الرئيسية » المقالات » وحي الفكرة [محجوب الخليفة]:مهنة الشعب السوداني تشحيم السمك

وحي الفكرة [محجوب الخليفة]:مهنة الشعب السوداني تشحيم السمك

الخليفة

لا تندهشوا هي هكذا المهنة المزمنة للشعب السوداني فقط من بين كل شعوب اﻷرض وهي نفسها المهمة المستمرة والمفروضة علينا جميعا وأعني مهنة تشحيم السمك، وحتى تتضح الصورة ونفهم المقصود نقص هذه الحكاية الصغيرة التي حدثت وقائعها علي ضفاف نهر النيل عند قريتنا الصداقة بولاية الجزيرة منذ سنوات خلت.
تقول القصة ان أحد معلمي القرية اختار ان يمارس هواية جديدة في فترة اﻹجازة المدرسية بعد ان لاحظ ان بعضا من سكان القرية يمتهنون صيد السمك يوميا ويكسبون من تلك المهنة، جهز المعلم نفسه وسنارته وبذل جهدا مقدرا في تجهيز الطعم و تثبيته علي سنارته والدفع به الي النهر
وكانت النتيجة المتكررة فشله في صيد السمكة ولو مرة واحدة ، بينما ظل كل من حوله من الصيادين يفوزون بصيد وفير رغم أنهم لا يبذلون جهدا كبيرا ولا يزودون سنارتهم وشباكهم بطعم مثل صاحبنا
واستمر الحال هكذا يعود صاحبنا بلا صيد بينما يرجع اﻵخرون بصيد وفير ،مما جعل صاحبنا يضمر قرارا حاسما وهو يتجه مع اصحابه صائدي السمك نحو النيل ، ثم يتابع فوز اﻵخرين بصيد اﻷسماك ليشرع بعدهم في سحب خيط سنارته لتكرار ذات النتيجة الفشل في صيد ولو سمكة واحدة ، عندها يجمع كل اشيائه ويعلن للجميع أنه لن يواصل معهم مهنة صيد السمك ، فحاولوا جميعا اقناعه ليواصل ولكن رده جاء حاسما ومضحكا في ذات الوقت ( والله ما ممكن اواصل انا في تشحيم السمك عشان تصيدوه انتو)
الشعب السوداني ومنذ عقود تشبه حاله حال ذاك المعلم الذي ظل يشحم السمك ويطعمه ليصطاده غيره ، وهم بلا أدنى شك معروفون للشعب كما انهم يعرفون أنفسهم أنهم تجار السياسة والحروب والمضاربين بقوت الغلابة والمتحكمين في الخدمات الضرورية للناس.
والسؤال الذي نوجهه اليك مباشرة :- هل أنت ممن يشحمون السمك أم ممن يصطادونه بإستمرار ؟ وهل لديك الجرأة لﻹقلاع عن عادة تشحيم السمك
ومحاولة ابتكار وسائل جديدة مفيدة لك ولوطنك؟؟
نحن اﻵن في أشد الحاجة للخروج من دائرة تشحيم السمك هذه فهل نستفيد من تكرار الفشل مثلما استفاد معلمنا المذكور في القصة عليه رحمة الله لنعلن كشعب سوداني كريم امتناعنا واستقالتنا من المهنة المزمنة والمرهقة وهي مهنة تشحيم السمك.