الرئيسية » المقالات » وحي الفكرة [محجوب الخليفة]:‎حكومة حمدوك ونظرية شراء جهنم

وحي الفكرة [محجوب الخليفة]:‎حكومة حمدوك ونظرية شراء جهنم

محجوب-الخليفة-1.jpeg

تقول الحكاية أن رجلا حكيما دخل إلى بلدة فوجد الناس يتزاحمون في شراء سندات يبيعها محتال بأموال باهظة يدعي انها قطع اراضي في الجنة حيث يستطيع كل من يشتري منه قطعة ان يتمتع بالسكن والاستقرار في الجنة بمجرد موته ورحيله من الدنيا.
اكتشف الحكيم إن ذاك الرجل مجرد محتال يخدع البسطاء ويبيعهم الوهم فاقترب منه ثم قال له بكم تبيع قطعة الارض في الجنة فقال الرجل بمائة دينار فقال الحكيم ولكني اريد قطعة ارض في جهنم ؟؟ فرد المحتال يمكنني أن أبيع لك نصف جهنم بأربعمائة دينار فقال له الحكيم اليك ثمانمائة دينار فاكون قد اشتريت منك كل جهنم ، وافق المحتال ومنحه سندا مكتوبا بعد ان جعل كل الناس شهودا بأن صاحبنا الحكيم اشتري كل جهنم.
وما أن استلم الحكيم ورقة المحتال التي يقر فيها بأنه باع كل جهنم للحكيم حتى صاح الحكيم في كل أهل البلدة ( أنا اشتريت كل جهنم ولا حاجة لأحد لشراء قطعة في الجنة ﻷن الجنة اصبحت متاحة لكم مجانا ) الحكيم استخدم ذكاءه في إبطال خطط المحتال وهزيمة فعله الماكر بكل سهولة ويسر ، وكان الحكيم بتصرفه الذكي ذاك قد وضع لنا نظرية جديدة يمكن أن نطلق عليها نظرية شراء جهنم.
المتابع لخطوات حكومة حمدوك التي تضع الشعب السوداني ﻷول مرة امام الواقع بلا خداع أو مساحيق تجميل فتحرر سعر صرف الجنيه السوداني أمام العملات ثم ترفع الدعم بالكامل عن الضروريات بكل قسوة ،كأنها بذلك تنفذ نظرية شراء جهنم حيث انها تضع الشعب أمام كل الصعاب وكل صنوف المعاناة فلا يكون مستقبله الا اﻹستقرار والرفاهية والتطور ﻹستنفاذ كل المعاناة (لهيب جهنم) فليس أمامه وفي مستقبله القريب الا رفاهية وراحة وسعادة الجنة.
حكومة حمدوك استخدمت نظرية شراء جهنم في شراكتها مع المجلس العسكري وفق الوثيقة الدستورية،ثم استخدمت ذات النظرية بطلب البعثة الاممية للتأمين والمراقبة والدعم والمساعدة ثم استخدمتها مرة اخري وهي تدفع الدولارات كتعويضات لضحايا المدمرة كول الامريكان لتكمل ملف رفع الحصار بالكامل ثم توظف نفس النظرية في ملفها الاقتصادي والعودة للمجتمع الدولي وفي استخدامها القروض التجسيرية لسداد ديون البنك الدولي ومن ثم فتح الطريق امام السودان لاستقبال الدعم والقروض والشراكات الاستثمارية الضخمة. ثم أنها استخدمت نظرية شراء جهنم في معالجة ملف السلام لإقناع الحركات المسلحة لتنضم لمنظومة البناء الوطني.
ونظرية شراء جهنم نظرية مفيدة ومضمونة النتائج وهي ضرورية للغاية لمن يرغب في تأسيس بناء وطن بمواصفات واضحة بعيدا عن التهريج والخداع والتخدير والتمويه وكل أساليب من يبيعون الوهم للبسطاء ومن ثم يتركونهم للمعاناة والرهق المستمر. ولعل نظرية شراء جهنم وعلى أقل تقدير تقطع الطريق قريبا أمام اللصوص وتجار السوق السوداء والسوق الموازي وغيرها من ممارسات أضرت بالوطن والمواطن .