صحيفة اللحظة:
تسبب إعلان السلطات السودانية إفشال محاولة الانقلاب العسكري على السلطات الانتقالية في البلاد العديد من التساؤلات حول الحالة السياسية للسودان، الذي يمر في مرحلة انتقالية عسيرة، حيث تزداد حدة الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية يوما بعد يوم، واحتمالية أن يكون هذا الانقلاب مفتعلا من السلطات ليكون لها ذريعة في التعامل مع هذه الأزمات.
وفي صباح اليوم الثلاثاء، أعلنت القوات المسلحة السودانية أنها أحبطت محاولة للانقلاب العسكري، حيث حاولت مجموعة من العسكريين السيطرة على منشآت إعلامية وإذاعة بيان للانقلاب العسكري، لكن تم إيقافهم، مؤكدة أن الأوضاع حاليا تحت السيطرة.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك أن محاولة الانقلاب هذه مدبرة من داخل وخارج القوات المسلحة، وأنها محاولة من النظام البائد لإجهاض الديمقراطية، لافتا إلى هذه المحاولة تعد مؤشرا على ضرورة إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية.
وفي حديث مع "سبوتنيك"، يرى رئيس وحدة دراسات السودان ودول حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، هاني رسلان، أن "هذه المحاولة تشير إلى حالة الاضطراب التي تعيشها الفترة الانتقالية في السودان"، إذ يقول إن "المرحلة الانتقالية في السودان تقوم على شراكة بين المدنيين والعسكريين لكنها مرحلة غير مستقرة وتواجه تحديات اجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية كثيرة".
وأوضح رسلان أن هذه التحديات تتمثل في "ارتفاع نسب التضخم، والانقسامات في الحاضنة السياسية للحكومة المدنية [قوى الحرية والتغيير]، والاحتجاجات التي تضرب البلاد خاصة في الشرق"، مؤكدا "كل هذا أضعف حكومة هي ضعيفة بالفعل وفاقدة للشعبية في الشارع، مقابل العسكريين".
ويؤكد رسلان أن "هذه المحاولة ستتكرر إن لم يحدث تغييرا جذرياط، ويقول "هذا الوضع غير قابل للاستمرار، ولابد من شركاء الثورة السودانية التي أطاحت بالنظام السابق اتخاذ إجراءات لإعادة صياغة الوضع بما يمكن من تجاوز حالة التأزم القائمة في الوقت الحالي"، مشددا "إن لم يحدث التغيير من شركاء المرحلة الانتقالية سيحدث من خارجهم".
في سياق مختلف، ترى مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، أن "محاولة الانقلاب "مصنعة" من السلطات الحالية في السودان، لتتعامل بشكل أقوى من الاحتجاجات، خاصة في الشرق".
وتقول الطويل لـ"سبوتنيك" إن "سوابق التاريخ السياسي السوداني تشير إلى أن هذه المحاولة قد تكون مصنوعة داخليا، سبق وأن شهد السودان أكثر من صناعة انقلابية، وهذا ما أنجح انقلاب البشير، وحاليا هناك أزمات كثيرة في السودان قد يقلصها أي تحرك عسكري".
وأضافت الطويل: "أتصور أن يكون هناك تعاملا بآليات أقوي، خاصة مع الاحتجاجات في الشرق لأن أحداث الشرق مهدد للأمن القومي السوداني، ولا اتصور ان يمتد هذا التعامل للخرطوم".
أما الكاتبة السياسية المتخصصة في الشأن السوداني، أسماء الحسيني، فتؤكد أن "السلطات الانتقالية قد لا تنجو من محاولات الإطاحة بها إذا لم تتوحد".
وتقول الحسيني إن "هناك أجندات عديدة تتصارع في السودان، وكل طرف فيها يسعى إلى مبتغاه، وهذه الأوضاع معقدة للغاية، وإذا لم يدرك جميع من في السلطة الانتقالية أنهم في مركب واحد لن تنجو هذه المرحلة الانتقالية من محاولات الإطاحة بها"، مؤكدة "تغول أي طرف من أطراف المرحلة الانتقالية على سلطات الآخر، أو محاولة تحجيمه أو الإطاحة به ستطيح بالمرحلة الانتقالية برمتها".
وترى الحسيني أن نجاح الانقلاب العسكري سيزيد من التواترات في السودان، إذ تقول: "إذا أصبح هذا الانقلاب حقيقة، سيظل مطارد من قطاعات واسعة من الشعب السوداني التي ترفض العودة إلى الوراء، وسيكون مرفوضا من المجتمع الدولي الذي ساند هذه السلطة الانتقالية ورفع عنها العقوبات الدولية".
يشار إلى أنه منذ عام 2019 يحكم السودان مجلس انتقالي، مكون من عناصر مدنية وعسكرية، وتم تشكيله بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير الذي حكم السودان لنحو ثلاثة عقود.
وحظيت السلطات الانتقالية في السودان بدعم عالمي واسع، حيث تم رفع اسم السودان من قائمة واشنطن للدول الراعية للإرهاب، ولاقت السلطات الجديدة دعما كبير دوليا وإقليميا.
المصدر: سبوتنيك