الرئيسية » السياسة » بين مؤيد ومعارض..رئيس وزراء للبشير يحظى باستقبال كبير ببورتسودان

 بين مؤيد ومعارض..رئيس وزراء للبشير يحظى باستقبال كبير ببورتسودان

محمد طاهر ايلا

صحيفة اللحظة:
عقب مغادرته السودان من الباب الضيق في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في أبريل/نيسان 2019، حظى الدكتور محمد طاهر إيلا -آخر رئيس وزراء في حقبة النظام المعزول- لدى عودته إلى البلاد باستقبال كبير، فما الذي تغير بين الزمانين؟
وحطت طائرة تقل إيلا في مطار بورتسودان (شرقي البلاد) -مسقط رأسه- عصر أمس السبت، وسط حضور كبير من مناصريه الذين قُدروا بالآلاف، ورفعوا لافتات تمجد الرجل، مثل “إيلا حديد”.
وشارك في الاحتفال -الذي أقيم على منصة خارج أسوار المطار- حشد جماهيري غفير، وقادة مدنيون وساسة منتمون لحزب المؤتمر الوطني (المحلول)، والحركة الإسلامية (المحلولة)، علاوة على الأهالي الذين وفد بعضهم من خارج ولاية البحر الأحمر.
تثير عودة إيلا جدلا كبيرا في السودان لسبيين: أولهما انتماؤه إلى حزب المؤتمر الوطني المحلول، وقيادته آخر حكوماته قبل الإطاحة بالبشير، والثاني متصل بوجود بلاغات وأوامر قبض صادرة ضده من لجنة إزالة التمكين (المجمدة) في تهم تتعلق بقضايا فساد.
ولكن باب الجدل الأكبر الذي انفتح لا محالة بعودته يتعلق بالحشود المرحبة التي انتظرته في المطار وأمام باحته خارج بورتسودان.
من إيلا؟
يعد إيلا أحد أكثر المقربين من الرئيس المعزول عمر البشير، إلى حد تعينه رئيسا للوزارة في آخر حكوماته (فبراير/شباط إلى أبريل/نيسان 2019) خلال ذروة حركة الاحتجاجات المطالبة برحيل السلطات الحاكمة آنذاك (ديسمبر/كانون الأول 2018 إلى أبريل/نيسان 2019).
واكتسب إيلا معظم شهرته في الفترة التي قضاها واليا لولاية البحر الأحمر الساحلية، وفي حقبته حوّل مدينة بورتسودان إلى قبلة سياحية، وهو ما حدا بالبشير لنقله واليا لولاية الجزيرة في محاولة لتكرار السيناريو نفسه وسط السودان.
ولكن تحركات إيلا في البحر الأحمر وبورتسودان شابتها انتقادات “تتعلق بطريقته القابضة، ومنح عقود لشركات من دون إعمال مبدأ الشفافية، علاوة على اتهامات بتركيز جهوده على المدن الرئيسية (بورتسودان ومدني)، واختلال الصرف في عهده وتوجيهه لمشروعات الطرق والمباني عوضا عن بناء الإنسان”، حسب ناشطين.
ولد إيلا في منطقة جبيت (شرقي السودان) عام 1951، لأب ميسور الحال ينتمي إلى قبيلة “الهدندوة”، وهو ما ساعد في تلقيه تعليما عاليا، شمل حصوله على درجة البكالوريوس من كلية الاقتصاد جامعة الخرطوم، والماجستير في المملكة المتحدة.
وفي حقبة الجامعة، انضم إيلا إلى تنظيم الحركة الإسلامية، مما قاده لاحقا لتسنم مهام تنفيذية في حكوماتها المتعاقبة.
كلمات العودة:
وفي كلمته بعد العودة، لخص إيلا مهمته في إرساء مبادئ التعايش في الولاية والعمل لأجل تنمية الإقليم الشرقي.
وشهدت ولايات الشرق (البحر الأحمر، وكسلا، والقضارف) مؤخرا صراعات قبلية راح ضحيتها العشرات.
مؤيدو الزيارة:
يأتي المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة (شرقي السودان) في قمة الجهات المرحبة بعودة إيلا.
وأكد الأمين السياسي الناطق باسم للمجلس سيد علي أبو آمنة أن عودة محمد طاهر إيلا تدعم قضايا الإقليم في ملفات الحكم الفدرالي وقسمة الثروة والسلطة مع المركز.
وقال أبو آمنة للجزيرة نت إن إيلا أكد هذه النقاط في خطابه الجماهيري المقتضب، معبرا عن أمله أن يسهم في الضغط معهم لإلغاء بروتوكول مسار الشرق، المُضمّن في اتفاقية جوبا الموقعة في أكتوبر/تشرين الأول 2020.
ويناهض المجلس الاتفاق بدعوى أنه يكرس لمكون قبلي على حساب بقية المكونات في شرق السودان.
بدوره، نفى القيادي الإسلامي أسامة عبد الماجد وجود ارتباط بين عودة إيلا والحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني.
وقال للجزيرة نت إن هذه العودة تمت بقرار أحادي، وبمعزل عن الحركة والحزب، ولكن أي مكاسب أو اختراقات يحققها إيلا في الإقليم تصب في مصلحة التنظيمين.
رفض العودة:
يبرز تحالف قوى الحرية والتغيير ضمن الجهات التي ترفض عودة إيلا، وتطالب الجهات العدلية بتحريك البلاغات الموجهة ضده من قبل لجنة التمكين.
وتعتقد القيادية بالتحالف سلمى نور أن عودة إيلا تكشف عن التحالف غير المعلن الذي استولى على السلطة في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 بين العسكريين وقادة نظام المعزول البشير، وقالت للجزيرة نت إن عودة إيلا مجرد بداية لعودة النظام البائد بشكلٍ سافر في الفترة المقبلة.
وأضافت “أنه من غير المستبعد أن تتم تسمية الرجل في منصب رفيع بناء على ما جرى من عمليات إطلاق سراح لقادة النظام المعزول، وإعادة كثيرين من مفصوليهم إلى منظومة الخدمة المدنية”. ووصفت الحشود التي استقبلت إيلا بأنها “حشود مصنوعة، يتم تجميعها عن طريق دفع المال والأُعطيات”.
وأصدرت لجان مقاومة البر الشرقي في مدينة بورتسودان اليوم الأحد بيانا أكدت فيه وحدتها وتماسكها، وموقفها المشترك الرافض لزيارة إيلا بوصفه آخر رئيس وزراء للرئيس البشير.
ولكن هذا الموقف يأتي إثر أنباء عن تباين في الرؤى حول أمر العودة بين قادة اللجان الموزعين في انتماءاتهم بين عدة أحزاب سياسية وكيانات أهلية، في حين يقبع معظمهم بعيدا عن المظلات الحزبية.
جدل القانون:
وقال عضو تحالف المحامين الديمقراطيين أمجد عبد الله إن أداء النيابة العامة في السودان بات مصدرا لإثارة كثير من التساؤلات. وأضاف للجزيرة نت أن عودة إيلا تجعلنا نسأل عن طريقة تعامل النيابة مع ملف الهاربين من مواجهة تهم جنائية.
من جانبه، أبان المحامي الناشط شرقي البلاد خالد نور عن تجميد البلاغات ضد إيلا، مع قرار تجميد لجنة إزالة التمكين، ولكنه عاد وأكد للجزيرة نت أن على إيلا مواجهة هذه التهم، لتبرئة ساحته قبل العودة إلى ساحة العمل العام.
بدوره، ربط المحلل السياسي النور أحمد النور عودة إيلا بقضايا شرق السودان، وعلى رأسها الموانئ المطلة على البحر الأحمر، وقال للجزيرة نت إن الرجل بحكم علاقاته الواسعة سيقوم بدور حاسم في هذا الملف.
المصدر : الجزيرة