صحيفة اللحظة:
كشف مكتب المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو، الثلاثاء، أن ما نقلته وسائل إعلام على لسانه بشأن جهود يقوم بها لبحث احتمال نشر قوات سلام أفريقية لحماية المدنيين في السودان، قد أخرج عن سياقه.
وكانت وسائل إعلام عربية ذكرت، الأسبوع الماضي، أن بيرييلو، قال خلال اجتماع مع مجموعة من الصحفيين في العاصمة الكينية نيروبي، إنه يعقّد بمشاورات مع الاتحاد الأفريقي بشأن إمكانية نشر قوات سلام أفريقية لحماية المدنيين، وذلك مع استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية وتزايد الدعوات الدولية للتدخل لحماية المدنيين.
وتقول قناة “الحرة”وبعد تواصلنا معه من خلال مكتبه في الخارجية الأميركية، قال بيرييلو إن الكلام تم تغيير معناه، موضحا أن رده الرسمي هو ما نشره أيضا على صفحته في “أكس”.
وكان بيرييلو كتب، يوم 4 أكتوبر الجاري، “لدينا قنوات اتصال مفتوحة مع الاتحاد الأفريقي حول آلية مراقبة الاتفاقيات الحالية والمستقبلية. ومن الأفضل دائما أن نكون مستعدين، ويجب على المجتمع الدولي أن يقيم الخيارات المتاحة لدعم تنفيذ وقف الأعمال العدائية محليا أو وطنيا في المستقبل”.
واعتبر أن ما فهم من سياق كلامه هو بعيد عن الجهود الدبلوماسية التي يسعى إليها حاليا.
أما الدعوات بشأن إرسال قوات إفريقية مثل “إيساف” فهذه الدعوات ليست جديدة، فقد دعت إليها من قبل الهيئة الحكومية للتنمية في إفريقيا “إيغاد”، خلال اجتماعها في أديس أبابا في يوليو 2023 بعد ثلاثة أشهر من بداية الحرب في السودان.
وجاءت دعوة “إيغاد” لنشر قوات “إيساف”، التي تعتبر جزءا من الاحتياطي العسكري لشرق إفريقيا، لضمان حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين من القتال.
لكن الأمر لم يتجاوز مرحلة المشاورات حتى الآن، فهذه القوات تدخلت من قبل في دول مثل الصومال وجنوب السودان لدعم عمليات حفظ السلام واستعادة الاستقرار.
تعثر الدبلوماسية
في ظل هذه الدعوات والوضع الإنساني السيء، تعثرت العديد من المفاوضات والمبادرات الدولية الرامية لحل الأزمة.
وكانت آخر هذه المبادرات في أغسطس الماضي، بقيادة الولايات المتحدة في سويسرا، تحت رعاية مشتركة سعودية وسويسرية، وبمشاركة الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات كمراقبين.
وشاركت قوات الدعم السريع في المفاوضات، بينما رفض الجيش السوداني المشاركة لأسباب عدة، من بينها اعتراضه على دور الإمارات كمراقب، حيث اتهمها في مجلس الأمن بدعم قوات الدعم السريع وتغذية الصراع.
كما عبر الجيش عن رفضه لمخرجات محادثات جدة ورفضه استخدام مصطلح “الجيش” من قبل الجانب الأميركي للإشارة إلى البرهان عوضا عن اعتباره رئيس الحكومة الشرعية للسودان.
وفي سبتمبر الماضي، دعا الرئيس الأميركي، جو بايدن، أطراف النزاع السودانية للعودة إلى طاولة المفاوضات بحثا عن حل سلمي للأزمة.
ورغم ترحيب الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بدعوة البيت الأبيض، فإن الشكوك لا تزال قائمة بشأن جدية الطرفين في التوصل إلى تسوية سياسية.
ففي مقابلة أجراها مع “بي.بي.سي”، قال مساعد القائد العام للجيش السوداني، الفريق إبراهيم جابر، إن محادثات السلام قد تستمر، لكن الجيش لن يتوقف عن القتال، مؤكدا وجود تعاون عسكري مع إيران وأنهم قاموا بالفعل بشراء أسلحة منها.
ومع إصرار الطرفين على الحسم العسكري، ازدادت الأوضاع تعقيدا في السودان، حيث أظهرت الحرب بشكل جلي تدفقا غير مسبوق للأسلحة.
وأكدت منظمة العفو الدولية، في يوليو الماضي، أن دولا مثل الصين وروسيا وصربيا وتركيا والإمارات واليمن، ضخت كميات كبيرة من الأسلحة إلى البلاد، مشيرة إلى أن طرفي الصراع يقوما بشراء هذه الأسلحة التي تغذي حرب السودان وتقلل من فرص الوصول لحل سلمي.
ماذا يعني إرسال قوات أفريقية
وعند الحديث عن إرسال قوات افريقية للسودان في ظل هذه التعقيدات وفشل العديد من المبادرات السابقة، يعتبر كاميرون هدسون، في حديث للحرة، أن إرسال قوات افريقية للسودان هو غير منطقي ولن يحدث وقد يستغرق إرسالهم، في حال اتخذ القرار، أشهر أو حتى سنوات.
وأضاف هدسون، وهو مستشار الشؤون الأفريقية في المركز الدولي للدراسات، أن الحكومة في بورتسودان لن توافق على إدخال هذه القوات.
وقالت أماني الطويل، من مركز الأهرام المصري، للحرة، إن التدخلات الخارجية في الدول الأفريقية، مثل التدخل الفرنسي في مناطق عدة، غالبا ما تواجه مقاومة داخلية وتفشل في تحقيق الاستقرار.
وفي الحالة السودانية، تحذر الطويل من أن تعدد الأطراف العسكرية والتحالفات القبلية قد يؤدي إلى فوضى أكبر على الصعيد العسكري، مما يضعف من احتمالية نجاح أي تدخل عسكري، حتى وإن كان من قبل قوات أفريقية.