– عتاب لطيف ممزوج بحزن نبيل لا تخطئة الاذن، اتانى عبر الهاتف من اختصاصي علم النفس، هيام ابراهيم، مدير ادارة الصحة النفسية والمعاقرة، بالادارة العامة للرعاية الصحية الاساسية، بوزارة الصحة الاتحادية، وذلك تعقيبا على مقال #البعد_الاخر (الضغوط النفسية للحرب قنبلة موقوتة .. لماذا تتجاهلها وزارة الصحة ..؟!) المنشور بتاريخ الجمعة (6 اكتوبر 2023م) ..
– تقول هيام، بان المقال الذى تم ارساله لها من مئات الجهات المختلفة و الافراد، لم يوفيهم حقهم وجهدهم المضنى الذى ظلوا يبزلونه قبل واثناء حرب ابريل الحالية، وطالبت بحكم المعرفة والزمالة والمهنية، فضلا عن الثقة التى تكنها لنا منذ تزاملنا معها ابان تولينا لملف تعزيز الصحة الاتحادية، بأن نفرد لهم مساحه ليعكسوا جهدهم الكبير عبر الـ #البعد_الاخر .. – وها نحن اليوم نرحب بها عبر الـ #البعد_الاخر، باعتباره حق كفلته لها اخلاقيات الممارسة الصحفية، فضلا عن ترحابنا الكامل بنشر دفاعها المشروع عن قضيتها، فالراى والراى الاخر احد اهم مبادئنا التى لن نحيد عنها ..
على الرغم من حقيقة اننا استندنا فى مقالنا (محل العتاب المستحق)، على مرجعية اطلاعنا على خطة الصحة لطوارئ الحرب، التى لم تكن الصحة النفسية فيها شيئآ مذكورا ..
– تقول هيام، حاليا كوزارة صحة اتحاديه شغالين شغل طوارئ مختلف تماما عن الشغل الروتيني، حيث يوجد اختصاصين نفسيين في دور الايواء دائمين او عبر زيارات اسبوعيه، وكلهم مدربين على خدمات الاسعافات النفسية الاولية الـ (PFA)، و يكون عملهم الأساسي اكتشاف الحالات، و احيانا التدخل العلاجى اذا استدعى الامر عبر الاحاله للمراكز الصحية الموجود فيها اختصاصيين نفسيين، و هنالك مراكز لا يوجد فيها اختصاصيين، فتتم الاحاله الي المستشفيات التى يوجد بها أطباء نفسيين ..
– وتضيف هيام، و بعد الحرب حصل نزوح للاطباء النفسيين، فيوجد عدد مقدر منهم في الولايات، و حاليا تم الاتفاق على فتح عيادات جواله في ولايتي البحر الاحمر و الشماليه، حيث تغطى هذه الخدمة حاليا فقط الولايات الآمنه ..- و اوضحت هيام، منذ أن اندلعت الحرب في الخرطوم، والتي تسببت في نزوح عدد كبير للولايات، و تردي الوضع العام، اصبحت الصحة النفسيه اولويه قصوي
و اضحت هناك حاجة ملحه للدعم النفسي والاجتماعي، قامت إدارة الصحة النفسيه الاتحاديه بالاتصال بكل الولايات لمعرفه الوضع الراهن، و العمل معهم في تقديم خدمات الدعم النفسي و الاجتماعي منذ اندلاع الحرب و بداية النزوح للولايات التي بها دور للإيواء، والتى تشمل ولايات (نهر النيل، الجزيرة، الشماليه، شمال دارفور، جنوب دارفور، البحر الأحمر، كسلا، القضارف و الجزيرة) ..
– و كشفت هيام، بان ولاية الجزيرة لوحدها يوجد بها (32) مركز ايواء، توزيعها حسب مدن الولاية، (18) في مدني، (6) في الحصاحيصا، (3) في شرق الجزيرة و (5) في الكاملين .. ولاية النيل الأبيض بها حوالى (76) دار ايواء .. فيما يبلغ عدد النازحين بولاية سنار (21413) .. اما ولاية كسلا فعدد النازحين (181) اسره كحصر مبدئي، ولاية البحر الأحمر بها (15) الف نازح، أما ولاية غرب دارفور لم نستطيع تقديم اي خدمات دعم نفسى لنازحيها لصعوبه الوضع الأمني، علما بان عدد النازحيين متارجح يوميآ لعدة اسباب، منها السفر أو الانتقال لولاية اخرى، هذا بخلاف المستضافين من قبل الاسر بالولايات ..
– و شرحت (هيام) الخدمات التي تقدم للنازحين، التى تشمل خدمات الاسعافات النفسيه الاوليه (PFA) بالاضافة لخدمات لجنة الاسناد النفسى المشتركة بين الوكالات (ISAC) لمراكز الايواء، و كيفيه تلقى الخدمات من مأكل و مشرب تراعي الكرامه الانسانيه، توفير المساحات الصديقه للاطفال، علاج الصدمات النفسيه للكبار و الصغار، علاج حالات الهلع و الخوف و القلق و كل اضطرابات الطفوله، و متابعه الحالات الأساسا لديها تاريخ مرض نفسي لضمان استمرار علاجها، و يتم متابعه تزويد الأخصائيين النفسيين بكل المعينات من رسائل و كتب و برتوكولات عن طريق الوسائل الالكترونيه، فضلا عن توزيع الأخصائيين على دور الإيواء المختلفة .. انتهى
– مجهود كبير و محترم يقوم بتقديمه المئات من اختصاصي علم النفس عبر المحليات، و يتطوع العشرات من الاطباء الاستشاريين فى طب النفس لقيادة هذه التدخلات و تنسيقها، و يتم رفع تقارير دورية عن ادائهم لادارة الصحة النفسية الاتحادية، ما كان لهذا العطاء العظيم ان يرى النور لولا الـ (#البعد_الاخر) الذى دفع (هيام) لتظهره، و دفعتنا لنرفع القبعات إجلالا وتقديرا لها ولزملائها الاجلاء، الذين يعملون بصمت كريم، دون ميزانيات تذكر او ضوضاء، فبمثلكم نفخر زهوا واكبارا .. وفقكم الله وسدد خطاكم ..
بعد اخير :
خلاصة القول، الدعم النفسي للمتضررين من الحرب ليس رفاهية، إنما هي ضرورة قصوى تقع مسؤوليتها على عاتق وزارة الصحة الاتحادية والمكونات المجتمعية، فعلى سلطاتنا الصحية العمل على توثيق هذه الملحمة العلمية المهمة، و تدعيم تدخلاتها عبر ردم فجوات احتياجاتها الاساسية، و اتاحة الفرصة لمنسوبيها لمخاطبة الراى العام بهمومها و تحدياتها و انجازاتها، و اخيرا، يستحق هذا الفريق الصحى الفعال افراد مساحة من الاهتمام الرسمى له، عبر التحفيز المادى و المعنوى و الادماج فى المؤسسات الصحية التى تخدم النازحين، و قبل ذلك تغطية هذه الخدمات المهمة بمظلة التأمين الصحى التى اضحت ثقوبها الكبيرة لا تحمى المؤمن حتى من هجير الشمس ..
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين