سونا: نهلة خليفة
تباينت آراء المختصين والمواطنين بين قادح ومادح للإجراءات الاقتصادية التي أعلنتها وزارة المالية ووزارة الطاقة نهاية الأسبوع المنصرم فمنهم من رأى في نهاية النفق بصيصا ومنهم من استيأس، غير انهم جميعا وافقوا وزير المالية إن هذه الإجراءات هي من قبيل العمليات الجراحية القاسية
وكان وزير المالية إبراهيم جبريل أكد بصورة جازمة خروج الحكومة نهائيا من دعم المحروقات باستثناء غاز الطبخ حاليا و قطع في المؤتمر الصحفي الذي عقده نهاية الأسبوع بوكالة السودان للأنباء أنه “سيتم توجيه أموال الدعم لصالح الخدمات والإنتاج “بينما كشف وزير الطاقة والنفط جادين علي عبيد في ذات المؤتمر أن تكلفة استيراد الوقود سنويا تصل إلى 3 مليارات دولار، تتحمل الحكومة منها 1,5 مليار دولار سنوياً.
واعتبر جادين أن تحرير دعم الوقود سيعمل على توفير المنتج وسيساهم بشكل كبير في إيقاف تهريب الوقود لدول الجوار وتبعا لتحرير دعم الوقود قطعا ستقع تداعيات من شأنها أن تجعل الذهن يتفتق لانتهاج بدائل في ما يتعلق بحياته اليومية بعد موجة الغلاء التي فعلا وتبعا لذلك عمت كل السلع والخدمات.
*إعلانات مصيرية:*
على خلفية هذين الإعلانين المصيريين استطلعت وكالة السودان للأنباء خبراء اقتصاديين ومواطنين للتعليق حول النتائج المتوقعة وكيف للمواطن أن يكيف وضعه بحيث يتعافى من هذه الجراحة القاسية والضرورية كما قال وزير المالية جبريل.
الامين العام للجهاز القومي لحماية المستهلك اللواء نصر الدين صالح علق بأن السياسات الاقتصادية التي أعلنتها الحكومة مؤخرا والمتمثلة في رفع الدعم عن الوقود كانت أمرا يبدو لازما و انها اتت “لان ظروف البلاد دعت لذلك وهو المخرج السليم لتعافي الاقتصاد”.
وأشار نصر الدين أن الجهاز القومي جهاز يقوم بكافة الأدوار للحفاظ على حقوق المستهلك التي كفلتها الأمم المتحدة، لافتا الي ان هناك بعض الجشعين الذين يستغلون قرارات الدولة في رفع الأسعار بصورة غير مبررة ولا تتماشى مع القرارات ومنها قرارات رفع الدعم عن الوقود مبينا أن دور جهاز حماية المستهلك هو حماية المستهلك من هؤلاء الجشعين.
وناشد نصر الدولة في الإسراع بتنفيذ السياسات التي تخفف من عبء هذه الإجراءات من على كاهل المواطن و التي سينجم عنها ارتفاع في بعض السلع بسبب تكلفة الترحيل والمواصلات،
ودعا نصر الحكومة لدعم وقود المواصلات ودعم المصانع والشركات المنتجة للسلع الاستهلاكية الضرورية، وأكد نصر الدين استمرار الجهاز في حملات التي يشرف عليها وزير التجارة لكبح جماح ارتفاع الأسعار الغير مبرر، وشدد على أن الجهاز مستمر في مواصلة حملات ضبط الأسواق كأحد أذرع وزارة التجارة لافتا الى ان الجهاز غير مرتبط فقط بارتفاع الأسعار وإنما كل الخدمات المرتبطة بالمواطن في الأسواق.
*الزيادات موجة من التضخم:*
الا ان الخبير الاقتصادي والمحلل السياسي كمال كرار بان توقع بأن” زيادة أسعار الوقود ستطلق موجة جديدة من التضخم الذي فاق مؤخرا ال350%” وقال إن الغلاء سيزيد من معاناة الناس وبالتالي تآكل الأجور والمعاشات واشار كرار إلى أن الزيادة تؤثر سلبا على القطاعات الانتاجية بزيادة تكاليف الإنتاج وتوقع بالتالي ان تؤدي الى هزيمة فكرة تعظيم الصادرات.
ونبه كرار الى ان ان ٧٠٪ من البنزين و٤٥٪ من الجازولين ينتج محليا وحتى لو قورنت التكلفة بسعر الدولار في السوق الموازي فلن يتجاوز سعر اللتر من المنتج محليا ال٣٢جنيها الجازولين والبنزين ومعناها 144 جنيه للجالون
وانتقد كرار القرار و اعتبره تنفيذ لشروط صندوق النقد التي لن تؤدي الا لمزيد من تحطيم الاقتصاد وستكون لصالح سماسرة البترول وتوقع ان يناهض الشعب هذه القرارات الاقتصادية
*عدم وجود بدائل:*
أما هيثم دفع الله / صحفي فقد ذهب في نفس الاتجاه للخبير السابق ولم يبدو متفائلا كثيرا حيث قال ” لا يوجد بدائل لان السوق كله الحال من بعضه مافي حاجه رخيصه الثمن على اساس ان المواطن يستبدل بها غذائه المعتاد لأن كل السلع الاستهلاكية غالية جدا . والمواطن استنفذ كل قدراته في التحايل على السوق وعلى الغلاء الطاحن ومن الواضح أن الحكومة بعيدة عن السوق ولم تكتوي بناره ، وبالتالي الحل في تغيير سياسة الحكومة الاقتصادية”
وقال هيثم أنه كان على الحكومة الالتزام ببرنامج قوى تحالف الثورة وهو ما اتفق عليه من خلال وثائق البديل الديمقراطي ووثيقة ميثاق إعلان الحرية والتغيير ووثيقة هيكلة الدولة السودانية التي حددت كيفية ادارة الاقتصاد السوداني من خلال الاقتصاد المختلط ، وكان على الحكومة الانكفاء على الداخل والاعتماد على موارد البلاد الكثيرة من ذهب وغيره بدلا من تنفيذ روشتة صندوق النقد والبنك الدولي التي “قصمت ظهر المواطن السوداني” واتهم الحكومة بأنها لم تلتزم ببرنامج الثورة.
ولكن أحد المعاشيين في الخدمة العامة و الذي فضل حجب اسمه يقول إن الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد ضاغطة وتحتاج الى تدابير وقد زاد ارتفاع أسعار الوقود طين الأوضاع بله الا أنه قال “الحياه لن تتوقف وانا اتعامل مع الوضع وفقا لامكانياتي الضعيفه”
وقال انه وبالنظر الى هذا الوضع يحاول تكييف وضعه المالي رغم انه معاشي يعمل بالمشاهرة الا أنه “متحرك لأزيد من دخلي علما بانني أوفر تكاليف الفطور بحمل فطوري من البيت أيا كان محتوياته وارشد استعمال الكهرباء ويقلل كثيرا من تحركاتي المتعلقة بالمجاملات واطالب ناس البيت ايضا الاهتمام بالترشيد” الا أنه قال “لكن الحقيقه الوضع يحتاج إلى تدخل من الحكومة لضبط الأسعار التي تتصاعد كل ساعة وليس كل يوم ودون مبررات مقنعة.”