صحيفة اللحظة:
أعلن رئيس الهيئة العليا للانتخابات في تركيا أحمد ينار، الاثنين، حصول الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان على 49.4% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، فيما حصل منافسه المعارض كمال كيليجدار أوغلو على نسبة 44.96%، وذلك بعد فرز نحو 99 % من إجمالي أصوات الناخبين.
وبهذه النتيجة، تتجه تركيا إلى جولة إعادة في الانتخابات الرئاسية للمرة الأولى في تاريخها، في 28 مايو، لعدم حصول أي من المرشحين على نسبة الـ 50% زائد واحد المطلوبة لإعلان فوز أحد المرشحين في الانتخابات، فيما فاز حزب العدالة والتنمية الحاكم بغالبية واضحة في البرلمان.
وأظهرت النتائج شبه الكاملة لأهم انتخابات تشهدها تركيا في حقبة ما بعد السلطنة العثمانية أن أردوغان الذي يُحكم قبضته على السلطة منذ عام 2003 ولم يهزم في أكثر من 10 انتخابات، أخفق بفارق طفيف عن تحقيق نسبة الـ 50% المطلوبة زائد صوت واحد.
وقال أحمد ينار في مؤتمر صحافي إن “مرشح تحالف (أتا) سنان أوغان، حصل على 5.2 %، فيما نال المرشح المنسحب محرم إينجة على نسبة 0.44 %، بحسب المعطيات الحالية.
ولفت ينار إلى أنه تم فرز 192 ألفاً و187 صندوقاً من أصل 192 ألفاً و214 من صناديق الاقتراع داخل البلاد، أي ما يعادل 99 %، ولم يتبق سوى 27 صندوقاً غير مفتوح من صناديق الداخل.
وفيما يتعلق بصناديق أصوات الخارج، فأوضح ينار أنه تم فتح 8 آلاف و65 صندوقاً من أصل 9 آلاف و594 من صناديق التصويت خارج البلاد، ما يعادل نحو 84 % من تلك الصناديق، لافتاً إلى استمرار فرز الأصوات المتبقية وإدخال البيانات إلى نظام احتساب النتائج.
تنافس كبير:
وتجمع الآلاف من أنصار أردوغان خارج مقر حزب العدالة والتنمية الحاكم وأنشدوا أغاني الحزب مستخدمين مكبرات الصوت ولوحوا بالأعلام ورقص بعضهم في الشارع.
وبدا أردوغان منتصراً عندما ظهر أمام حشد كبير من مؤيديه بعد منتصف الليل ليعلن جاهزيته لخوض جولة ثانية تجرى في 28 مايو.
وقال وسط هتافات صاخبة: “أنا أؤمن من أعماق قلبي بأننا سنواصل خدمة شعبنا في السنوات الخمس المقبلة”.
وكان معسكر أوغلو اعترض في البداية على نتائج فرز الأصوات وادّعى أنه في الصدارة، لكن أوغلو ورغم خيبة الأمل من النتائج بعد تصدره الاستطلاعات قبل الانتخابات، تعهد بالفوز على أردوغان في الجولة الثانية.
وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري للصحافيين إن “إرادة التغيير في المجتمع أعلى من 50%”.
نتائج الانتخابات البرلمانية:
وفي ما يتعلق بالانتخابات البرلمانية، أظهرت النتائج عقب فرز 100% من صناديق الاقتراع، حصول تحالف “الشعب” الحاكم الذي يضم أحزاب “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية” و”الرفاه الجديد” و”الوحدة الكبرى” على نسبة 49.37% من الأصوات.
وحصل حزب العدالة والتنمية منفرداً على 266 مقعداً من مقاعد البرلمان البالغ عددها 600 مقعد، فيما حصل الحزب الرئيسي المتحالف معه “الحركة القومية” على 50 مقعداً، و5 مقاعد لحزب “الرفاه الجديد”، فيما لم يحصل حزب “الوحدة الكبرى” على أي مقاعد.
في المقابل، حصل “تحالف الأمة” المعارض الذي يضم حزبي “الشعب الجمهوري”، و”الجيد”، على 35.12% من أصوات الناخبين، وحصل حزب “الشعب الجمهوري” على 169 مقعداً، وحزب “الجيد” 44 مقعداً.
وحصل “تحالف العمل والحرية” المؤلف من “حزبي اليسار الأخضر” الموالي للأكراد، و”العمال” المعارض، على 10.52% من الأصوات، بإجمالي 62 مقعداً للأول و4 مقاعد للثاني.
ولم يتمكن “اتحاد القوى الاشتراكية”، و”تحالف آتا (الأجداد) من تجاوز عتبة الـ 7% اللازمة لدخول البرلمان، بحصول الأول على 0.29%، والثاني على 2.45% من الأصوات.
إقبال قياسي:
ويتوقع أن تصل نسبة المشاركة إلى 90% في الانتخابات التي ينظر اليها على أنها استفتاء على الزعيم الأطول حكماً لتركيا وحزبه.
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في تركيا 64 مليون ناخب كان عليهم اختيار أعضاء برلمانهم أيضاً في كل أنحاء هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 85 مليون نسمة ويشهد تقليدياً إقبالاً على التصويت.
وقاد أردوغان تركيا في واحدة من أكثر عصورها تحولاً وانقساماً، إذ نمت الدولة الكبيرة لتصبح قوة عسكرية وجيوسياسية ذات ثقل تلعب أدواراً في نزاعات تمتد من سوريا إلى أوكرانيا.
واحتل أردوغان مكانة مرموقة في جميع أنحاء تركيا المحافظة التي شهدت طفرة تنموية خلال فترة حكمه.
ويشعر الناخبون المتدينون بالامتنان له لإزالته القيود عن الحجاب وافتتاحه المزيد من المدارس الإسلامية.
وقال رجب تركتان، أحد أبناء إسطنبول لوكالة “فرانس برس” بعد الإدلاء بصوته متوجهاً إلى الزعماء الأتراك: “أهم شيء هو ألا نقسم تركيا”.
وأضاف الرجل البالغ 67 عاماً: “سنقوم بواجبنا.. أقول استمروا مع أردوغان”.
وأعقب العقد الأول من الانتعاش الاقتصادي لأردوغان والعلاقات الدافئة مع أوروبا، عقد ثان مليء بالاضطرابات الاجتماعية والسياسية، إذ رد على محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 بعمليات تطهير واسعة النطاق جعلته شريكاً غير مريح للغرب على نحو متزايد.
بديل واضح:
ويعطي ظهور أوغلو وتحالفه المعارض المكون من 6 أحزاب، وهو نوع من الائتلاف الواسع الذي برع أردوغان في تشكيله طوال حياته السياسية، الحلفاء الأجانب والناخبين الأتراك بديلاً واضحاً.
ولكن جولة الإعادة يمكن أن تمنح أردوغان في غضون أسبوعين الوقت الكافي لإعادة تجميع صفوفه.
ومع ذلك سيظل يطارده شبح أسوأ أزمة اقتصادية شهدتها تركيا في عهده، والقلق بشأن استجابة حكومته المتعثرة للزلزال الذي وقع في فبراير الماضي، وأودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص.
ويقود أوغلو حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة.
وخلال الانتخابات الرئاسية السابقة التي أجريت عام 2018، فاز أردوغان من الجولة الأولى بعد حصوله على أكثر من 52.5% من الأصوات.
“لا أرى مستقبلي”
أشارت استطلاعات الرأي قبل الانتخابات إلى أن أوغلو سيفوز بأصوات الشباب الذين يشكلون نحو 10% من الناخبين، بهامش خطأ من اثنين إلى واحد.
وقال الطالب الجامعي كيفانتش دال (18 عاماً) لوكالة “فرانس برس” في إسطنبول عشية التصويت: “لا يمكنني أن أرى مستقبلي”.
وأضاف أن أردوغان “يستطيع بناء أكبر عدد من الدبابات والأسلحة كما يشاء، لكنني لا أحترم ذلك طالما ليس هناك قرش في جيبي”.
لكن المعلمة دنيز أيدمير قالت إن أردوغان سيحصل على صوتها بسبب التقدم الاقتصادي والاجتماعي الذي حققته تركيا بعد نصف قرن من الحكم الذي غمره الفساد.
وتساءلت المرأة البالغة 46 عاماً كيف يمكن لتحالف من 6 أحزاب أن يحكم دولة، وهي النقطة التي ركز عليها أردوغان خلال حملاته الانتخابية.
وأضافت: “نعم هناك أسعار مرتفعة (…) ولكن على الأقل هناك ازدهار”.
أردوغان.. صانع ملوك:
وأصبحت حملة أردوغان موجهة بشكل متزايد إلى مؤيديه الأساسيين مع اقتراب الانتخابات.
وحاول أيضاً كسب تأييد العاملين في القطاع الحكومي من خلال منحهم زيادات هائلة على أجورهم في الأشهر التي سبقت الانتخابات.
لكن الآن سيتركز الكثير من الاهتمام على سنان أوغان، المرشح الرئاسي المستقل الذي تحول إلى صانع ملوك بحصوله على 5% من الأصوات.
وقال أردوغان: “لن نقول ما إذا كنا سندعم هذا المرشح أو ذاك، سنجري مشاورات مع ممثليهم ثم نقرر”.