منحت هدنة الساعات الأربع والعشرين بين طرفي القتال في السودان التي دخلت حيز التنفيذ صباح السبت، سكان الخرطوم متنفّسا نادرا منذ بدء المعارك قبل نحو شهرين، اذ أكدوا أنها وفّرت هدوءا لم يعهدوه خلال اتفاقات سابقة خرقها الجانبان.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ عند السادسة صباحا (04,00 ت غ). وطوال اليوم، أفاد سكان في العاصمة وكالة فرانس برس أن الهدوء في مختلف أنحائها حلّ مكان أصداء القصف أو الاشتباكات أو الطيران الحربي.وعلى رغم أن توقعات السكان حيال الهدنة كانت متواضعة، لكن توقف المعارك في يوم جمعة، أتاح لسكان العاصمة شراء حاجياتهم الضرورية من دون الوقوع في شرك الاقتتال.من جانبه،
قال محمد رضوان الذي يقطن بجنوب الخرطوم أثناء تبضّعه في إحدى أسواقها إن “الهدنة فرصة بالنسبة إلينا للحصول على مواد غذائية بعدما عشنا الفترة الماضية على مواد محددة”.وأكد أنه انتظر “حتى مرت أربع ساعات” على بدء الهدنة ليتأكد من ثباتها، قبل أن يخرج لشراء الحاجات الرئيسية مثل الخضراوات والفاكهة ومواد تموينية.
وتعاني الخرطوم التي كان يقطنها أكثر من خمسة ملايين نسمة قبل بدء المعارك، كغيرها من مدن أخرى، من نقص في المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء وتراجع الخدمات الأساسية. وتركها مئات الآلاف من سكانها منذ بدء القتال.
ومثل سابقاتها من الاتفاقات، تركز الهدنة على تأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى سكان السودان المقدّر عددهم بنحو 45 مليون نسمة، ويحتاج أكثر من نصفهم إلى مساعدات وعلى رغم تأكيد الطرفين نيتهما احترام الهدنة، شدد الجيش على احتفاظه “بحق التعامل مع أي خروقات” من قوات الدعم، بينما أملت الأخيرة بألا يعرقل الجيش “جهود المساعدات الإنسانية لرفع معاناة المواطنين”.
أكد شهود عيان عن ضربات جوية محدودة نفذها سلاح الطيران التابع للجيش السوداني، السبت، في شرق مدينة بحري، بعد دخول هدنة اليوم الواحد حيز التنفيذ.
وقال الشهود إن الطرفين تبادلا إطلاق النار لوقت قصير، صباح السبت، جنوبي الخرطوم قرب معسكر شرطة الاحتياطي المركزي.وفي مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، تفرض قوات الدعم السريع حصاراً على المدينة في محاولة للسيطرة عليها بسبب موقعها الاستراتيجي الذي يربط إقليم دارفور بالعاصمة وجنوب كردفان.
وأشارت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إلى أن مدينة الأبيض في شمال كردفان تعاني تدهوراً في الوضع المعيشي والصحي.
وذكرت اللجنة في بيان، الجمعة، أن معظم المواد التموينية نفدت من الأسواق، مُحذرةً من كارثة غذائية وشيكة.
وقالت اللجنة إنه تمت سرقة مباني منظمة الغذاء العالمي، مشيرةً إلى أن الكهرباء انقطعت عن المدينة أكثر من أسبوعين.
وأضافت: “حاول المهندسون ورجال الإدارة الأهلية الوصول إلى محطة الكهرباء، لكن تم الاعتداء عليهم ونهبهم”.
بجانب استمرار الاشتباكات في دار فور
وجاء الإعلان عن الهدنة الجديدة في بيان مشترك سعودي-أميركي، أعرب فيه الطرفان اللذان يقودان منذ أسابيع وساطة بين المتحاربين، عن خيبة أملهما من فشل كل محاولات التهدئة.وقالت الخارجية السعودية إن الرياض وواشنطن “تتشاركان مع الشعب السوداني حالة الإحباط من عدم الالتزام بالهدن السابقة”، آملة أن تتيح الهدنة الجديدة وصول المساعدات وخفض العنف وتعزيز “بناء الثقة بين الطرفين مما يسمح باستئناف مباحثات جدة”.
وعلّقت واشنطن والرياض المباحثات الأسبوع الماضي، وحضّتا الطرفين على إبرام اتفاق جديد للهدنة. وحذّرتا من أنه في حال خرقا هدنة السبت “فسيضطر المسيّران إلى تأجيل محادثات جدة”.