صحيفة اللحظة:
فيما بدأ إطلاق النار حول القصر الرئاسي في غينيا، انتاب البعض الذعر بشأن مستقبل الثروات الطبيعية، حيث تمتلك الدولة الواقعة في غرب أفريقيا أكبر احتياطيات في العالم من البوكسيت، وهو مصدر أساسي لرقائق الألمنيوم وعلب الصودا والسيارات.
يعبر تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" عن مخاوف المحللين والعاملين في صناعة الألمنيوم، ما بعد الإطاحة بالرئيس ألفا كوندي الذي حول بلاده إلى مُصدِّر كبير. ومن بين هذه المخاوف ارتفاع أسعار بعض المنتجات عالميا ومن بينها السيارات.
وكان جنود من القوات الخاصة، قد أطاحوا بالرئيس كوندي، الأحد، وأعلنوا وقف العمل بالدستور وإقالة الحكومة وإغلاق حدود البلاد البرية والجوية، وحظر التجوال.
وقد تحسر بعض سكان البلاد على حدوث تراجع ديمقراطي، فيما احتفل آخرون بسقوط زعيم لا يحظى بشعبية، حيث يقول معارضوه إنه مكّن شركات التعدين الأجنبية من تدمير الأراضي الزراعية ومياه الشرب.
قد ترتفع الأسعار
حذر المحللون من الاضطرابات المحتملة، في الأسواق العالمية، حيث وصلت أسعار شحنات البوكسيت الغينية إلى الصين، أكبر زبائنها، إلى أعلى مستوى لها في 18 شهرا.
وهددت شركة روسال الروسية، وهي واحدة من أكبر منتجي الألمنيوم في العالم، بإجلاء عمالها من غينيا. ويرى باحثون أن المتسوقين في جميع أنحاء العالم عليهم أن يتوقعوا هزة مالية إذا تمزق تدفق البوكسيت.
ونقلت الصحيفة عن محلل البوكسيت الأسترالي، آلان كلارك: "يمكن أن تؤثر حالة عدم اليقين في غينيا، وتضع ضغطا على التكلفة على أي شيء يحتوي على الألمنيوم الأساسي، وهذا يعني أن المستهلك سيدفع أكثر".
فيما كتب مستشار المخاطر البريطاني، إريك هامفيري سميث، "لا يمكن لعمال المناجم إلا انتظار الوضوح من الحكام العسكريين الجدد".
بحلول يوم الثلاثاء، لم يظهر أي دليل على انخفاض الإنتاج. لكن سميث أشار إلى أنه "رغم ذلك، فإن مفاوضات العقود الجديدة أو حتى مصادرة ممتلكات الدولة أمر لا يمكن استبعاده".
في كوناكري، العاصمة، قدم زعيم الانقلاب، العقيد مامادي دومبويا رسائل متضاربة حول هذه القضية.
وقال دومبويا، الأحد، عقب الإعلان عن الإطاحة بالرئيس إن "الوقت قد حان لتسخير التراث الترابي لغينيا من أجل الشعب الذي يعيش نصفه تقريبا في فقر مدقع".
وأضاف "بلادنا لا تعاني من نقص في الموارد البشري ، ولا تعاني من نقص في الموارد الطبيعية. لا، عللنا هي الافتقار إلى الشجاعة السياسية."
في اليوم التالي، أوضح العقيد أن نشاط التعدين في شمال غرب البلاد سيستمر دون قيود حيث شكل المجلس العسكري حكومة انتقالية.
كانت غينيا تمثل جزءًا صغيرًا من إنتاج البوكسيت العالمي عندما تولى كوندي منصبه في عام 2010. ويمثل التعدين 35 في المئة من الاقتصاد.
بعد أحد عشر عاما، ارتفعت هذه الحصة إلى 22 في المئة، بفضل صفقة ضخمة أبرمها الرئيس مع الصين، حيث وافقت بكين في عام 2017 على إقراض كوناكري 20 مليار دولار للبنية التحتية التي تشتد الحاجة إليها خلال العقدين المقبلين مقابل امتيازات البوكسيت.
وحاليا، تقوم أكثر من عشرين شركة دولية بالتعدين في البلاد، بما في ذلك شركات من الولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا.
في غضون ذلك، وجد تقرير حديث لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" أن التعدين يهدد آلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية، وكذلك إمدادات المياه، في منطقة تعيش فيها معظم العائلات على الزراعة.
وكان كوندي البالغ من العمر 83 عاما قد فاز بفترة رئاسة ثالثة في أكتوبر بعد أن عدل الدستور ليسمح له بالترشح مجددا.
وفجر ذلك احتجاجات عنيفة نظمتها المعارضة، وزادت الحكومة الضرائب زيادة كبيرة في الأسابيع القليلة الماضية لملء خزائن الدولة ورفعت سعر الوقود 20 بالمئة مما تسبب في حالة سخط واسعة النطاق.
وعلى مدى عشر سنوات من حكم كوندي، شهدت غينيا نموا اقتصاديا مستداما بفضل ثروتها من البوكسيت وخام الحديد والذهب والألماس، لكن قلة من مواطنيها حصدوا ثمار هذا النمو.
ويقول منتقدون إن الحكومة لجأت لقوانين جنائية لكبح أي معارضة بينما تأججت الخصومات السياسية بسبب انقسامات عرقية وفساد مستشر.