صحيفة اللحظة:
أكدت قمرية عمر، نائب رئيس المكتب التنفيذي للجنة المعلمين السودانية، أن قرار استئناف الدراسة، في ظل الظروف الراهنة، غير واقعي، نظرا للعقبات الكثيرة التي تقف في طريقه وعلى رأسها رواتب المعلمين.
وقالت عمر، في اتصال مع “سبوتنيك”، الاثنين: “اتخاذ مثل هذا القرار يكرس الطبقية.. فمن يملك المال يتعلم في المدارس والجامعات، ولا عزاء للفقراء والنازحين الهاربين من ويلات الحرب”
وتابعت: “لجنة المعلمين السودانية أصدرت بيانا رفضت فيه التوجيه الصادر عن وزير شؤون مجلس الوزراء المكلف بخصوص فتح المدارس في الولايات”، وقالت: “نحن لا نرفض فتح المدارس وحق التعليم واستمرار الدراسة للجميع كمبدأ، لكن في ظل الوضع الراهن لا تستقيم الأمور”.وقالت عمر: “لكي تفتح المدارس وتستمر العملية التعليمية، يجب حل إشكاليات المحاور التعليمية الثلاث متمثلة في (المعلم والمدرسة والطالب)”.
واستطردت: “بالنسبة للطلاب فإن غالبيتهم نزحوا بسبب الحرب سواء إلى الدول المجاورة أو في الولايات السودانية الأكثر أمنا أو غير المتأثرة بالحرب بشكل مباشر ويعيش هؤلاء في مخيمات الإيواء التي هى مقار المدارس والجامعات، الأمر الذي يعني أن العنصر الثاني في العملية التعليمية وهو المدرسة غير متاح الآن، نظرا لاستغلالها مقرات إيواء للنازحين والهاربين من الحرب”.وتابعت: “عمليات نزوح الأسر من مناطق الحرب لم تكن جميعها للأسر بالكامل في مكان واحد، حيث نجد أن هناك عمليات نزوح للأبناء في مكان وباقي الأسرة في مكان آخر، هذا بالإضاف للمعلمين الذين لم يحصل نسبة كبيرة منهم على رواتبهم منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل/ نيسان الماضي، علاوة على أن عمليات النزوح والتهجير قد طالتهم وباتوا مشردين في العديد من الدول والولايات، ومن تبقى منهم يعيش في حالة اقتصادية مزرية في ظل انعدام الأمن”.
وأشارت قمرية عمر إلى أن صرف مرتب شهر أبريل لم يكن لكل الولايات، ومن تم تحويل مرتبه بالفعل لم يستلمه لأن هناك مشكلة في تطبيق “بنكك السوداني”، وهناك سقوفات محددة لعملية التحويل عبر التطبيق.وتابعت: “لذا فإن الحديث عن عودة العملية التعليمية بعيد عن الواقع، وكان يجب بحث آلية التنفيذ قبل اتخاذ القرار، فمن الذي سيلزم المعلمين بالذهاب إلى المدارس غير الموجودة أصلا نظرا لاستغلالها كمخيمات أو تضررهاجراء الحرب؟وحول استجابة بعض الولايات للقرار تقول عمر: “الجميع سوف يرفض لأنه لا توجد عملية تعليمية من دون معلم والجميع يعلم الوضع الحقيقي الذي يعيشه المعلم في السودان. فهذا القرار الحكومي بعودة المدارس لصالح التعليم الخاص ويكرس للتعليم الطبقي لأن من يملك المال هو من يستطيع أن يتعلم فقط، كما يحجب العدالة بكل صورها”.
وكانت لجنة المعلمين السودانية قد قالت في بيان تلقت “سبوتنيك” نسخة منه: “لقد ظللنا نكرر ونطالب الدولة منذ بداية الحرب بضرورة الالتفات لقضية دفع مرتبات العاملين بالتعليم، فكان التجاهل لهذه القضية هو سيد الموقف، حتى اضطررنا إلى رفع مذكرة لمنظمة العمل الدولية، وسلمنا مذكرات المطالبة لولاة الولايات، ووقفنا محتجين على ذلك”.
وتابع البيان: “بسبب هذه المطالبات تم اعتقال عدد من كوادر اللجنة في عدد من الولايات، وها هي قضية عدم دفع المرتبات تصبح واحدة من العقبات الكبيرة في طريق فتح المدارس، ووزارة المالية ما زالت تسوف، وولاة الولايات ليست لهم حلول واضحة وبعضهم لا تسعفه قدراته للتفكير في كيفية حل هذه المشكلة، ولا يمتلك الشجاعة ليوضح موقف ولايته ويطالب مجلس السيادة بالتدخل”.وأكد البيان: “نحن في لجنة المعلمين السودانيين مع مبدأ فتح المدارس وعدم تعطيل الدراسة لأي سبب من الأسباب، ولكن يجب أن يكون هذا القرار وفقا لرؤية كلية تستند إلى مبادئ أساسية منها، أن يكون التعليم شاملا لكل التلاميذ والطلاب ولا يصبح (لمن يستطيع إليه سبيلا) حتى لا يطعن في عدالة التعليم كمبدأ أساسي يقوم عليه التعليم في أي دولة محترمة، وحتى لا يصبح التعليم مدخلا لتقسيم السودان”.وشدد البيان على ضرورة أن يكون استئناف الدراسة مدخلا لإيقاف الحرب أو على أقل تقدير للحد منها، وإبعادها عن مساكن المدنيين (بتوفير المساكن الآمنة، ومسارات المدارس الآمنة) كواجب على طرفي الصراع تمليه القيم والأخلاق، وضمن في المواثيق والقوانين والمعاهدات الدولية التي صادق عليها السودان.
واختتم البيان بالقول: “إننا في لجنة المعلمين السودانيين نرفض هذا القرار ونعتبره مدخلا لتقسيم السودان، وفيه محاباة للقادرين على مواصلة التعليم وعدم مراعاة للطيف الواسع من السودانيين الذين لن يستطيعوا أن يعودوا للمدرَارس، كما توجد فيه شبهة مجاملة وتواطؤ مع أصحاب المدارس الخاصة، الذين نقلوا نشاطهم إلى الولايات الآمنة أو إلى خارج السودان، وبعضهم يريد فتح المدارس لأسباب تخصه، هذا بدوره سيؤدي إلى تمدد التعليم الخاص على حساب التعليم الحكومي، مسنودا بسياسات الدولة، وهذا أمر غير مقبول، وسنقاومه حفاظا على مصلحة أبناء وبنات شعبنا.