الرئيسية » المقالات » نزيف القلم[ردينه أحمد]: حب الدولة.. أعشق الوطن.. أكره الحكومة

نزيف القلم[ردينه أحمد]: حب الدولة.. أعشق الوطن.. أكره الحكومة

نزيف القلم6

نجد أن هنالك خلط بين الدولة والوطن والحكومة، ينبغي التمييز بين الدولة والحكومة والوطن، الدولة هي تجمع سياسي يؤسس كيانا ذا اختصاص سيادي في نطاق إقليمي محدد ويمارس السلطة عبر منظومة من المؤسسات الدائمة.
وبالتالي فإن العناصر الأساسية لأي دولة هي الحكومة والشعب والإقليم، بالإضافة إلى السيادة والاعتراف بهذه الدولة، بما يكسبها الشخصية القانونية الدولية، ويمكنها من ممارسة اختصاصات السيادة لاسيما الخارجية وتعرف الدولة بخمس خصائص أساسية تميزها عن المؤسسات الأخرى:
والحكومة ليست إلا جزءا من الدولة. أي أن الحكومة هي الوسيلة أو الآلية التي تؤدي من خلالها الدولة سلطتها وهي بمثابة عقل الدولة. إلا أن الدولة كيان أكثر ديمومة مقارنة بالحكومة المؤقتة بطبيعتها حيث يفترض أن تتعاقب الحكومات، وقد يتعرض نظام الحكم للتغيير أو التعديل، مع استمرار النظام الأوسع والأكثر استقراراً ودواماً الذي تمثله الدولة.
كثير من المواطنين يخلط بين مفهوم الوطن ومفهوم الحكومة على اعتبار أنهما وحدة حال مكونة لبعضها، وكلنا يعلم ان الحكومة هي إدارة سياسية لإدارة شؤون البلاد وفق القوانين والتشريعات والمعطيات والمتغيرات، ورسم السياسات والاستراتيجيات المتعددة والمتنوعة للتنمية والاستثمار وغيرها، وهي ذات فترة زمنية محدودة من عمر الوطن، بينما الوطن هو التاريخ والجغرافيا والتراب الذي احتوى وضم عظام الآباء والأجداد، هو الفكر والعادات والتقاليد.
لذلك إذا كان هناك اعتراضات على سياسة إي حكومة فمن حق المواطن محاسبة الحكومة بالطريقة المناسبة الديمقراطية للتعبير عن ذلك وفق أسس وضوابط وسلوكيات غير مؤذية وغير سلبية، ولكن ليس من حق اي احد ان يعبر عن حقده على الوطن وكأن الوطن للحكومة وليس للشعب.
فنجد كثيراً من المواطنين يعبر عن غضبه بالتكسير للواجهات الزجاجية ورمي الحجارة وحرق السيارات وغير ذلك من التصرفات المؤذية التخريبية، وكأنهم يريدون ان ينتقموا من الوطن، في كل الأحوال والظروف والأزمات والمتغيرات.
فالوطن والمواطن علاقة انتماء تنبع من القلب وعلى أساس الحق والواجب فحب الوطن فطرة في داخل الإنسان ينبض به قلبه ويجري في دمه، وكل من غادر وطنه سواء كان اختيارياً أو مجبراً او لضرورة يبقى الشوق والحنين اليه ساكناً في نفسه ووجدانه، فهو المكان الذي ولد فيه وتربى ونشأ فيه ففيه الذكريات التي لا تنسى وفيه الآباء والأجداد والأهل والأصدقاء.
مؤسف جدا ما أجده عند بعض المتذمّرين الحانقين الغاضبين عندنا، خاصة من الشباب الذين كثيرا ما يستخدمون عبارة "كرهت البلد" في كل تعبير منهم عن عدم الرضا، تؤلمني هذه العبارة جدا، هم كرهوا الحكومة، يجب أن نحب دولة السودان..ونعشق وطننا السودان..ومن حقنا نكره الحكومات .
رغم كل المصاعب التي تعرض لها والظلم الذي أصابني من تصرفات بعض الأشخاص لكن لم تتغير صورة وطني السودان في ذهني .. فهو الذي علمني كيف يكون الانتماء .. و هو الذي أراني كيف يكون الاشتياق والحنين معنى .. عندما أمر بالأماكن و الشوارع ، الورود ، الأهل .. فيتبين لي وطني .. إنه ذاك الخليط من الأشياء .. من الأحاسيس .. من المشاعر .. الوطن هو الذكريات .. هو الزمان والمكان الشاهد على ولادتي .. بكل بساطة الوطن هو أنا .. و أنا هو الوطن .
قلمي ينزف من أجلك يا سودان!!!