الرئيسية » المقالات » البعد – الاخر[مصعب بريــر] تفشي مخيف لـ(الكلازار) بولاية القضارف وسط نقص حاد و انقطاع في الأدوية ..!

البعد – الاخر[مصعب بريــر] تفشي مخيف لـ(الكلازار) بولاية القضارف وسط نقص حاد و انقطاع في الأدوية ..!

مصعب3


تعاني ولاية القضارف عقب خريف كل عام من ارتفاع كبير في حالات الإصابة و الوفاة الناجمة عن مرض الكلازار، و لكن تفشى هذا العام ياتى وسط نقص حاد في الأدوية وانقطاع تام للادوية الخط الثانى مقرونا بتوقف عمليات مكافحة المرض ..
تسبب الطفيليات الأولية داء الليشمانيات، و هي تنتقل عن طريق لدغة أنثى ذباب الرمل المصابة، و يؤثر المرض على بعض أفقر الناس في العالم، و يرتبط بسوء التغذية و النزوح و رداءة السكن و ضعف الجهاز المناعي و نقص الموارد المالية ..
الكلازار مرض مداري فتاك و تقع معظم ولاية القضارف ضمن نطاق السافانا الجافة التي تضم أعداداً كبيرة من أشجار السنط و الهجليج التي تنمو على التربة السوداء المتشققة، مما يهيئ بيئة خصبةً لتكاثر و انتشار الذبابة الرملية التي تنقل المرض. إذ تختبئ في الشقوق التي تتشكل في التربة بعد انتهاء موسم الأمطار أو في جذوع الأشجار، و كذلك في الجدران الطينية الجافة التي تتميز بها بيوت تلك المناطق ..
يشهد السودان واحداً من أعلى معدلات الكالازار (المعروف أيضاً باسم الليشمانيا الحشوية) في شرق إفريقيا، و تعد المنطقة المحيطة بمدينة القضارف الأكثر تضرراً بهذا المرض و ينتشر في محليات القلابات الشرقية والغربية والرهد والقريشة ..
جراء الازالة الواسعة للاشجار و الغابات بمناطق الانتشار المعروفة بالقرب من الحدود الأثيوبية بسبب القطع الجائر الذى تعرضت له بواسطة النازحين، بدأت الذبابة الرملية فى الانتقال لقرى و مناطق جديدة فتوسعت خارطة انتشار المرض هذا العام بدخول مناطق جديدة لم تكن ضمن خارطة توطن المرض السابقة ..
فى ظل انقطاع الأدوية هذه الايام تشهد مناطق كالقريشة، الطندبة وأم راكوبة رحلات سفر شاقة، منها و اليها، بواسطة اقرباء المرضى، فى رحلة بحثهم عن العلاج لانقاذ ذويهم من تداعيات المرض القاتلة، فبعد تصنيفها بواسطة منظمة الصحة العالمية ضمن الامراض المهملة، يبدو ان الكلارزار اضحى (قاتلا صامتا) مهملا يهدد سكان ولاية القضارف الان مع رفيقيه (الكوليرا و الضنك) والعياذ بالله ..
علما بان تفشى معظم حالات الإصابة التي سجلت كانت وسط الأطفال، فى ظل صعوبات بالغة في القضاء علي المرض و المكافحة ورصد البلاغات والتقصي، فقد اقرت السلطات الصحية سابقا بأن نسبة البلاغات و الكشف عن المرض لاتتجاوز  45%، و ان انتشار المرض في ولاية القضارف  بات كبيرا وسط الرعاة و المزارعين و الصيادين و القوات النظامية ..
وكشفت الصحة (سابقا) بان 95% من حالات الوفيات حدثت لعدم توفر العلاج، في ظل وجود عمليات تلاعب وغش في الدواء وبيعه في السوق السوداء، و لكن يبدو بانه لم يتم اتخاذ أى تدابير لاحقة للقضاء على هذه الظواهر اللا اخلاقية السالبة حتى الان ..
بعد اخير :
خلاصة القول، تظل التحديات الصحية الماثلة درسا بليغا لنا لن نستفيد منه الا اذا تم الالتفات الجاد لدعم منظومة خدمات الصحة العامة وصحة البيئة ككتلة واحدة، واعادة النظر فى اليات و اولويات استدامة برنامج مكافحة الحشرات الطبية و نواقل الامراض بالبلاد .. و اخيرآ، لابد من التحرى الجاد عن الاسباب الحقيقية لانقطاع أدوية الكلازار بولاية القضارف، لا سيما وانه ظل يقدم (مجانا) عبر المنظمات و المانحين طوال الفترة السابقة .. فلماذا توقف الان ..؟!
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين