صحيفة اللحظة:
أطلقت قوات الأمن السودانية، اليوم الخميس، قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين معارضين لاستيلاء الجيش على السلطة في السودان.
وأفاد شهود عيان بأن تجمعات من المحتجين تعرضت لإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع من قبل قوات الأمن في كل من العاصمة الخرطوم ومدني الأبيض غرب البلاد.
وخرج آلاف السودانيين إلى الشوارع في الخرطوم ومدن أخرى مجددين مطالبهم بحكومة مدنية كاملة منددين بقادة الجيش الذين وقفوا وراء الانقلاب على السلطة في أكتوبر.
وسار المحتجون، الخميس، في أنحاء الخرطوم، وقرعوا الطبول، ولوحوا بالعلم السوداني، وهتف كثيرون مطالبين بسقوط "حكم العسكر" وسلطة قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة، عبد الله البرهان.
وردد المحتجون في حي الديم، وهو أحد أحياء الطبقة العاملة في الخرطوم، هتافات تطالب بعودة الجيش إلى ثكناته وتصف الثورة بأنها ثورة الشعب. وطالب المتظاهرون أيضا بالقصاص "للشهداء" الذين قتلوا في مظاهرات سابقة ويبلغ عددهم، حسب لجنة أطباء السودان، 42 شخصا، كما أغلق محتجون طريقا رئيسيا في حي الصحافة بالعاصمة.
وكشفت مقاطع بثت مباشر على مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجات في مدن منها بورتسودان وكسلا وود مدني والجنينة.
كانت التظاهرات التي شهدها السودان يوم الخميس حاشدة طالبت بحقوق المتظاهرين الذين لقوا حتفهم خلال الاحتجاجات الأخيرة بعد الانقلاب الذي قاده الفريق عبد الفتاح البرهان، ورفع المحتجون عدة مطالب من بينها رفض اتفاق حمدوك مع قائد الجيش والتأكيد على مدنية الدولة والاستمرار في المواكب حتى تحقيق أهداف الثورة. فما الرسائل التي حملتها تظاهرات اليوم في السودان؟
قول عضو تنسيقية تيار الثورة السودانية، الدكتور لؤي عثمان، في تقديري أن تظاهرات اليوم هى بمثابة تشييع للاتفاق السياسي الذي تم توقيعه بين البرهان وحمدوك، أعتقد أن الشارع قال كلمته اليوم وخرج في مواكب في مجملها مليونية، لكن تم تجزئتها في أماكن متفرقة تفاديا لعملية التصادم مع قوات الأمن والرصاص الذي تطلقه.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، بصورة عامة المليونية أرسلت رسالة واضحة وقوية أن الشارع حي وأنه يرفض تماما هذا الاتفاق وأنه لا يمثل الشارع ولا الثوار ولا علاقة له بالثورة، وبالتالي الشارع السوداني ماض في توجهه نحو إسقاط الانقلابيين وكل من يشاركهم أو يتحالف معهم.
وأشار عثمان إلى أن، المرحلة القادمة في تقديري سوف تشهد تمدد في التصعيد بصورة أكبر وستكون هناك العديد من المواكب، وأن لجان المقاومة وقوى الثورة الحية ماضية في الاتفاق على إعلان سياسي وميثاق ثوري وترتيب أمر قيادة جديدة للثورة، حيث فقدت الأحزاب السياسية ريادتها في قيادة المشهد وإن كانت في السلطة سابقا والآن في صفوف المعارضة وهى تدفع في نفس اتجاه الشارع ، لكن الشارع الآن تقوده لجان المقاومة والقوى الثورية الحية المستقلة.
بدوره يقول الحقوقي والناشط السياسي السوداني، عامر حسبو، إن اتفاق حمدوك – البرهان جاء تحت ضغط من الجيش، على أن يعود حمدوك لرئاسة الوزراء وفق نظام جديد ، لكن يبدو أن كل هذا قد باء بالفشل، حيث لم لم يستطع البرهان الاستفادة من الشارع خلال فترة انقلابه، حتى أنه في النهاية لم يعد أمام العسكريين سوى فك أسره، على أن يأتي خلال الفترة القادمة بحكومة جديدة تحت ضغط العسكر، واستجابة للشارع والتظاهرات المتواصل رضخ حمدوك.
وتابع في اتصال مع "سبوتنيك"، الأحوال في البلاد كما، ويواجه الاتفاق سخط كبير من الشارع، وإلى الآن جزء من الطاقم القيادي لرئيس الحكومة عبد الله حمدوك، والذين يملكون شعبية كبيرة جدا في الشارع السوداني، وللعلم فإن البرهان عمل على إعادة نظام المؤتمر الوطني السابق إلى سدة الحكم، والشعب السوداني لن يقبل بهذا الوضع مهما كان الأمر، والوضع في السودان يسير نحو الأسوأ.
وأشار حسبو، إلى تدهور الأوضاع مجددا في دارفور، حيث تم حرق 22 قرية بالكامل وتم قتل 72 شخص ودفنهم في مقابر جماعية على أيدي المليشيات المسلحة، علاوة على الأوضاع الاقتصادية والسياسية والصحية والتعليمية المتدهورة في البلاد، كما أن الوضع في دولاب الحكم في السودان ما زال معلقا، ولا توجد في الأفق أي بادرة أمل، لأن فشل حمدوك واتفاقه مع العسكر أدى إلى تدهور الأوضاع بشكل أكبر.
من جانبه يقول، فتحي إبراهيم، متحدث ثوار ديسمبر وتحالف الكتل الثورية السودانية "المستقلين"، إن هناك انقسام واضح في الشارع السوداني الآن، والسياسيين يتخبطون في قراراتهم، لذا أري أن قرار حمدوك بالعودة للحكومة كان قرار صائب، وفي رأيي يجب على الشارع أن يؤيد هذا القرار، لأنه لا يخضع السلطة الانتقالية في البلاد لحزب أو عدة أحزاب، وهذا يعد رجوع للوثيقة الدستورية، لذا يجب على الأحزاب العودة إلى الشارع لتجهيز نفسها للانتخابات القادمة والمقرر لها العام 2023.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المشاكسات السياسية التي تحدث الآن ليست في صالح الوطن ولا المواطن ، والشباب المتواجدين بالشارع الآن والذين ينادون بالمدنية، يجب أن يعلموا أنه لا توجد مدنية خلال الفترة الانتقالية والتي تعد تجهيزا للانتخابات التي ستأتي بالمرحلة الديمقراطية، وكنا نتحدث في السابق عن الانفجار نتيجة الأزمات المتراكمة، وفي الحقيقة أن الانفجار والانقلاب قد حدث بالفعل، والانقلاب الذي حدث كان على الأحزاب التي كانت تحكم بعد الثورة، ولو كانت هناك انتخابات لما وصلت تلك الأحزاب إلى السلطة، فليس من المنطق أن تضع العراقيل أمام أي انفراج سياسي وتضع اللاءات الثلاث"لا تفاوض لا مساومة ولا مشاركة".
وعلى صعيد آخر اصدرت الشرطة السودانية بيانا جاء فيه إنطلقت عدة مسيرات بولاية الخرطوم وعدد من ولايات السودان كان قد أُعلن عنها فى الوسائط ، وقد قامت الشرطة بواجب التأمين لجميع مؤسسات الدولة ومرافقها الحيوية ولم تتعرض للمتظاهرين أو تتعامل معهم مطلقاً بل وفرت لهم الحماية القانونية اللازمة .
وعلى الرغم من ذلك تعرض القسم الأوسط أمدرمان وقسم الصافية لإعتداء عنيف وغير مبرر وبأعداد كبيرة بإستخدام قنابل المولوتوف الحارقة والحجارة الأمر الذي أدى لإصابة (18) فرد بالقسم الأوسط ، و(14) فرد من بينهم ضابط بقسم الصافية تم إسعافهم جميعاً للمستشفى فضلاً عن إتلاف جزئي لخمسة من مركبات الشرطة وعرب..
وقالت الشرطة كما أصيب ثلاثة من المتظاهرين تم إسعافهم أيضاً للمستشفى .. تعاملت الشرطة مع هذه الإعتداءات بإستخدام الغاز المسيل للدموع وتم القبض على (15) شخص من المعتدين واتخاذ الإجراءات القانونية فى مواجهتهم بحضور ممثلين من النيابة العامة .
ويذكر مر السودان بانقلاب عسكري جديد حيث أعلن البرهان، يوم 25 أكتوبر، حل مجلس السيادة والحكومة وفرض حالة الطوارئ في البلاد، بعدما تم إيقاف معظم الوزراء والمسؤولين المدنيين في السلطة، فيما تصاعدت الضغوط الدولية من أجل عودة المدنيين إلى السلطة.
وحاول الجيش استيعاب الانتقاد الدولي عبر إعادة حمدوك، الذي كان بين الموقوفين، الى منزله، بعد تشديد دول غربية والأمم المتحدة على ضرورة الإفراج عنه، كما تم تشكيل مجلس سيادة جديدة وعين البرهان رئيسا له، إلا أن هذه الخطوات لم تخفف من موجة الاحتجاجات الداخلية والانتقادات الدولية.
وعارضت الأحزاب السياسية البارزة وحركة الاحتجاج القوية في السودان قرار حمدوك الأحد الماضي توقيع الاتفاق مع الجيش حيث وصف البعض هذا الإجراء بالخيانة أو أنه "يوفر غطاء سياسيا للاستيلاء على السلطة".
وتصر الأحزاب السياسية والجماعات المدنية الرئيسية على أنه يتعين على الجيش ألا يلعب أي دور في السياسة.
وبموجب بنود اتفاق الأحد سيرأس حمدوك حكومة تكنوقراط خلال مرحلة انتقال سياسي من المتوقع استمرارها حتى 2023 و تتقاسم السلطة مع الجيش. وبني هذا الاتفاق على أساس اتفاق سابق لتقاسم السلطة بين الجيش والقوى السياسية المدنية بعد الإطاحة بالرئيس السابق، عمر البشير، في 2019.