطلقت اليوم الأربعاء بالعاصمة الخرطوم ومدن الولايات المختلفة أنه بفضل الخطة التفصيلية المحكمة للنيابة العامة والتنسيق المحكم مع الأجهزة ذات الصلة ان الغرفة لم تسجل اي حالات وفاة أو إصابة في العاصمة والولايات.
وكشفت الغرفة ان النيابة العامة بالتنسيق مع القوات الشرطية استطاعت اليوم القبض على عدد ٧٣ من المتفلتين وأنه تم ايداعهم حراسات الشرطة المختلفة وتم تدوين بلاغات في مواجهتهم تحت المواد ٦٩ و٧٧ من القانون الجنائي والمتعلقة بـ الشغب والإزعاج العام .
وأكدت الغرفة أن النائب العام المكلف ظل في حالة متابعة لصيقة للأوضاع أثناء المواكب وأنه أشاد بالروح السلمية والمسئولية الكبيرة التي ابداها المتظاهرين.
أكدت جولة لسونا في وسط مدن الخرطوم وبحري وامدرمان انتهت في السادسة والنصف من مساء اليوم الأربعاء عودة الهدوء التام لقلب العاصمة المثلثة.
وتفرق المتظاهرون ذوي المشارب والمآرب الشتى، الذين انتشروا في بعض أنحاء المدن الثلاث طوال النصف الثاني من النهار، لكن الحياة لم تعد لطبيعتها بعد، حيث لا زالت حركة المرور والناس في الشوارع محدودة للغاية ولا زالت الشوارع الرئيسية المؤدية للقيادة العامة للقوات المسحلة مغلقة إضافة لأقل كيلومتر واحد من شارع الموردة جنوب مبنى البرلمان .
أهم ما يلفت النظر في مظاهرات اليوم التي دعا إليها وشارك فيها الاسلاميون والشيوعيون وبعض أطراف لجان المقاومة وجماعات أخرى مختلفة، انها لم تشهد اراقة دماء وسقوط ضحايا، مثل العديد من المظاهرات التي شهدتها الخرطوم لسنوات، حسب التقارير الواردة حتى السابعة.
وبالعكس من المرات السابقة، لم يُشاهد في الشوارع من القوات النظامية، سوى قوات الشرطة التي اتسم تعاملها مع المتظاهرين في مجمله بالمهنية والصبر والميل لتجنب الاحتكاك بالمتظاهرين، بالرغم من أنها اضطرت لاستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين أغلقوا الطرقات بطريقة غير مقبولة تتجاوز حماية المتظاهرين او اقتربوا من مؤسسات الدولة التي يجب الشرطة حمايتها وتأمينها.
كما أثبتت هذه التظاهرات ان حملات وسائل التواصل الاجتماعي المحشوة بأنصاف الحقائق والاكاذيب الكاملة الدسم قد ضللت أنصار الحكومة ومعارضيها معا، فقد ضخمت مخاوف داعمي الحكومة وحقنتها بجرعة زائدة من القلق ومنحت معارضيها إحساسا زائفا ومتورمة أنها فرصتهم لاسقاطها واستئصالها وانتهت تركهم نهبا بالخذلان وخيبة الامل، وارسل الغالبية العظمى من الحانقين على الحكومة بسبب الضائقة المعيشية رسالة واضحة لأنصار النظام البائد بأنهم خارج أية معادلة تنشد مستقبل أفضل للبلاد.
ومن اللافت ايضا ان معظم عواصم الولايات قد شهدت تظاهرات مماثلة لكن غالبية مطالبها كانت ذات طابع ولائي ترتبط بالسياسة والسياسات المحلية في كل من مدني و نيالا وكوستي ودنقلا وعطبرة مما يشي ببزوغ وعي سياسي جديد متحرر من التبعية للمركز.
كانت مواكب الثلاثين من يونيو 2021، على أية حال، تمرينا ديموقراطيا جيدا وضروريا لكل الاطراف، فقد اثبتت ان بوسع السودانيين ان يمارسوا حقهم المشروع في التعبير عن مواقفهم السياسية بالتظاهر السلمي والاحتجاج دون اراقة دماء ودون ان يكون ذلك سببا لإسقاط الحكومة.