صحيفة اللحظة:
ركزت صحف بريطانية على تحليل أسباب وعوامل أسهمت في تنفيذ الجيش السوداني انقلابا عسكريا في البلاد
ورأى بيتر بومونت، الذي نشرت الغارديان مقاله بخصوص انقلاب السودان، أن احتمالات قوية لانهيار التسوية التي توصل إليها المدنيون والعسكريون في السودان عقب إسقاط عمر البشير في 2019 كانت واضحة للغاية.
ورجح أنه بينما كانت الحركات التي شاركت في الثورة تبعث بوفودها إلى الاحتجاجات الحاشدة في الخرطوم ويناقش الطلاب احتمالات الديمقراطي أمام بائعي القهوة الجوالين على أرصفة الجامعة، كان العسكريون يراقبون المشهد من بعيد بأعين جنودهم الذين يتولون حراسة نقاط التفتيش.
وفي حقيقة الأمر، كانت الساحة مهيئة تماما لاستضافة المنافسة الشرسة على السلطة في السودان بين الفرقاء الكثيرين، بمن فيهم الجيش، والميليشيات، وجماعات المتمردين المحليين، وبين كل هؤلاء من يتبنون رؤية إسلامية للدولة، وفقا لبومونت.
وأكد الكاتب أن الأمر الذي آلت إليه الأوضاع في السودان لم يكن وليد اللحظة، بل أن: "بذور انقلاب السودان زُرعت فور سقوط البشير".
واستكمل حديثه عن المسار المرسوم للأحداث على صعيد الثورة السودانية، مؤكدا أن البداية الحقيقية كانت في 2019 عندما سقط عمر البشير، الذي استولى على السلطة هو أيضا بانقلاب عسكري عام 1989، بمجرد أن سحب الجيش دعمه لرأس النظام في ذلك الوقت.
ورجح أن حصاد ما زرع من بذور الخلافات والصراعات بين الفرقاء السودانيين جاء في الأشهر القليلة الماضية عندما نزلت الأطراف بصراعاتها إلى الشارع، وهو ما تجلى في محاولة الانقلاب التي شهدتها السودان الشهر الماضي.
ومنذ البداية، كان هناك استياء من حالة الضعف التي بدا عليها المجلس العسكري في السودان بعد أشهر عدة من اندلاع الثورة عندما توصل إلى تسوية مع قوى الثورة وتم تأسيس مجلس السيادة السوداني الذي حكم البلاد حتى تنفيذ انقلاب المكون العسكري للمجلس على الحكومة المدنية.
وكان وقود الانقلاب على الأرجح تلك القوى التي انتقدت ضعف المجلس العسكري، والتي دعت إلى اعتصام يطالب بعودة الحكم العسكري إلى البلاد.
وكرر عبد الله حمدوك، رئيس وزراء السودان الذي قالت تقارير إنه قيد الإقامة الجبرية، تحذيره في أكثر من مناسبة من إمكانية أن تشيع الفوضى في البلاد وينتهي الأمر إلى حرب أهلية ما لم تتم تسوية الخلافات بين الفرقاء السودانيين الذين يقودون عملية الانتقال الديمقراطي.
واستشهد الكاتب بتصريحات شخصيات بارزة معنية بالأوضاع في السودان منهم مدير برنامج أفريقيا في المجلس الأوروبي تيودور مورفي الذي رجح أن الجيش السوداني أقدم على الانقلاب بسبب مخاوف حيال إمكانية أن يضعف موقفه في البلاد علاوة على دعمه في هذا التحرك من قبل دول أخرى.
وقال مورفي: "تقارير موثوقة أشارت إلى أن مصر والإمارات العربية المتحدة تدعمان الاتجاه العام للقوات المسلحة السودانية".
وتوقع مدير برنامج أفريقيا في المجلس الأوروبي أن تكون هناك صدامات بين مؤيدي المكون المدني في مجلس السيادة السوداني من جهة، ومزيج من المحتجين الذين يؤيدون الجيش بطريقة أو بأخرى والحركات المسلحة في السودان من الجهة الأخرى، وفقا لمقال الغارديان.
وأشار إلى أنه "من الواضح أن الحركات الاحتجاجية المنحازة للمدنيين تضم أعدادا كبيرة، وأنها على قناعة، رغم تأكيدات الجيش، بأن ما يتم تمريره الآن انقلاب حقيقي".
كما استشهد كاتب الغارديان بتصريحات محللة الشأن الأفريقي في مجلة ذي إيكونوميست سانيا سوري التي قالت: "بينما يُنظر إلى التطورات الأخيرة في السودان على أنها انتكاسة كبيرة للبلاد تعكس الطبيعة الهشة لاتفاق السلام، لا أرى أن هناك الكثير من الأشياء التي يأمل الجيش السوداني في الحصول عليها بعد أن نقض اتفاق تقاسم السلطة".
وأضافت: "الدعم الدولي والمساعدات المالية من الأمور الضرورية التي من شأنها أن تساعد في تحقيق تعافي مستدام للاقتصاد في السودان، خاصة في أعقاب انتشار الوباء".
وتوقعت أن يسارع الشركاء إلى سحب دعمهم للسودان حال استيلاء الجيش على السلطة"، مرجحة أن تشهد البلاد حالة من الفوضى في الأسابيع المقبلة، إذ يحتشد المتظاهرون المؤيدون للديمقراطية في الشوارع بينما يحاول الجيش تفريقهم.