الرئيسية » المجتمع » مختصون يدقون ناقوس الخطر:تفشي أمراض خطيرة بسبب مخلفات تعدين الذهب

مختصون يدقون ناقوس الخطر:تفشي أمراض خطيرة بسبب مخلفات تعدين الذهب

التعدين

تقرير : سمية عبد النبي
أدى الاستخدام غير المرشد لمادة الزئبق في استخلاص الذهب من "الكرتة" وغياب الوعي المجتمعي و نقل النشاط الي داخل الأحياء السكنية وبالقرب من مواقع السكن، الى تفشي الأمراض السرطانية والتشوهات الخلقية للأجنة والأمراض الاخرى المتعلقة بالتسمم وتلوث البيئة.
مما دفع بفريق من المتخصصين والعلماء والمنظمات المختصة الى بعث فريق الي المناطق التي تتم فيها الممارسة بغرض إثبات الحالة و التوصية بنقل النشاط الى اماكن اخرى و التوصية بزيادة الوعي وإيجاد بدائل لهذه الممارسة
وقد أثبتت العديد من الدراسات المختصة الأثر السلبي للتعدين العشوائي على البيئة وصحة الانسان اذ يؤدي هذا الأثر البيئي السالب الى التعرية، فقدان التنوع الحيوى، تلوث التربة والمياه الجوفية والسطحية ويؤدي التعدين العشوائي بدرجة كبيرة الى الإخلال بالبيئة المحلية، وتدمير وتعرية التربة، وإتلاف الغطاء النباتي والصرف الطبيعي.
ومؤخرا قام فريق مختص بالشأن البيئي وقضايا التعدين يضم المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية والجمعية السودانية لحماية البيئة وجامعة النيلين بزيارة لولاية نهر النيل في الفترة 13-16 يوليو الجاري طاف خلالها ميدانيا على مناطق معالجة مخلفات التعدين التقليدي المعروفة بالكرتة وذلك داخل المناطق السكنية والزراعية في محلية بربر. جاءت هذه الزيارة عقب الانتشار الواسع لهذه الممارسة وانعكاساتها الخطيرة على صحة إنسان المنطقة والبيئة المحيطة .
واجرى الوفد خلال الزيارة دراسات شاملة على الإنسان والنبات والحيوان والتربة لتقييم الوضع الصحي والبيئي ومقابلة الجهات المعنية ممثلة في الشركة السودانية للموارد المعدنية والمجلس الولائي للبيئة
وأوضح الأستاذ صالح علي صالح الأستاذ المشارك بكلية النفط والمعادن بجامعة النيلين أن الزيارة جاءت أثر مبادرة من جامعة النيلين لتوضيح خطورة استخلاص الذهب من مخلفات التعدين على الصحة العامة والبيئة.
وتم عكس الفكرة على الجمعية السودانية لحماية البيئة التي اتصلت بدورها بالمجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية وتمت الموافقة من قبل المجلس على الشراكة لتطوير المبادرة إلى مشروع بحثي كبير للمساعدة في حل مشكلة تلوث الزئبق في ولاية نهر النيل والولايات المشابهة
ولفت صالح الى ان فريق الدراسة ضم باحثين مختصين في مجال التعدين، البيئة والمياه وهم د. عبدالقادر الفاضل من كلية العلوم البيئية، ود. عمر حمدي من كلية العلوم والتقانة ود.نهلة عبدالله من جامعة نيالا يعاونهم باحثون وأطباء في مجال المياه والسموم
طافت البعثة بمحلية بربر من كنور حتى القوز مرورا بمناطق دار مالي ، المكايلاب ، السلمة ، بانت ، النبوية ، الكنزياب ، السعدابية ، الشقلة وعنيبس حيث اضطلعت على خطورة وجود خلاطات وغسالات "الكرتة" في المناطق الزراعية والسكنية وخطورة استعمال مادة الثيوريا الكيميائية في
استخلاص الذهب من مخلفات التعدين مما يزيد من التلوث و يزيد من تأثيرها المباشر على صحة الإنسان والنبات والحيوان والبيئة حيث يزداد الوضع سوءا مع هطول الأمطار والسيول والفيضانات في ظل وجود أكوام الكرتة في مناطق السهل الفيضي للنيل
وتوقع صالح تنامي الظاهرة وانتشارها في ولايات أخرى وألقى باللائمة على جهات الاختصاص في التراخي الذى صاحب التعامل مع الظاهرة مما ساعد في انتشارها على أوسع نطاق ومازالت كميات كبيرة من الكرتة ترد للمنطقة دون رقابة اضافة الى ان المجتمعات المحلية لم تتلق توعية كافية للتعامل مع الملوثات الكيميائية الخطرة .
اما بروفيسور أزهري عمر عبدالباقي الخبير الوطني والمستشار بالمجلس الأعلى للبيئة فقد اشار الى ان هذه الظاهرة الدخلية وأنها لم تضمن في تقرير المجلس الخاص بحصر استخدام الزئبق في السودان والمقدر بحوالي 321 طن في العام موضحا.
وأشار عبد الباقي إلى زيارة حوالي عشرة مواقع وأخذ عينات من الكرتة الداخلة والخارجة من عملية الغسيل ومن المياه الموجودة في أحواض التجفيف ومياه الشرب من المنازل المجاورة وعينات من الدم والشعر واخرى لبول الاطفال المتطوعين وعينات من لبن وشعر الحيوان والزراعات الموجودة بالمنطقة واخرى من مسافات مختلفة من اكوام "الكرتة" ومسار العربات الناقلة لها للتأكد من مدى انتقالها بالرياح.
لافتا إلى تحليل العينات في معامل جامعة الخرطوم وجامعة النيلين لتحديد مستويات الزئبق وإعداد تقرير متكامل يتم تقديمه للمسؤولين بالمجلس الأعلى للبيئة ووزارة المعادن وجمعية حماية البيئة وحكومة ولاية نهر النيل متضمنا التوصيات الخاصة بتخفيف الآثار الناتجة عن التلوث وأساليب الإدارة والمعالجة البيئية السليمة
وقال علي محمد علي رئيس الجمعية السودانية لحماية البيئة ان منهجية اللجنة في التعامل مع النشاط التعديني تستند على ثلاثة مرتكزات بدءا من الطواف الميداني للوقوف على حجم المشكلة ومن ثم رفع مذكرة وافية للجهات المختصة بالمركز والولاية وعقد مؤتمر وتنفيذ برنامج توعوي طموح بطرق مختلفة وجاذبة للفت الانتباه بالممارسات الخاطئة وانعكاساتها السالبة
و اشار الى أن الزيارة بدأت بالاجتماع مع اللجنة الولائية المكلفة بإزالة الخلاطات والغسالات من المناطق السكنية والزراعية والإطلاع على مهمة اللجنة وخطواتها الرامية لمعالجة المشكلة، كما تم الاجتماع بمدير الشركة السودانية للموارد المعدنية بعطبرة حيث تم شرح الغرض من الزيارة والاستماع للجهود المبذولة لمعالجة مشاكل التلوث وترقية البيئة بالولاية .
وقد انطلق العمل الميداني بالمناطق المستهدفة بإشراف وتنسيق الشركة السودانية للموارد المعدنية وتم خلاله الوقوف على نموذجين من التعدين داخل المنازل والمزارع وأخذ العينات وملء استمارات خاصة بالعمال في الخلاطات والغسالات وأخرى للمواطنين القاطنين بالمنطقة لتقييم الحالة الصحية
و اوضح بان المشاهدات أظهرت ممارسات خاطئة من المواطنين وأنه يتم تشغيل الأطفال القصر في عملية غسيل "الكرتة" بينما تعمل النساء في عملية الحريق لفصل الذهب من الفحم الحجري بالمنازل .
و اضاف بان إفادات المواطنين بالمنطقة أكدت حدوث حالات حساسية في الجلد للأطفال وانتشار الالتهاب الرئوي ووقوع حالات إجهاض وتشوه خلقي في المواليد ونفوق الحيوانات نتيجة شربها من مياه الاحواض، مطالبا بتوعية المواطنين غير المعدنيين بالضرر بينما يطالب المعدنيين بإيجاد البديل لهذه المهنة التي أضحت مصدرا للرزق وحسنت من أوضاعهم المعيشية .
وفي ذات الاتجاه قالت نمارق يس ممثلة المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية حول نقطة الارتكاز الوطنية اتفاقية ميناماتا بشأن الزئبق أن السودان قطع شوطا كبيرا في المصادقة على الاتفاقية التي تهدف إلى حماية صحة الإنسان وسلامة البيئة بموجب ذلك سيتم حظر التعامل مع الزئبق نهائيا بعد فترة السماح الممنوحة مشيرة الى ضرورة إيجاد البديل الأمن لسلامة إنسان السودان وبيئته.
وأوصى الوفد بالتصدي بصرامة للممارسات السالبة و بالإزالة الفورية لأكوام الكرتة من المنازل والأراضي الزراعية بواسطة السلطات المختصة بالاستعانة بالشركات العاملة في المجال .

المصدر: سونا