الرئيسية » المجتمع » قصص مأساوية في السودان.. موظفات يتحولن لبائعات بعد توقف الرواتب

قصص مأساوية في السودان.. موظفات يتحولن لبائعات بعد توقف الرواتب

اواني منزلية

صحيفة اللحظة:
عصف توقف الرواتب في مؤسسات الحكومة السودانية بسبب الحرب المستمرة، بأوضاع عشرات الالاف من الأسر التي باتت تعيش أوضاعاً اقتصادية خانقة، لكن حال الموظفات اللائي يعلن أسرهن بدا غاية في السوء فمن لم تنجو من الموت بالرصاص بات يتهددها الموت جوعا.
منذ احتدام القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف أبريل الماضي تعطلت مؤسسات الدولة في الخرطوم ودارفور على وجه الخصوص بينما كابدت ولايات أخرى للعودة الى العمل رغم تأثرها النسبي بما يجري في العاصمة باعتبارها مركز الثقل الإداري والتقني.
تجسد “زينب” التي تقطن أحد أحياء جنوب الخرطوم معاناة عدد كبير من موظفات الدولة ووضعهن الاقتصادي الصعب.
وتروي إحدى جاراتها لـ”سودان تربيون” كي أنها سمعت صراخ أطفال زينب وهرعت إليهم لتجد السيدة مغشيا عليها بسبب الجوع فهي تطعم زوجها طريح الفراش والأطفال وتظل جائعة طول اليوم ما أرهق جسدها النحيل.
للتخفيف عليها وإنقاذها تضامن أهالي الحي بتجميع مبلغ مالي واعانتها على السفر لذويها في إحدى الولايات البعيدة.
واجبر عدم صرف الرواتب معظم العاملات في الحكومة على بيع مدخراتهن من الحلي والمصاغ الذهبية بأسعار زهيدة لتتمكن من توفير لقمة عيش تسد رمق أطفالهن كما حاولت اخريات امتهان حرف أخرى من بيع الطعام والشاي في الطرقات للحصول على ما يعين من أموال.
ومنع توقف الرواتب بعض الموظفات من مغادرة الخرطوم والبقاء في مناطق خطرة لا تزال تدور فيها اشتباكات مميتة، حيث تزايدت أسعار تذاكر السفر بنحو فلكي، كما عانت اللائي غادرن من ارتفاع كبير في قيمة إيجارات المنازل بالولايات وكان هذا عاملا إضافيا لبقاء العشرات من الموظفات وسط ظروف بالغة التعقيد.
وأطلقت شقيقتان بأحد احياء الخرطوم العريقة نداءً عاجلا بعد ان مكثا بمنزلهما قرابة الشهرين دون ان تتناولان اي نوع من انواع الطعام.
وأفادت ناهد التي تقرب الأختين سودان تربيون ان (ع) و(ب) موظفتان بمؤسسات حكومية ومنذ الوهلة الأولى للأحداث لم تغادرا المنزل ويعيشان على الماء والعصير فقط.
تكابد النساء في توفير الخبز لأسرهن في خضم الحرب الشرسة بالخرطوم
وقالت توفيت (ب) نتيجة الهلع والرعب والجوع فيما استنجدت (ع) بقريبتها التي تقطن شرق النيل وكانت في حالة يرثى لها، بعد أن تغيرت ملامحها تماما وأصبح جسدها نحيلا ولا تستطيع الأكل والشرب.
وتروي عفراء وهي كذلك موظفة كيف انها واجهت الموت في منطقة أبو حمامة التي شهدت اشتباكات حامية كما هددها القصف في وسط الخرطوم وقالت إن خوفها على صغارها جعلها تغادر منزلها دون وعي وهي لا تملك أموال تعيينها على الذهاب إلى ولاية أخرى.
وتقول اضطررت التوسل لصاحب البص لنقلي مجانا إلى المنطقة التي اقصد واستجاب الرجل تقديرا لوضعي خاصة وأنا احمل طفلاً رضيعاً.
وتعتمد بعض الموظفات حاليا على أقاربهن خارج السودان حيث يمدونهن بالأموال فيما تتشارك أخريات الأقارب في ولايات أخرى وهو ما يلقي بآثار نفسية بالغة السوء عليهن.
وتقول رندا الحاج مهندسة بإدارة التخطيط بالمناقل ان مسألة الرواتب مسؤولية الدولة ووزارة المالية اللذان يغضون الطرف عن القضية الأساسية، ونبهت إلى ان معظم النساء توقفت حياتهم العملية ولجأن إلى بيع أغراضهن المدخرة كالاثاثات والاواني المنزلية لسد احتياجاتهن.
ولفتت ان بعض زميلاتها لجأن الى بيع الأغنام، فيما اضطرت أخريات لبيع حافظات المياه وأواني منزلية لم تستخدمها من قبل
وأرسل وزير المالية جبريل إبراهيم، خطابا إلى محافظ بنك السودان المركزي، وجه بموجبه بصرف رواتب العاملين بالدولة لشهر إبريل الماضي عبر فروع البنك بالولايات التي ستقوم بسداد التحويلات الجارية للولايات بنفس قيمتها في شهر مارس الماضي، حسب وكالة الأنباء السودانية.
وحذر الخبير الاقتصادي د. هيثم فتحي في حديثه لسودان تربيون من أن استمرار ازمة الرواتب سيؤدي إلى زيادة معدلات الفقر بوضع حوالي مليون مواطن سوداني في دائرة الفقر ضمن اعداد السودانيين الفقراء أصلا.
ولفت الى ان استمرار الوضع على ما هو عليه له تداعيات سلبية واضحة يتأثر بها كل من له التزامات مالية.
واعتبر فتحي عدم صرف رواتب العاملين في عدة ولايات أخرى لم تصل إليها الحرب هو العجز الكبير الذي تواجهه الدولة نتيجة ضعف تحصيل الإيرادات العامة بسبب الحرب.
واضاف “على رغم أن هناك كثيراً من أوجه المعالجات المتاحة، إذ كان من المفترض أن تكون مرتبات الولايات في الأقل تم سدادها من دون تأخير، باعتبار أن التغذية المالية تتم في أحد فروع بنك السودان، سواء في بورتسودان أو ود مدني بغرض سداد رواتب الولايات”
ورأى فتحي ان استمرار الحرب وانتشار فوضى السلب والنهب يسهم في منع دخول الأغذية والسلع من مناطق الإنتاج إلى مدن عدة، خصوصاً أن العاصمة الخرطوم لم يعد بها أي نشاط اقتصادي سواء زراعي أو صناعي أو تجاري.
وبحسب الخبير الاقتصادي ان التحويلات الخارجية هي العامل الوحيد الذي يبقي كثير من الأسر على قيد الحياة، لأن الراتب لا يكفي للعيش أصلا.
ودعا وزارة المالية الى سرعة إرسال مرتبات موظفي الدولة عبر البنوك العاملة الآن بالولايات وبما يضمن وصول الرواتب إلى الموظفين مباشرة.

المصدر: سودان تربيون