الرئيسية » الاقتصاد » زيادة الدولار الجمركي…شبح يؤرق مضجع المواطنين والتجار !!

زيادة الدولار الجمركي…شبح يؤرق مضجع المواطنين والتجار !!

اجنبية

صحيفة اللحظة:
أثار إعلان وزارة المالية بقرار زيادة الدولار الجمركي ورفعه بنسبة 100% جدلاً واسعاً لدى القطاع الخاص، مخلفاً استياء وسط المستوردين التجار والغرف الصناعية، وتجار السلع الاستهلاكية، مشيرين إلى أن الحكومة لم تناقشهم قبل تحريك قرار الدولار الجمركي.
وأكدت المالية، أن هذا القرار لسد عجز الإيرادات في الموازنة العامة للدولة لعام 2022، ويستهدف القرار (السلع، الأواني المنزلية ،الأجهزة الكهربائية، الأخشاب، الأثاث، الملبوسات، الحلويات،المعلبات). وما بين رفض المستوردين والتجار في الأسواق وإصرار الحكومة على تحرير سعر الدولار الجمركي، تثار الكثير من الاستفسارات والأسئلة وأصبحت “همهمة الشارع” حول تداعيات هذا القرار على أسعار السلع والخدمات تعلو فيما انتقد عدد من الخبراء الاقتصاديين القرار محذرين من عواقبه الوخيمة واضعافه للقوة الشرائية بالنسبة للمستهلك أو المستورد ما يزيد من تدني العملة الوطنية. (الجريدة) وفي رحلة التقصي عن أثر هذا القرار في الأسواق استطلعت عدد تجار السوق في عدد أماكن بالعاصمة.
(1) خلال جولة (الجريدة) في السوق العربي وسط الخرطوم، و بحسب ما ورد في مجمل إفادات أصحاب المحلات التجارية للأجهزة الكهربائية .. الأجهزة الكهربائية صارت سلعة غير أساسية بالنسبة للمواطنين، حيث تراجعت نسبة شراء السلع إلى أكثر من 75%، بسبب غلاء الأسعار ، وأضافوا زيادة الدولار الجمركي ستنسف ما تبقى من رغبة المواطنين.
ويرى جمعة صاحب متجر أدوات كهربائية منزلية بشارع الحرية أن زيادة الدولار الجمركي ، ستقلل من نسبة القوة الشرائية، واصفا في حديثه لـ(الجريدة) ما يترتب عليها بالركود الكبير، موضحاً أنه قبل الزيادة الحركة الشرائية ضعيفة جداً على خلفية تدهور الوضع الاقتصادي
كما أشار إلى أن سوق الأدوات المنزلية التي يتم شراؤها من قبل المواطنين تقلص وتراجع لحد كبير، و(تابع) جمعة هنالك عزوف تام عن شراء الأدوات التسهيلية البوتجازات ومحضرات الطعام و المكواة البخارية وغيرها، أحجم الناس عن شرائها وأصبحوا يفضلون شراء النسخ الأقل سعراً من الأدوات الضرورية فقط.
(2) موازنة “كفن مصعب ابن عمير”
ولم يذهب بعيداً صاحب المحلات المتخصصة في بيع الأجهزة الكهربائية الأكبر حجماً (ثلاجات ،غسالات، أفران) عن ما ذهب إليه جمعه، والذي فضل حجب اسمه لـ(الجريدة) كاشفاً عن ضعف حركة البيع و إرتفاع الأسعار المتوالي الذي نفر المستهلكين
وأوضح أن أرتفاع الأسعار يرجع إلى عدة أسباب منها الشركات المستوردة، إرتفاع سعر الجمارك، الترحيل، الايجار، الرسوم المفروضة على المحلات من ضرائب، زكاة، رخصة تجارية، رسوم محلية، وغيرها. جميعها تقود لزيادة سعر البضاعة
وتابع، لا زالت أسعارنا غير خاضعة للزيادة لاننا لم نستورد من الشركات المستوردة بعد، مشيراً إلى أن البضاعة الموجودة حالياً تفوق طاقة المواطن، وزيادتها سترغم الـ10% من المواطنين الذين يقبلون على الشراء بالاحجام عنه، لان 90%من المواطنين أصلاً لا يستطيعون شراء هذه الأدوات
وحول هذه الزيادة التي أكدت المالية أنها لسد عجز موازنة العام 2022، شبهها صاحب المحل بـ”كفن مصعب بن عمير، اذا غطي رأسه انكشفت رجلاه وإذا غطى رجلاه انكشف رأسه”، لأن هذه الزيادات ستزيد العبء على المواطنين ورواتبهم ستصبح بلا قيمة في مواجهة الأسواق وغلاء المعيشة، حد تعبيره.
(3) غياب الصناعة الوطنية:
” زيادة الجمارك تعني زيادة في جميع السلع المستوردة، وربما ان هناك سلع ستختفي من السوق أيضا، وستعرض مكانها سلع أخرى رديئة وبسعر مرتفع” هذا ما ورد على لسان صاحب سوبر ماركت بشروني محمد أبراهيم، الذي وصف في حديثه لـ(الجريدة) زيادة الدولار الجمركى بالصعب جداً
وأضاف إبراهيم غالبية السلع الاستهلاكية المستوردة في المحلات التجارية والسوبر ماركت هى الصابون بجميع أنواعه المعلبات والاجبان والمياه الغازية، لا يوجد في السودان صناعة محلية وطنية تنافس المستورد
واعتبر قرار وزارة المالية في زيادة الجمارك مانعاً جديداً تضيفه الحكومة لمنع الاستيراد. منتقدا هذا القرار ويرى إذا كانت الدولة تريد من هذا القرار الحفاظ والحماية على الصناعة الوطنية فهذا يعنى دخول سلع غير مرغوبة للمواطن
الصناعة المحلية تفتقد لكثير من المواصفات، وهى ليست بالكافية. و(تابع) الزيادة مستمرة في السلع الاستهلاكية ودخل المواطن في حالة تآكل
مشدداَ بعدم أخذ أخذ خطوات من شأنها فرض زيادات أخرى في رسوم الضرائب والجمارك والكهرباء والماء، لكي: يحدث استقرار نسبي في الأسعار المتبقي هذا العام
مشيراً إلى أن هذه الزيادة ستؤثر على حركة الاستيراد بشكل كبير. موضحاً أن السوق لا يحتمل زيادات جديدة في الأسعار خلال الفترة الحالية.
(4) تُعد رفاهية!
وعلى هذا المنوال، تحدث عبدالله سيف الدين محمد أحد أصحاب المحلات التموينية بالسوق الشعبي لـ(الجريدة) قائلاً: لم تصلنا زيادة الدولار الجمركي الجديدة لاننا لم نستورد حتى الان، ومازلنا نتعامل بأسعار الزيادة التي طبقت قبلاً، وبالنسبة للزيادة الجديدة في الشركات التي نتعامل معها لم تقم بتثبيت التسعيرة الجديدة، والتي ستؤثر بدورها في السلع الاستهلاكية على ضوء تأثير الوضع الاقتصادي المخيم على البلاد منذ مدة، فهنالك سلع لم تعد تستهلك كما السابق بل أصبحت تُعد من الرفاهيات كالبسكويت، التونه، الحلويات وغيرها. وبات تركيز المواطنين يصب على الأهم فقط، وواصل عبدالله، ستؤثر هذه الزيادة المرتقبة في استهلاك السلع الأساسية ذاتها، و سيتم توظيفها (بالإقتار) بين المواطنين كما ستقود للبحث عن البدائل المصنعة محلياً، لان دخل المواطن لازال ثابتاً أو يزداد بنسبة لاتشكل فارقاً مع الزيادة المعاشة.
(5) زيادة المواصلات
ومن جانبه يرى أسامة عثمان أحد تجار الاسبيرات بالمنطقة الصناعية، أنه لابد للحكومة من إيجاد حل للموازنة بعيداً عن زيادة الدولار الجمركي، لان الزيادة تضاعف بدورها الضغط على كاهل المواطنين والتجار سوياً، وأكمل حديثة لـ(الجريدة) قائلاً: أسهمت زيادة الدولار الجمركي السابقة في توقف حركة الاستيراد والبيع بنسبة كبيرة وملحوظة، حتى أوقف التجار الإستيراد عبر الحاويات ولجأوا للإستيراد والشحن عبر (تاركو) بعدد (كرتونين) فقط
وقال أسامة: “توجه المواطنون إلى شراء الاسبيرات بعد تعطل العربات تماماً، وحتى في حال شرائهم، فهم يتوجهون لشراء الإسبيرات الأقل جودة” وأضاف عانت حركة شراء الكماليات من الركود لفترة طويلة”
لافتاً إلى أن الزيادة ستؤثر في نواحي أخرى في حياة المواطنين خصوصاً العاملين بالقطاع العام، وأنها قد توقف عجلة البلاد تماماً على حد وصفه
مشيراً إلى تأثر قطاع المواصلات العامة بصورة مباشرة بالزيادة الجديدة، وأن الأثر السالب للزيادة سيطال السائقين والركاب على حد سواء، كما يحجم عدد من أصحاب العربات عن العمل بسبب عجز الركاب عن الدفع وعجز داخل العربة عن توفيه مصروفاتها.
(6) مسار للتهريب
وفي غضون ذلك، يرى الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي، أن هذه الخطوة سوف تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع غير الأساسية بشكل كبير، والذي بدوره سيؤدي إلى تفاقم المعاناة الحياتية للشعب السوداني، وتابع في حديثه لـ(الجريدة): “هذا القرار قد ينتج عنه استيراد بضائع أقل جودة لتقليل التكلفة،
كما سيرفع أسعار المواد المستوردة الآن مما سيثقل كاهل المواطن”. وأشار إلى أنه يزيد من عمليات التهريب الجمركي، ويتسبب في العزوف عن الاستيراد، ما قد يؤثر على إيرادات الدولة الخاصة بالجمارك.
وأوضح فتحي أن ذلك سيؤدي إلى اختلالات في تدفق المواد الغذائية في ظل الظروف المعيشية الحالية، وانخفاض الجنية السوداني،
وقلل من نتيجة زيادة الدولار الجمركي، مؤكداً أنها سوف تكون عكسية ولن تحقق الإيرادات التي تتوقعها الدولة، بسبب تصغير الدائرة الجمركية، ويرى الخبير الاقتصادي أن هناك محاولة من قبل الدولة للخروج من أسعار الصرف المتعددة، لذلك لجأت المالية إلى زيادة الدولار الجمركي
.مشيراً إلى أنه قد تكون هناك إيجابيات في رفع الدولار الجمركي، أولها يتمثل في القرب من توحيد سعر صرف الدولار وثانيها محاولة حصول الدولة على إيرادات أكثر، وبهذا اعتبر فتحي أن السودان لديه تعقيدات جمركية عديدة وهناك كلفة مرتفعة في الجمارك، مضيفا “كذلك يمكن ان يقرأ من خلال التزامات الحكومة مع صندوق النقدالدولي، بإعادة هيكلة الماليّة العامّة وتقليص نسبة العجز فيها كجزء من الإصلاحات التي يريدها الصندوق منها إعادة تفعيل التحصيل الضريبيّ، وتصحيح التشوّهات الضريبية.
الجريدة