الرئيسية » الاقتصاد » ماذا قال الخبراء الاقتصاديون في سياسات وإجراءات الإصلاح الاقتصادي؟

ماذا قال الخبراء الاقتصاديون في سياسات وإجراءات الإصلاح الاقتصادي؟

خضروات

صحيفة اللحظة:
انعقد اللقاء التفاكري حول برنامج الإصلاح الاقتصادي رؤية نقدية يوم 27 الجاري الذي خاطبه رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك،واعلن في كلمته ان السودان مؤهل بما لديه من إمكانات ليصبح رافعة اقتصادية لكل دول الجوار الإقليمي.منوها الى انه يتحتم على القيادات السودانية ان تغير من نمط تفكيرها في المعالجات والبطء في اتخاذ القرارات، كي تخطو البلاد الى الأمام. ماذا قال الخبراء الاقتصاديون في أوراق العمل المقدمة ؟
الحكومة ترث وضعا اقتصاديا هشا:
قال دكتور عبد الله الياس الاقتصادي المعروف في ورقة في الملتقى التفاكري بعنوان " سياسات وإجراءات الإصلاح الاقتصادي على المدى القصير والمتوسط" ان الحكومة الانتقالية ورثت وضعا اقتصاديا هشا للغاية يعاني من شبه إنهيار نتيجة للأزمات المتراكمة وسوء الإدارة الاقتصادية التي استمرت لعدة عقود.
خلفت تلك الأزمات المستفحلة تباطؤ في النمو، وسوء إدارة السياسة الكلية، والتي تسببت في إرتفاع معدل التضخم المفرط، وتعدد تفاوت أسعار الصرف للعملات الأجنبية، مقابل إنخفاض العملة الوطنية المستمر في السوق الموازي،وعدم توفر العملات الاجنبية في النظام المصرفي، الأمر الذي ادى لندرة السلع الضرورية، والمحروقات والأدوية والخبز.
وأشارت الورقة الى ان الاقتصاد يعاني من اختلال في توازن القطاع الخارجي، وضعف في القطاع المصرفي بجانب المشكلات الهيكلية، المتمثلة في ضعف الانتاج والانتاجية وتهالك وعدم كفاية البنية الأساسية، والتدهور في البنيات في قطاع الخدمات الاجتماعية، وضعف الحوكمة المالية،وضعف البيئة المحفزة للقطاع الخاص،والتدهور في الخدمات الاجتماعية.
وقد امتد أثر هذا هذا التدهور حتى الفترة الاولى التي تلت الثورة،وتغيير النظام بسبب هذه التركة المثقلة،وإستشراء الفساد وتأخر الصلاح بسبب عدم التوافق السياسي على المنهج،إضافة الى تعرض الاقتصاد لاثر الصدمات التي ارتبطت بأمراض كوفيد – 19،والفيضانات التي غمرت أجزاء واسعة من البلاد، بينما كان السودان على وشك استئناف النمو الاقتصادي الإيجابي في العام 2020.
وذكر الدكتور عبد الحميد الياس في ورقته ان عامل انتشار الفقر أدى إلى إعاقة إدارة الاقتصاد خلال العقود الماضية، وإلى زيادة الفقر حيث ارتفعت نسبة الفقر بين المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر الدولي الذي يعني انه من بين كل خمسة أفراد منهم، يوجد ثلاثة أفراد منهم تحت خط الفقر، خاصة قطاع الشباب من البطالة .
النمو الاقتصادي لا يتماشى مع الموارد الضخمة:
وأشارت الورقة الى ان النمو الاقتصادي في السودان لا يتماشى ومعدل الموارد الضخمة التي تزخر بها البلاد، حيث سجل السودان خلال الفترة من 2012- 2020 بمعدل نمو سنوي يبلغ 0.1 في المتوسط، وهي نسبة نمو أقل بين الدول النظيرة في أفريقيا جنوب الصحراء والدول التي خرجت من نزاع مثيله.
معظم تلك الدول حققت نتائج اقتصادية باهرة رغم عن ان موارد تلك الدول تقل كثيرا عن موارد السودان البشرية والاقتصادية،فدول مثل إثيوبيا ورواندا وتنزانيا والكونغو وغانا حققت معدل نمو أكثر من 5% في المتوسط خلال تلك الفترة
كما ان اختلال الموازنة وارتفاع التضخم نسبة لأن حصيلة تحصيل الإيرادات ظل منخفض للغاية بسبب نظام إيرادات غير فعال مع حصيلة إيرادات لا تتجاوز في المتوسط 6%، من الناتج المحلي الاجمالي، ويصنف السودان في المستوى الادنى مقارنة بالدول الافريقية جنوب الصحراء.
بينما ظل تحصيل الضرائب متدنية خلال الفترة الماضية،فقد واصلت اتجاهها التصاعدي بقوة في معظم البلدان الأفريقية جنوب الصحراء، إذ تراوحت بين 11% – 16%للدول النظيرة، أي بمعدل ضعفين الى ثلاثة أضعاف، مقارنة بمعدل السودان.
ومع هذه النتائج المتدنية لمحصلات الإيرادات ظلت الحكومة تنفق مبالغ طائلة على الدعم، حيث شكل الدعم غير المباشر عبئا ثقيلا، حتى قارب نصف الصرف على موارد الإنفاق العام في العام 2020 يوازي نصف الإنفاق العام العام في المتوسط وثلاثة أضعاف الصرف على التنمية.
وعلى الرغم من أن الفئات المحدودة كانت هي الفئات الفقيرة، ومحدودي الدخل كانت هي الفئات المستهدفة لتلقى الدعم إلا أنها لم تستفد من الدعم مقارنة، بما استفاد منها أصحاب الدخول المرتفعة،حيث يذهب 51%من دعم المحروقات الى الشريحة الاعلى دخلا من السكان، مقارنة بأقل من 3% فقط من الشريحة الأكثر فقرا.
وينال القطاع السكني نسبة 70%، من دعم استهلاك الكهرباء،بينما حوالي 52% من السكان لا يتمتعون بخدمات الكهرباء،بجانب التباين الجغرافي حيث تتاثر اربعة ولايات فقط من الدعم بحوالي 70% من الدعم، بينما يقدر البعض ان 50% من دعم الوقود يستولي عليه تجار السوق السوداء والمهربون.
ويعد تدني الايرادات سبب رئيس بجانب ارتفاع الصرف على الدعم في عجز الموازنة والاستدانة من النظام المصرفي وبالتالي التضخم، أذ وصلت معدلات التضخم أرقاما،غير مسبوقة تعد هي الاعلى مقارنة بالدول النظيرة للسودان.
ضعف القطاع النقدي:
تقول الورقة ان السياسات الاقتصادية المتبعة قادت إلى انعدام استقلالية البنك المركزي في اتخاذ السياسات النقدية الملائمة كما أنه أقحم في مجموعة متنوعة من العمليات التجارية في مساعدة الحكومة لمساعدة الحكومة في استيراد السلع الاستراتيجية مثل الوقود والادوية والقمح.
بجانب مساهمته في العديد من المصارف المملوكة للدولة والتجارية، ادى كل ذلك إلى إضعاف سلطته النقدية كما يعاني البنك المركزي، من ضعف رقابته على البنوك مما زاد من المخاطر، التي تهدد الاستقرار المالي، وتعاني البنوك التجارية من ضعف حجم عملاتها، مقارنة بالبنوك الخارجية من حيث حجم معيار رأس المال إذا ان هناك (12 بنكا تمثل 25% من رأس مال البنك المركزي ).
كما تعاني البنوك من ضعف حجم الودائع وتدهور حجم الودائع وتدهور الأوضاع المالية، والمتمثلة في ضعف القاعدة الرأسمالية، وتدهور كفاءة الاصول،وارتفاع الديون المتعثرة وضعف العائد، على الودائع الاستثمارية والإسهام المستثمر،وضعف كفاءة النظم المحاسبية،وضعف النظم الرقابة المالية والإدارية والرقابة الداخلية لوحدات النظام المصرفي.
كما ان هناك هناك مخاوف تتعلق بجهود البنك في مكافحة عمليات غسيل الاموال،وإجراءات مكافحة الارهاب، كما شهد القطاع المصرفي انقطاع في عملية المراسلة مع البنوك الأجنبية نتيجة العقوبات على السودان وتأثر التحويلات بالنقد الأجنبي نتيجة لذلك.
تبع ذلك عملية إهمال للتنمية البشرية فيما يتعلق بالنقص المريع في التعليم والصحة والمياه وقد احتل السودان المرتبة 168 من مجموع 189 يضاف الى ذلك ان البيئة لعمل القطاع المصرفي غير مواتية، فضلا عن انهيار البنى التحتية للإنتاج وضعف إنتاج الطاقة.
وقد زاد من الطين بلة ان ضعف الحوكمة المالية قد أسهم في ضعف الادارة المالية السليمة الامر الذي ادى لضعف وتعميق الازمات المالية، و نتج عن كل ذلك حسب تقييم الورقة المقدم في هذا اللقاء التفاكري إلى ان يحتل السودان المرتبة الاخيرة في معظم مؤشرات التي تقيس أداء مؤشرات مؤسسات الحكم والقطاع العام .