حصل موقع “سكاي نيوز عربية” على دراسة قدمت في 2016 للحكومة السودانية تضمنت خطة؛ قال خبراء إن تنفيذها كان كفيلا بمنع كارثة السيول التي اجتاحت الأسبوع الماضي أكثر من 50 قرية في منطقة الجزيرة في وسط السودان، وأحدثت خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والمساحات الزراعية.
ويؤكد معد الدراسة والباحث في جامعة توتوري في اليابان؛ المعتز عبد الكريم عبد الفتاح أن الدراسة أجريت وفقا لمعايير علمية وتوقعات مستقبلية بهدف الاستعداد لأي طارئ قد يحدث مثل السيول التي اجتاحت المنطقة حاليا.
ويقول عبد الفتاح لموقع “سكاي نيوز عربية” إن الدراسة وضعت كافة التحوطات الفنية التي كانت كفيلة بتقليص المخاطر إلى أقصى حد ممكن.
ولا يعرف عبد الفتاح بالتحديد السبب الذي منع تنفيذ تلك الدراسة في ذلك الوقت، لكنه يشير إلى أن تنفيذها كان سيساعد على تفادي الكثير من الدمار الذي حدث خلال الأيام الماضية لان المشكلة تكمن في ضعف وإهمال القنوات الرئيسية التي تفصل منبع تلك السيول قرب النيل الابيض عن المنطقة التي تقع فيها القرى التي تضررت بشكل كبير خلال الأيام الماضية.
وأوضح عبد الفتاح أن الدراسة أوصت بإعادة تأهيل البوابات والكباري الحديدية ومنشآت التنفيس وغيرها من القنوات المائية لزيادة قدرتها على التحمل والحماية.
ووفقا لعمر العوض المستشار الأسبق لوزارة الري، فإن القناة الرئيسية المشمولة بتلك الدراسة لها مهمة أساسية واحدة وهي أن تعمل كواق من السيل القادم من هضبة المناقل، وإعادة توجيه المياه إلى النيل الابيض.
وهضبة المناقل هي هضبة كبيرة تمتد من أطراف مشروع المناقل حتى جبل موية” قرب النيل الأبيض والذي يتلقى في مواسم الأمطار كميات مهولة من المياه فتنحدر من عليها في شكل سيل جارف في جميع الاتجاهات.
وفي ذات السياق؛ يؤكد هاشم بن عوف الذي شغل منصب وزير البنية التحتية في حكومة حمدوك أن آراء العديد من الخبراء اتفقت على أن تفادي الكسر المحتمل من السيل القادم من هضبة المناقل كان يستوجب تعلية طرف الترس المحدد للمصرف باتجاه المجرى الذي حدث فيه الهدم لرفع سعة المصرف ليستوعب كامل المياه وتوجيهها نحو النيل الأبيض.
ويقول ابن عوف لموقع سكاي نيوز عربية إن مثل هذه الدراسة وغيرها من الملفات المتعلقة بحياة البشر؛ كان يجب اعتبارها أولوية في رصد وتأمين تمويلها من الدولة.
وأضاف “يجب ألا تجد الوزارات المختصة الصعوبة البالغة في إقناع وزارة المالية بوضع ميزانيات للصيانة والأعمال الوقائية، حيث أنه بالإضافة للخطوط الحمراء لحفظ الحياة فإن الجدوى الاقتصادية وبمعادلات واضحة ترجح فيها القيمة المادية المبنية على حفظ الأنفس على ثمن الصيانة في المدى القصير والفوري”.
ورأى خبير الري والخزانات أبوبكر مصطفى أن كارثة سيول منطقة المناقل بولاية الجزيرة أظهرت أحد أقبح أوجه فساد تنظيم الإخوان خلال الأعوام الثلاثين لفترة حكمهم والتي شهدت تدميرا وفسادا وإهمال ممنهجا طال كافة بنيات مشروع الجزيرة الذي يعتبر الأكبر في العالم الذي يروى بالري الانسيابي على مساحة 2.3 مليون فدان.
وأشار إلى أن أهم الأسباب التي فاقمت من حدة الكارثة هي تحطيم مصدات الحماية في القنوات الرئيسية ومصارف التنفيس وتسليم إدارتها لشركات يمتلكها نافذون في التنظيم بدلا من إدارة الري والحفريات التابعة للمشروع والتي كانت لعقود طويلة تضطلع بالمهمة بمهنية عالية.
ويقول مصطفى لموقع سكاي نيوز عربية إن الإخوان عملوا بشكل ممنهج على تدمير مشروع الجزيرة الزراعي بعد إيكال المهام التي كانت تقوم بها هيئة الري والحفريات منذ إنشاء المشروع في العام 1925 إلى شركات تابعة لعناصر التنظيم ولا تمتلك الخبرة الكافية؛ مشيرا إلى تشريد معظم الكفاءات الفنية دون الأخذ في الاعتبار بالمخاطر المستقبلية والتي حدثت بالفعل خلال الأيام القليلة الماضية حيث ابتلعت السيول قرى بأكملها.
وعزا مصطفى اتساع حجم الكارثة إلى الإهمال الكبير في صيانة القنوات ومصارف التنفيس وهو الأمر الذي كان يتم في السابق وفق جدول زمني محدد ومعايير فنية صارمة.
ومضى فاروق البدوي عضو سكرتارية تحالف مزارعي مشروع الجزيرة والمناقل إلى أبعد من ذلك حيث اعتبر أن الكارثة الحالية يمكن أن تتحول إلى قضية جنائية بامتياز. وأوضح لموقع سكاي نيوز عربية “إذا لم يحدث هذا التلاعب الخطير بمقدرات أكبر مشروع من نوعه في العالم لكان بالإمكان تفادي 95 في المئة مما يحدث الآن مهما كان حجم السيول والأمطار او تدفقات المياه”.