صحيفة اللحظة:
اعتبر قائد قوات “الدعم السريع” في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الاثنين، أن التفاوض مع الجيش بشأن حل سلمي للأزمة في السودان “أمر سابق لأوانه”، نافياً وجود أي تحالفات له مع رموز النظام السابق أو سعيه إلى أن تكون قواته بديلاً عن الجيش.
وكانت مصادر ذكرت أن كلاً من القوات المسلحة السودانية وقوات “الدعم السريع” عينت ممثلاً عنها لبدء مفاوضات، من دون الكشف عن مكان انعقادها المحتمل، فيما رجح رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس أن تتم في السعودية أو جنوب السودان.
وقال دقلو في مقابلة مع “الشرق”، الاثنين، إن قواته لا تمانع إيفاد ممثليها للمشاركة في ما وصفه بـ”محادثات تقريب وجهات النظر”، غير أنه شدد على أن من السابق لأوانه الحديث عن مفاوضات بشأن حل سلمي، مبرراً ذلك بـ”عدم التزام من قيادة الجيش” بالهدنة، على حد قوله.
وأضاف: “ليس لدينا مشكلة في التفاوض بشأن الحل، لكن يجب أن تسبقه أشياء، أولها وقف إطلاق النار ووقف الأعمال العدائية وبناء الثقة، وبعد ذلك يبدأ التفاوض”.
وتابع: “ليس لدى القوات (الدعم السريع) مانع في إيفاد مندوبيها بناء على رغبة الآلية التي تقود جهود تقريب وجهات النظر، لكن أهم شيء الآن هو وقف إطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية وعمليات الإجلاء”.
وبشأن البنود التي يرغب في التفاوض بشأنها في حال التوافق على وقف مستقر لإطلاق نار، قال قائد قوات “الدعم السريع” إنه “لا وجود لأي أسس للتفاوض مع الجيش”.
وقال: “ليس لدينا أي شيء للتفاوض عليه، هناك مبدأ نحن ماضون فيه، بيننا اتفاق سياسي، اتفقنا بموجبه كعسكريين على أن نكون خارج العملية السياسية تماماً. لذلك، ليس لدينا أي شيء نتفاوض عليه. فقط نريد (ضمان) أن نكون خارج العملية السياسية، وأن نسلم السلطة كاملة إلى رئيس وزراء مدني من دون خلفية عسكرية، وأن تتشكل حكومة مدنية تمثل كل السودانيين وتتفق عليها المجموعات الموقعة وغير الموقعة على الاتفاق”.
وأضاف: “ليس لدينا أي شيء نتفاوض عليه مع الجيش”.
ونفى حميدتي أن يكون خطابه عن الديمقراطية بمثابة “تكتيك سياسي لاستمالة دعم القوى السياسية التي تقف في صف الثورة”، قائلاً: “أنا لن أكون منافقاً”. وأضاف: “الزمن سيثبت ما إذا كنت سأغير كلامي غداً”.
وأضاف: “أنا مكاني الطبيعي مع الشعب وليس مع النظام أو البشير أو البرهان ولا مع شخص معين”، مشدداً على أن هدفه هو “التحول الديمقراطي الحقيقي”.
وبسؤاله عما إذا كانت قوات “الدعم السريع” تسعى لأن تصبح بديلاً للجيش، قال: “لا نسعى أبداً لأن نكون بديلاً للقوات المسلحة، التي نتمنى أن يكون وسطها شرفاء”.
وأضاف: “نتمنى أن يكون هناك شرفاء يخرجون من قبضة البرهان (قائد القوات المسلحة عبد الفتاح) والمجرمين الذين معه”، متهماً البرهان بتحويل الصراع إلى “صراع قبلي”، على حد تعبيره.
العلاقات مع البشير:
ونفى قائد قوات “الدعم السريع” وجود علاقة بين النظام السابق وقواته، التي انبثقت مما يُسمى “ميليشيا الجنجويد” المسلحة التي قاتلت في مطلع الألفية خلال الصراع في دارفور، واستخدمها نظام الرئيس السابق عمر البشير آنذاك في مساعدة الجيش لإخماد التمرد.
وقال إن “قوات الدعم السريع تشكلت في ظروف معينة، وقاتلت التمرد وقدمت تضحيات كبيرة جداًَ، إذ كانت القوات المسلحة (الجيش النظامي) في أضعف حالاتها آنذاك فيما وصل المتمردون إلى مشارف الخرطوم”.
وأضاف: “أنا لم يكن لدي أي تحالف مع قادة النظام السابق. أنا تعاملي كان مع الرئيس عمر البشير مباشرة، وقدمت له النصائح منذ 2017. لكنه لم يقبل نصيحتي. وبعد ذلك، انحزت للثورة”، التي أطاحت بالبشير في عام 2019.
واعتبر أن الثورة “نجحت”، فيما اتهم قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ومن أسماهم بـ”فلول النظام السابق في الجيش” بـ “إفشال العملية السياسية والحكومة”. وقال إن “ضباط الجيش والاستخبارات في عهد النظام السابق هم من يقودون المعارك الراهنة” ضد قوات الدعم السريع. وزعم أن “المسيطر في هذا القتال ليس البرهان بشخصه وإنما قيادات من النظام السابق”.
الهجوم على الطائرة التركية:
ونفى دقلو أن تكون قواته أطلقت النار على طائرة إجلاء تركية أثناء هبوطها في مطار وادي سيدنا خارج الخرطوم، ما أدى إلى إصابة أحد أفراد الطاقم وإلحاق الضرر بخزانات الوقود.
وقال: “هذا كله كلام غير صحيح. فالدعم السريع هو من قام بتنسيق عمليات الإجلاء. ونحن حريصون على العالم وعلى الهيئات الدبلوماسية. إنهم (الجيش) هم من يسيطرون على مطار قاعدة وادي سيدنا العسكرية”.
وتابع: “أنا وافقت على عمليات الإجلاء لأنها أعمال إنسانية، والجيش هو من قام بالعمليات الهجومية ضد الفرنسيين. نحن لن نعتدي على الدبلوماسيين، لأن لدينا ضباطاً من قيادة الدعم السريع معهم يقومون بتنسيق عمليات الإجلاء”.
ونفى حميدتي امتلاك قواته لطائرات مسيرة، وقال: “إن الجيش هو من يمتلك طيارات ودبابات، وليس نحن.. قوات الدعم السريع تملك فقط مدرعات، وهي ليست حديثة”.
كما نفى أن تكون قوات “الدعم السريع” تتلقى دعماً خارجياً، وقال إن قواته “تسيطر على المخازن الاستراتيجية للجيش كافة”، معتبراً أنها “ليست بحاجة إلى دعم خارجي”.
وأشار إلى أن “المجال الجوي مراقب، وكان سيتم الكشف عن أي شكل من أشكال الدعم الخارجي في حال وجوده”.
الوضع الميداني:
ومع دخول النزاع أسبوعه الثالث، يواصل كل جانب الإعلان عن تحقيق انتصارات في الميدان، وغالباً ما ينفيها الطرف الآخر.
ومع ذلك، قال دقلو إن قواته “تحاصر قيادة الجيش”، مشدداً على أن “كلام الجيش عن تحقيق انتصارات في الميدان غير صحيح”.
وعلق على الفيديو الذي نشرته قيادة الجيش، الأحد، للفريق عبد الفتاح البرهان وهو في مركز العمليات، قائلاً إن “هذا ليس مركز عمليات بل هو مجرد قبو، وما تنشره صفحات القوات المسلحة مجرد دعايات كاذبة”.
وعن عدد الضحايا وسط قواته، قال محمد حمدان دقلو: “ليس لدينا حتى الآن حصيلة بشأن عدد الضحايا”. وأضاف: “في البداية كانت هناك هجمات جوية أجنبية في قاعدة كرري في أم درمان أدت لوقوع عدد كبير من الضحايا وتدمير وحدات عديدة، لكن لا نستطيع تقديم تقديرات بشأن العدد الإجمالي للضحايا إلى حين انتهاء المعارك”.
“تعرضنا للخيانة”
وبشأن الاتهامات التي وُجهت لقوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين وعمليات سلب ونهب، قال دقلو إن “هناك مؤامرة وخيانة تعرضنا لها في قواتنا”، متهماً بدوره ضباط الجيش الذين كانوا منتدبين إلى قوات “الدعم السريع” قبل اندلاع الأزمة.
وزعم أن “قادة قوات الدعم السريع كلهم من الجيش”، وقال: “كنا نظن أنهم سودانيون وتعاملنا معهم أحسن تعامل، لكنهم خانونا كلهم، فمن 480 ضابطاً بقي لدينا 3 ضباط فقط. الباقون كلهم خانونا”.
واتهم دقلو البرهان بـ”فتح أبواب السجون وتجنيد المجرمين وإطلاقهم في الخرطوم”، قائلاً إنه “يهدف بذلك إلى تشويه سمعة الدعم السريع عبر النهب وارتكاب انتهاكات ضد المدنيين”.
وأشار إلى أن “قوات الدعم السريع تسيّر دوريات بهدف إعادة القبض على الفارين، والقبض على أي عسكري بزي قوات الدعم السريع يرتكب أي انتهاكات”.
وكانت القوات المسلحة السودانية اتهمت قوات “الدعم السريع” باقتحام بعض السجون وإطلاق سراح نزلاء، فيما اتهمت قوات “الدعم السريع” من أطلقت عليهم “قيادات الانقلابيين” بوضع خطط ورسم سيناريوهات لارتكاب عمليات تخريب ونهب ومحاولة إلصاقها بقوات الدعم السريع.