الرئيسية » المجتمع » خبراء: أكبر تحدي يواجه سيادة حكم القانون في السودان “غياب المؤسسات”

خبراء: أكبر تحدي يواجه سيادة حكم القانون في السودان “غياب المؤسسات”

حديث الناس

صحيفة اللحظة:

قال الخبير الدستوري مولانا محمد أحمد طاهر ان الوضع القانوني الحالي به اضطراب كبير من حيث المؤسسات العدلية وتعرضها لكثير من الهجمات والاتهامات والتصفيات الى حد كبير مما اثر على فكرة استقلال المؤسسات العدلية

 وأشار في حديثه لبرنامج (حديث الناس) بقناة النيل الأزرق أن المؤسسات العدلية عانت معاناة كبيرة من تهم والارتباط بالتنظيمات الحاكمة مبينا ان إضعاف المؤسسات العدلية ليس في مصلحة البلد وهي الملجأ الأخير للناس من جور السلطة التنفيذية 

موضحا ان القانون موضوعي ولايتعامل بالعواطف وواجبه حماية الأفراد من تجاوزات الدولة وحماية الدولة من تجاوزات الأفراد وقال ان الفترة الانتقالية شهدت استبداد وطغيان السلطة على مبدأ سيادة حكم القانون والوثيقة الدستورية محنطة  ومرقعة وغير نافذة  وهنالك تغييب كامل للقضاء العالي والمحكمة الدستورية

 مشيرا إلى أن الدستور هو سلطة الشعب وهو من يضعه وسلطة الشعب غائبة الآن موضحا ان تغييب المحكمة الدستورية والبرلمان مقصود تقوم به جهات مستفيدة من هذا الوضع وقال ان أي تعيين في المؤسسات العدلية غير مؤسسي  ومن جهة غير مفوضة سيكون خلفه غرض سياسي ويجب تشكيل آلية قانية لتشكيل المؤسسات العدلية.

وقال المحامي د. عادل عبدالغني أن سيادة حكم القانون فكرة مستمرة غير مرتبطة بالفترات الإنتقالية وهي تقوم على مبدأ ان يكون الناس جميعا سواسية امام القانون دون تفرقة بسبب اللون أو الجنس او الانتماء الديني وخلافه

 وأشار في حديثه لبرنامج (حديث الناس) بقناة النيل الأزرق أن وزارة العدل هي المؤسسة الوحيدة التي ليس لها علاقة مباشرة بالعدل وانما هي مؤسسة خدمية تمثل الدولة وتخدمها في قضاياها وهي محامي الدولة 

موضحا ان الواقع القانوني والعدلي بالبلاد الان فيه شيء من الارتباك وهو طبيعي بسبب الانتقال وكانت هنالك فرصة كبيرة في الفترة الانتقالية الأولى لعمل إصلاح مؤسسي لكن للأسف لم يتم اغتنام تلك الفرصة ومحاولة الإصلاح التي بدأت كانت خاطئة مثل فصل الأشخاص من مؤسسات الدولة بتهم الانتماء للنظام السابق 

مبينا ان قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو قانون جيد جدا وضروري لوجود نظام فاسد تغلل في مفاصل الدولة العامة لكن المأساة كانت في كيفية تطبيق ذلك القانون ولم يكن وفقا لسيادة حكم القانون ولم تتبع فيها الإجراءات القانونية لذلك ارتد

 مطالبا بضرورة التفريق بين تفكيك النظام السابق وإلحاق الأذى بالآخرين مشيراً إلى ان القانون هو الذي يحكم علاقة الدولة بالمواطنين وعلاقة أجهزة الدولة ببعضها البعض  

وقال يجب ان لا نترك السياسة تقفز منصات القضاء وإذا جلست السياسة على كرسي القضاء فسد القضاء وإذا ذهب القضاء لمجالس السياسة فسدت السياسة 

مشيرا إلى أن أمر المحكمة الدستورية يجب ان يقوم عليه رجال ونساء شجعان وهم كُثر في السودان ومؤهلين لهذه المهمة والهيئة القضائية يمكن إصلاحها أو تركها تصلح نفسها بنفسها وقال ان العدالة الان تعاني من عدم استكمال مؤسسات الدولة مشيرا الى وجود أكثر من 3.500 حكم إعدام نهائي وجاهز للتنفيذ معطل الآن لعدم وجود محكمة دستورية وإذا قامت محكمة دستورية اليوم وتم تنفيذ حكمين بالإعدام كل يوم فإننا نحتاج الى ما يقارب اكثر من 3 سنوات بدون اجازات تنفيذ كل أحكام الإعدام المعطلة حاليا 

موضحا ان هؤلاء المنتظرين يعانون من ضغوط نفسية كبيرة وتعذيب نفسي  كبير لهم ولأسرهم موجها نداء للخيرين ورجال الدين وزعماء القبائل لقيادة مبادرة للعفو والإصلاح والتسامح مع ضرورة قيام المحكمة الدستورية في اسرع وقت.
من جانبه قال المهندس طارق محجوب الباحث والمهتم بالشأن السياسي ان الواقع القانوني الراهن الان فيه خلل كبير سببه إرث اللا دولة الذي تركه النظام السابق الذي الغى كل مؤسسات الدولة وجعل كل السلطات في يد رئيس الجمهورية 

وأشار في حديثه لبرنامج (حديث الناس) بقناة النيل الأزرق أن انهيار الدولة يصاحبه انهيار القانون وكل القطاعات الأخرى

 مبينا أن قضية الدستور ليست ثقافة عميقة في الفكر السياسي السوداني مبينا ان أكبر تحدي يواجهه سيادة حكم القانون الآن هو غياب مؤسسات الدولة

وقال ان الطغيان السياسي ليس مرتبط بالأنظمة العسكرية فقط والطغيان يمكن ان يأتي من الأحزاب المدنية ومشروعية تداول السلطة بصورة قانونية غائبة الان من اذهان الأحزاب السودانية وكلهم يريدون تصدر المشهد والسيطرة على الوضع الانتقالي لإنفاذ اجندتهم مثل ما فعل النظام السابق

 مشيرا إلى أن قضية انتقال الدولة من شمولية إلى قانونية هو شعور ضعيف في إحساس وفهم القطاعات السياسية السودانية وكلاً يتصارع لتحقيق مكاسبه ولجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو هي أحد مظاهر ذلك 

موضحا انه ضد قضية التفكيك لان الإصلاح لا يتم عبر الجانب السلبي انماء عن طريق إعادة بناء القطاعات التي حدث فيها تمكين وإعادة تأهيلها والفترة الانتقالية لم يكن فيها حرص لإعادة الخدمة المدنية والنظام القضائي الى وضعه الاستقلالي وتم التدخل فيها بنفس ما يفعل النظام السابق وتم استعمال القانون لإجراء إحلال وإبدال ليس لاحقاق الحق وإعادة البناء وحدث فساد نتيجة لهذا الأمر

 مبينا ان قادة الفترة الانتقالية الأولى لم يكونوا حريصين على وجود الدستور وقيام المحكمة الدستورية والمجلس التشريعي موضحا ان القوى السياسية التي تعمل الان لإعادة الفترة الانتقالية حريصة أيضا على عدم قيام المحكمة الدستورية والمجلس التشريعي وإنما جهاز تنفيذي يسيطر على كل السلطات والصراع كله حول السيطرة على الفترة الإنتقالية لأطول وقت ممكن متوقعا أن ينتهي هذا الوضع الى حكم عسكري

 وقال أن إلغاء دستور 2005 رغم مابه من اجماع كان قرار غير صائب وأن وثيقة 2019 التي لم يكن حولها اجماع كبير كانت تحالف بين الجانب العسكري وبعض القوى السياسية وتم صناعتها  لخدمة مصالح تلك القوى وكانت عبارة عن ” انقلاب مدني ” وقال اذا أبعدت السياسة من المؤسسات العدلية والقانونية فإنها قادرة على إصلاح نفسها بقوانينها وترتيباتها الذاتية

 موضحا أن كل ما قدم من أطروحات للدستور تبقى مجرد ترشيحات لا ترقى لمستوى دستور لان الدستور لابد له ان يكون من جهة تشريعية منتخبة.