صحيفة اللحظة:
دعت منظمة الصحة العالمية ومنظمات إغاثة أخرى السلطات في ليبيا إلى عدم دفن ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية، قائلة إن “هذا قد يتسبب في مشكلات نفسية طويلة الأمد للعائلات”، أو “قد يحدث مخاطر صحية إذا كانت الجثث مدفونة بالقرب من المياه العذبة”.
وجاءت مناشدات وكالات الإغاثة بعد أن أظهر تقرير للأمم المتحدة أن أكثر من ألف شخص دفنوا بهذه الطريقة حتى الآن، منذ أن تعرضت ليبيا لأمطار غزيرة، الأحد، بسبب عاصفة عاتية قادمة البحر المتوسط.
يكافح السكان وعمال الإغاثة في مدينة درنة الليبية للتعامل مع آلاف الجثث التي أعادتها الأمواج لليابسة، أو تتحلل تحت الأنقاض، بعد أن دمرت الفيضانات المباني وجرفت الكثيرين إلى البحر.
وقال بلال سبلوح، مدير الطب الشرعي لمنطقة إفريقيا باللجنة الدولية للصليب الأحمر في مؤتمر صحافي في جنيف: “الجثث متناثرة في الشوارع، أو تعيدها الأمواج إلى الشاطئ، أو مدفونة تحت المباني المنهارة والأنقاض. في غضون ساعتين فقط أحصى أحد زملائي أكثر من 200 جثة على الشاطئ بالقرب من درنة”، وفق ما أوردت وكالة “رويترز”.
وقال مارتن جريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، في مؤتمر صحافي في جنيف، إن ليبيا بحاجة إلى معدات للعثور على الأشخاص المحاصرين في الوحل والمباني المتضررة بعد السيول والفيضانات، كما تحتاج إلى رعاية صحية أولية لمنع تفشي الكوليرا بين الناجين.
أفادت المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، الجمعة، بأن أكثر من 38 ألفاً و640 شخصاً نزحوا من المناطق الأكثر نكبة في شمال شرق ليبيا بسبب الفيضانات.
وأشارت المنظمة إلى وفاة أكثر من 5000 شخص، فيما سجلت المستشفيات 3 آلاف و922 حالة وفاة، وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية.
وأوضحت، أن ترميم بعض الطرق التي أغلقت بسبب الإعصار “دانيال” سمح لبعض المتضررين من الفيضانات بمغادرة المناطق المنكوبة، فيما تواصل فرق الإنقاذ بحثها عن ناجين.
قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن جريفيث، الجمعة، إن الفيضانات في ليبيا التي أودت بحياة الآلاف في أسوأ كارثة طبيعية في التاريخ الحديث كانت بسبب اصطدام “المناخ مع القدرات”.
وأضاف جريفيث في إحاطة إعلامية “في ليبيا، حيث لا يزال الوصول إلى درنة صعباً للغاية، حيث توجد مشاكل متفاقمة لانهيار السد، فضلاً عن العاصفة التي تندلع من البحر، فهذه مأساة اصطدم فيها المناخ والقدرات”.
وأشار إلى أن الاحتياجات الملحة في ليبيا هي المأوى والغذاء والرعاية الطبية الأولية جراء القلق بشأن المياه النظيفة.
المتحدث باسم الجيش الليبي يوضح:
قال المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المساري، الجمعة، إن أكثر من 1.2 مليون شخص، ليبي وغير ليبي، في منطقة الجبل الأخضر تضرروا من جراء العاصفة “دانيال”، التي أودت بحياة أكثر من 11 ألف شخص في مدينة درنة وحدها.
وأضاف المسماري في مؤتمر صحفي بمدينة بنغازي أن قيادة الجيش عقدت اجتماعا يوم السبت قبل وقوع الكارثة، وأصدرت قرارات برفع درجة التأهب والاستعداد لتقديم الخدمات الإنسانية للمواطنين في حال حدوث الطوارئ، كما تم تشكيل لجنة طوارئ بالتعاون مع الحكومة الليبية المنبثقة عن البرلمان.
وقال إن تركيز الجيش كان في البداية على بنغازي، لأن المعلومات المتوفرة كانت تشير إلى أن العاصفة ستضربها أولا.
وأضاف أنه تم رفع درجة الاستعداد هناك، لكن العاصفة التي اجتاحت بنغازي كانت بسرعة 70-80 كيلومترا في الساعة لكن لم يحدث أي ضرر في بنغازي.
وعندما اتجهت العاصفة إلى مناطق أخرى في الجبل الأخضر، سقطت أمطار غزيرة بشكل تدريجي.
وأشار إلى منطقة الوردية الصغيرة المشهورة بالعسل سويت بالأرض في ليبيا، وقال إنها لم تعد موجودة بالكامل، أما منطقة البياضة فقد شهدت غرق جميع المنازل.
وقال عن هناك مناطق في الجبل الأخضر دمرتها السيول بالكامل، واعتبر أن “ما حدث أمر غير مسبوق في تاريخ ليبيا”.
وأضاف أن كل الطرق الرئيسية والفرعية في منطقة الجبل الأخضر أصبحت مقطوعة بالكامل.
وقال إن ما فاقم الكارثة أن الوديان تصب من الجنوب إلى الشمال باتجاه البحر، والطرق الرئيسية في غالبيتها تمر من الغرب إلى الشرق، وبالتالي أصبحت المياه قاطعة لهذه الطرق مع تدفقها.
وأضاف أن مئات الكيلومترات من الطرق تحتاج إلى إصلاح بعد كارثة دانيال.
ولفت إلى أن مناطق عدة في الجبل الأخضر أصبحت مفصولة عن الأخرى بفعل الفيضانات التي غمرت الطرق وصارت تعتمد على ذاتها.
وأضاف أن الاتصالات قطعت أيضا، كما أن الجيش فقد الاتصال بعدد من العسكريين، مشيرا إلى فقدان نحو 800 عسكري في منطقة درنة.
الكارثة في درنة:
وقال إن العاصفة اشتدت في منطقة البيضاء القريبة من درنة، حيث أصبحت الأمور صعبة جدا، ثم وصلت إلى درنة.
وأضاف أن درنة تقع في شريط ساحلي ضيق، وهي مقسومة بواد ساهم في مفاقمة الكارثة.
وقال إن السد الأول يبعد 13 كيلومتر عن درنة فيما يبعد الثاني كيلومتر واحد فقط عن المدينة.
ولفت إلى أن وسائل الحماية في أحد السدين كانت متواضعة جدا، وبعدما انهار السد الأول البعيد عن المدينة تدفقت المياه إلى السد الثاني ثم اجتاحت المدينة عبر الوادي مما أدى إلى وقوع الكارثة.
1.2 مليون متضرر:
وقال إن منطقة الجبل الأخضر زراعية وسياحية وأثرية ومزدحمة بالسكان، مشيرا إلى 900 ألف نسمة مسجلين في السجل المدني الخاص بالمنطقة.
وأضاف أن هناك شريحة أخرى من الليبيين المسجلين في مناطق أخرى لكنهم يقيمون في الجبل الأخضر مثل النازحين والطلبة وليبيون جاءوا في سياحة داخلية.
ولفت إلى فئة ثالثة تضم الجاليات العربية والإفريقية المقيمة: الجالية السورية تأتي في المرتبة الأولى، ثم الجالية الفلسطينية والجالية المصرية، بالإضافة إلى العمالة الإفريقية من دول مثل تشاد.
وبالتالي هناك أكثر من مليون و200 ألف نسمة يسكنون في هذه المنطقة.
الدعم العربي:
وقال المسماري: “تلقينا دعما مشكورا من مصر والإمارات والجزائر وتونس والسعودية وقطر وكل الدول الشقيقة والصديقة”.
وأضاف: “العمل الإنساني العربي الموحد في ليبيا جعل كل الخلافات تتلاشى”.