
السودان الذي الذي يملك أكبر عدد من الثروة الحيوانية في الوطن العربي وأفريقيا أصبح يواجه حاليا نقصا في إنتاج اللحوم وتدنيا كبيراً في الإنتاج الزراعي.. حيث تناقصت الثروة الحيوانية حسب مراقبين الي النصف وكذا الإنتاج الزراعي حيث تضرر المنتجين من غياب السياسات الحاكمة و الداعمة للإنتاج وتوفير التمويل اللازم وضعف المتابعة الإدارية.
حيث نتج عن ذلك انصراف الكثير من المنتجين الي أعمال أخرى.. مثل التعدين الأهلي او الي المهن التقليدية الهامشية ذات العائد السريع هذا المتغير الذي يصفه البعض بالخطير يضعف أقتصاد الدولة ويخلق الأزمات المحتملة في القريب العاجل أن لم يتم تدارك.
فإن عدم الاستفادة الحقيقية من الموارد يجعل الاقتصاد عاجز عن النهوض رغم المحاولات الخجولة التي تبديها عدد من المؤسسات والوزارات الحكومية إلا أن غياب الخطة الواضحة في التطوير والتحديث تجعل الأمر في غاية الصعوبة أن لم يكن بعيد المنال ..، فقد ظل دولاب العمل في الدولة معنيا فقط بتسير جاري الأعمال دون إبداع مشروعات جديدة تعجل بمواكبة التطورات التنموية والاقتصادية على المستوى الداخلي او في محيطنا الدولي والإقليمي بعد أن لاحت في الأفق نذر شح الغذاء وربكة سلاسل الإمداد
وهذا يجعل توفر الغذاء في المستقبل القريب أمرا صعبا وربما منعدما بسبب بعد منطقتنا من مناطق الإنتاج العالمية ولوجود التنافس في الحصول على الغذاء من معظم البلدان التي تظل هي الأقرب من حيث قوة اقتصادها في الإيفاء بالسداد العاجل او وضوح علاقاتها الاستراتيجية مع الدول المنتجة..، هذا بجانب التغيرات المناخية المحتملة التي تضعنا في أمام خيارات متعثرة والتي ربما تفرض علينا واقعا صعبا .. لن يكون حينها باستطاعتنا أن نرفضه وهو الغذاء مقابل السيادة الوطنية والقرار السياسي.
فإن نذر الجفاف وشح الامطار بدأت تبرز في جوارنا الإقليمي تأكيد على ما أعلنته المنظمة الدولية حسب وكالات من تضاعف عدد الأشخاص المهددين بالجوع في القرن الإفريقي تقريباً منذ بداية العام 2022، إذ كان يبلغ 13 مليون نسمة حيث يعاني 5,6 مليون شخص حالياً من “انعدام الأمن الغذائي الحاد” في الصومال، و12 مليون في إثيوبيا، و4,3 مليون في كينيا، إذ يعيش سكان هذه المناطق بشكل رئيسي من تربية المواشي والزراعة.. وفقًا للأمم المتحدة.
هذا اذا كنا بمنأى من الجفاف وشح الأمطار فلن نكون بمنأي من الهجرات المتوقعة و النزوح من الدول المهددة بالمجاعة..، ذلك بالإضافة إلى ما أعلنه موقع الأمم المتحدة على لسان مجموعة العمل المعنية بالأمن الغذائي والتغذية التي تشترك في رئاستها “إيغاد” ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، (إن أكثر من 29 مليون شخص يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء منطقة إيغاد.، وأوضح د. غيبييهو ذلك بالقول: “بالفعل، هناك 15.5 إلى 16 مليونا من أخواتنا وإخوتنا بحاجة إلى مساعدة غذائية فورية، بسبب الجفاف.. وهذا العدد يصل إلى 6-6.5 مليون شخص في إثيوبيا، 3.5 مليونا في كينيا، و6 ملايين شخص في الصومال..وفي الأجزاء الواقعة جنوب وسط الصومال الوضع كارثي مع وجود 81,000 معرضين لخطر المجاعة.”).
فإن قلة تساقط الأمطار الذي عاشته بلادنا في مطلع ثمانينات القرن الماضي والذي خلق واقعا قاسيا من الجفاف والتصحر وتضرر الرعاة والمزارعين وتأزم جرأة اقتصاد البلاد في تلك الفترة و تفشي البؤس الاجتماعي وزيادة العاطلين عن العمل هذا الواقع ربما يطل من جديد اذا لم تتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة في الوقت المناسب.. بالرغم من واقع السودان الذي اختلف كثيرا عن تلك الفترة بعد ا إقامة السدود الجديد.. مروي، وسيتيت أعالي عطبرة، وتعلية سد الروصيرص
بجانب سدود حصاد المياه هذا الواقع الجديد يمكن ان يعزز فرص البلاد في تجاوز الأزمة إذا ما تمت المسارعة بالاستفادة من كافة الأغراض التي تم بموجبها إنشاؤها مثل ذلك تفعيل الاتفاق الذي تم مع المملكة العربية السعودية في فترة الحكومات السابقة والذي تم بموجبه منح حكومة المملكة العربية السعودية مليون فدان من الأراضي الصالحة للزراعة في مشروع “أعالي عطبرة الزراعي” الواقع شرقي البلاد.. مما عده محللون اقتصاديون من الاتفاقات المهمة في جذب الاستثمارات العربية للقطاع الزراعي
هذا بجانب تفعيل البروتوكولات والاتفاقات الثنائية في جانب الاستثمار الزراعي مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة..،
مما تقدم نجد من المهم الإسراع في تكوين الحكومة الجديدة لتلافي هذه المهددات والتي من المؤكد سيكون اولي برامجها معالجة أزمة الاقتصاد المنهك التي تلامس قضايا المواطنين ومعاشهم فقد بات الأمر ملحا بل دونه الكارثة ذلك سوف يضبط دولاب العمل على مستوى الوزارات ومؤسسات الدولة ويعجل بالخطط الاسعافية التي تمكن من عودة العلاقات المتوازنة مع الأشقاء والأصدقاء والمستثمرين كما أنه سيعجل بالدعم الاقتصادي الدولي باعتبار أن العالم ينظر للسودان كواحدة من الدول التي يمكن ان تساهم في الأمن الغذائي ووفرة الغذاء لذلك ندعوا الحكماء من قيادات الأحزاب السياسية للتعجيل بالتوافق حول مصلحة البلاد التي باتت مهددة جراء الخلافات الحزبية.. وقد ظهر ذلك في تفشي الفقر وانعدام الأمن وضعف موارد الدولة.
كما ندعو الي حد أدني من البرامج الإصلاحية العاجلة يشترك في التوافق عليها الجميع بلا استثناء لأجل وحدة البلاد ونهضة شعبها الذي أنهكه المعاش وبددت احلامه الصراعات دون فائدة.. هل ننتظر استجابة لأجل السودان..، فقد بات من المؤكد ان الاختناق السياسي يقودنا الي تراجع فرص نهوض الاقتصاد.. وهذا في تقديري يمثل الوجه الآخر للازمة السياسية في البلاد.. التي تحتاج منا جميعا المسارعة في الحل اليوم وليس غدا .
دمتم بخير..،