صحيفة اللحظة:
بعد مرور 100 يوم على الإجراءات التي اتخذها الجيش السوداني لحل مجلسي السيادة والوزراء وتشكيل مجلسين جديدين، لا يزال مستقبل الحل السياسي غامضاً، في ظل استمرار الاحتجاجات ضد ما يعتبره المتظاهرون من الشارع السوداني والأحزاب السياسية، هيمنة عسكرية على الحياة السياسية.
وفي ظل حالة الاحتقان السياسي، بدا أن الوضع يتطلب مبادرة مركزية لحل الأزمة، ومن هنا طرح رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة الحكومة الانتقالية، فولكر بيرتس، في 8 يناير الماضي مبادرته للتشاور مع الفرقاء السياسيين في السودان.
وشملت المبادرة التي تقترب من نهايتها جميع الفاعلين السياسيين، بما في ذلك المكون العسكري الذي ذكر في تصريحات لنائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو "حميدتي" أنه وافق على المبادرة الأممية كمسهل، وليس كوسيط بينهم وبين المدنيين.
وعلى صعيد آخر جدد تجمع المهنيين السودانيين في بيان، الجمعة، رفضه لقاء الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، رئيس بعثة (يونيتامس) في السودان، فولكر بيرتس.
واتهم البيان بعثة الأمم المتحدة (يونيتامس) بعدم الالتزام بمهمتها حسب التفويض الممنوح لها من قبل مجلس الأمن الدولي، بدعم ومراقبة الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وقال إن البعثة الأممية لم تتخذ الموقف المرجو منها بإدانة قرارات رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر الماضي.
وأضاف أن موقف البعثة في "فرض وتثبيت" الاتفاق السياسي بين البرهان ورئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك في نوفمبر الماضي، يناقض تفويض البعثة ومهامها "ما يؤكد عدم أهلية البعثة ورئيسها للقيام بدورها في دعم ومراقبة الانتقال الديمقراطي في البلاد".
وأعلن التجمع رفضه "لما يسمى بمبادرة الحوار التي أطلقها فولكر، لبعدها عن مطالب الثورة والشعارات المرفوعة من قوى الثورة الحية في مواجهة انقلاب اللجنة الأمنية وحلفائها".
وأعلن التجمع على إثر ذلك "رفضه لقاء فولكر وبعثته"، مؤكدةً تمسكه "بما أعلنه منذ الوهلة الأولى لانقلاب 25 أكتوبر الماضي بضرورة إسقاطه وتقديم الضالعين فيه من العسكر وقادة المليشيات والمدنيين للعدالة الناجزة في محاكم خاصة".
وشدد على "تأسيس سلطة الشعب المدنية الكاملة على شرعية دستورية وثورية جديدة من أجل إنجاز مشروع التغيير الجذري والتحول الديمقراطي الحقيقي".
وأشار البيان إلى أن "اليونيتامس لم تلتزم بمهمتها حسب التفويض الممنوح لها من قبل مجلس الأمن الدولي بدعم و مراقبة الانتقال الديمقراطي في البلاد"، نافياً اتخاذها "الموقف المرجو منها بإدانة إنقلاب اللجنة الأمنية لنظام الجبهة الإسلامية القومية في 25 أكتوبر".
وأضاف أن البعثة الأممية "سعت لدعم الانقلاب والاعتراف المخزي بسلطة الانقلاب وقائده عبد الفتاح البرهان، كما عملت على فرض وتثبيت اتفاق شرعنة الانقلاب المرفوض".
وأشار بيان التجمع إلى أنها "مواقف تناقض تفويض البعثة ومهامها"، وعدّها "اصطفافاً مؤسفاً مع طغمة الجنرلات وقادة المليشيات وأمراء الحرب، ما يؤكد عدم أهلية البعثة ورئيسها للقيام بدورها في دعم ومراقبة الانتقال الديمقراطي في البلاد".
ولفت التجمع إلى أن "المبادرة اتخذت موقف الحياد من الانقلاب العسكري في دعوتها للحوار والتواصل بين الفرقاء السودانيين"، معتبراً ذلك "موقفاً غير قانوني حسب المهام المنصوص عليها للبعثة ورسالة المنظمة الأممية في دعم السلم والديمقراطية".
ووصف البيان المبادرة بأنها "محض محاولة مكشوفة لإنقاذ الانقلابيين وإضافة شرعية زائفة على سلطتهم"، مؤكداً "ألا سبيل سوى إسقاط الانقلابيين جميعاً عبر وسائل شعبنا المتنوعة والمجربة في المقاومة السلمية، وتواثقت على المضي قدماً لانتزاع السلطة الوطنية المدنية الخالصة عبر الشرعية الثورية وتأسيسها وفق وضع دستوري جديد".
وتابع "بناءً على دروس شعبنا وثورته المجيدة، (..) فإن أي محاولة للعودة لوضع ما قبل 25 أكتوبر 2021 من شراكة أو تفاوض مع العسكر مرفوضة، وسنواجهها ونسقطها مع شعبنا الأبي وقواه الثورية الحية".
وكان فولكر أعلن في 10 يناير، إطلاق مبادرة يقوم بمقتضاها بلقاءات ثنائية مع الأطراف المختلفة، في محاولة لحل الأزمة السياسية في البلاد، مشيراً إلى أن "الأمم المتحدة لن تأتي بأي مشروع أو مسودة أو رؤية لحل".
وسبق أن رحب مجلس السيادة في السودان بمبادرة بعثة الأمم المتحدة "يونيتامس" لدعم التوافق السياسي في البلاد، واعتبرها "خطوة في الاتجاه الصحيح معالجة الوضع السياسي الراهن في البلاد
وذكرت "سونا"كما شارك ممثلون لما يزيدُ عن 20 مجموعة تمثلُ منظمات المجتمع المدني المجموعات النسائية وحقوق المرأة والمجموعات السياسية في جلسات المشاورات التي تُيسرها البعثة في إطار المشاورات حول حل الأزمة السياسية في السودان والتي أعلن فولكر بيرتيس، الممثل الخاص للأمين العام عن إطلاقها في الثامن من شهر يناير الحالي
كجزء من مبادرة على مرحلتين؛ تتمثل الأولى في توفير مساحة لأصحاب المصلحة السودانيين لعرض رؤاهم ومقترحاتهم حول سُبل المضي قدماً في عملية الانتقال الديمقراطي من خلال لقاءات تسهم في تحديد شكل وسياق المرحلة التالية من المبادرة.
وخلال الأسبوع الماضي، قاد السيد فولكر بيرتيس، بدعم من فريق اليونيتامس؛ عدداً من جلسات المشاورات مع ممثلين عن عددٍ من المجموعات شملت، حزب المؤتمر الشعبي؛ مجموعة من الخبراء والأكاديميين؛ قوى الحرية والتغيير (مجموعة الميثاق)؛ اتحاد عام أصحاب العمل السوداني؛ مجموعة الأمل السودانية؛ تحالف منظمات المجتمع المدني؛ مبادرة الصحفيين والكُتاب؛ منظمة أسر شهداء ثورة ديسمبر؛ الحزب الاتحادي الموحد؛ مجموعة من أحزاب شرق السودان؛ نساء قوى الحرية والتغيير؛ حزب تيار الوسط للتغيير؛ الجبهة الثالثة تمازج؛ مجموعة من الناشطات الشابات؛ منظمة إباء للتنمية؛ مجموعة من الأكاديميات والخبيرات في الجندر؛ المُوقعين على مسار الشرق في اتفاقية جوبا للسلام وأحزاب البجا السياسية من شرق السودان؛ منبر السودانيين الحر للوحدة؛ مجموعة من قدامى المحاربين وضحايا الحرب؛ قوى التجمع الشبابي الثوري الحر؛ مجموعات نسائية من جنوب وشمال وغرب كردفان؛ حزب البناء السوداني و الحركة الوطنية الديمقراطية.
"تسعى عملية المشاورات للاستماع لما يعتقدُ السودانيون بأنه الحل لتجاوز الانسداد السياسي الراهن، وليس العكس" بحسب الممثل الخاص للأمين العام، فولكر بيرتيس، في معرض تأكيده على أن هذه العملية يملكها السودانيون، في وقت لا تمتلك فيه الأمم المتحدة حلولاً جاهزة لتقديمها. كما تستمر "اليونيتامس" في تلقي مزيد من الطلبات لعقد لقاءات مشاورات من العديد من المجموعات
وبينما يترقب السودانيون إعلان البعثة الأممية الخطوة المقبلة في مبادرتها بعد عملية جمع وجهات النظر من الأطراف، يبدو أنَّ هناك "تباعداً كبيراً" في المواقف بين القوى السياسية بخصوص رؤيتها لحل الأزمة وإنقاذ الفترة الانتقالية.
وفي آخر تصريحاته عن الأزمة، قال قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان: "لن نسلم السلطة إلا لمن يأتي عبر الانتخابات أو الوفاق السياسي"، في إشارة إلى قابلية الوضع الحالي للاستمرار، على الرغم من تأكيد المكون العسكري أنه منفتح على الحوار مع جميع المكونات السياسية.
ومنذ إجراءات الجيش في 25 أكتوبر الماضي، تدخَّلت لحل الأزمة السياسية أطراف محلية ودولية، كما لم تتوقف دعوات التهدئة، كما شهد السودان طوال الفترة السابقة زيارات دبلوماسية مكثفة من الدول العربية والإفريقية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.