البعد – الاخر[مصعب بريــر] استراتيجية التعامل مع الجثث المجهولة والمقبورين بالمنازل والميادين بعد الحرب “1”..!
1 أكتوبر 2023
تم النسخ!
تم النسخ!
طالبني العديد من الزملاء بالكتابة عن استراتيجية التعامل مع الجثث المجهولة والمقبورين بالمنازل والميادين بعد حرب ابريل التى عانت من ويلاتها عدد من مدن السودان، بما فى ذلك ولاية الخرطوم ..
لن أركز في هذه السلسلة على واقع التعاطي الماثل مع جثث قتلى المعارك الدائرة الان، أو ضحايا الحرب من المدنيين القاطنين بمناطق النزاع المسلح، فقد نظم القانون الدولي الإنساني هذه القضية بتأكيد احترام جثث الموتى وحمايتها في أثناء النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، على النحو المنصوص عليه في أحكام خاصة من اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977، والقانون الدولي الإنساني العرفي ..
ما اود ان اركز عليه الان، هو كيفية التعامل مع الجثث معلومة او مجهولة الهوية، التى قد تتواجد داخل منازل المواطنين التى تم الاستيلاء عليها بواسطة قوات الدعم السريع المحلولة، أو التى قبرت لظروف الاشتباك بمناطق النزاع داخل أو أمام المنازل أو بالميادين أو الساحات العامة أو الطرقات كما وثقت العديد من الفيديوهات المنشورة ذلك ..
هذه القضية تستدعي ان يتم التعامل معها وفق استراتيجية واضحة و دقيقة، على ان يتم تطبيقها فورا بعد نهاية الحرب، واود هنا ان اوضح بضرورة إنشاء جسم موحد للتعامل هذه القضية، بدأ من تلقى بلاغات المواطنين، و الاستجابة السريعة لها، والتعامل الصحيح مع رفات الجثث المنبوشة أو المجموعة، بدا من التوثيق، التجميع واعادة دفن الجثث المجموعة بما يليق بكرامتهم الإنسانية ..
فى البدء اقترح انشاء ادارة التعامل مع الجنازات وتنظيم المقابر، برئاسة وزارات الصحة كأحد إدارات صحة البيئة، وتكوين لجنة ولائية تضم وزارة الصحة (ممثلي إدارات الطب العدلي وصحة البيئة)، ممثل الشرطة، ممثل جهاز المخابرات الوطنى، ممثل القوات المسلحة السودانية، ممثل الدفاع المدنى، ممثل جمعية الهلال الاحمر السودانى، ممثل النيابة العامة يكون رئيسا، واقترح تسميتها الالية الوطنية لاكرام دفن موتى الحرب ..
تكون هذه اللجنة معنية بوضع وإجازة موجهات التعامل مع الجثث بعد الحرب، وتكوين فرق الاستجابة السريعة لبلاغات المواطنين، وإنشاء سجل لمعلومات الجثث التى تم التعامل معها عبر هذه الالية، مع تحديد مواقع منفصلة لدفن جثث موتى الحرب بالمقابر .. على ان يكون لهذه الإدارة فروع إدارات صحة البيئة بالمحليات باعتبارها مسؤولة عن تنظيم المقابر، وهى مسؤولية لم تجد أى عناية سابقا من نظام حكمنا المحلى الكسيح .. سنعود لهذا الملف لاحقا بمشيئة الله تعالى ..
والتسريع وتوحيد منصة الإبلاغ عن الجثث والقبور بالمنازل والساحات، اقترح أما إضافة نافذة لهذا الغرض بتطبيق بلاغ الذى طرحته القوات المسلحة السودانية، عبر تحديث لاحق يتضمن الابلاغ عن الجثث المجهولة، أو تصميم تطبيق على مخصص للإبلاغ عن الجثث والقبور المجهولة بالمنازل والميادين، يمكن تطويره لاحقا ليكون سجل مستدام للمقبورين العاديين بالمقابر المحلية ..
يجب تدريب فرق الاستجابة السريعة، وهنالك عدة دلائل تعين على ذلك فضلا عن تطوع خبراء جمعية تعزيز الصحة السودانية لوضع دليل وطني للتعامل مع الجثث ونبش القبور، مع توفير المعينات اللازمة بهذه الفرق من وسائل الحماية والسلامة الشخصية (8) مكونات، ومعينات نبش، جمع توثيق ونقل الجثث (22) مكون ..
واقترح بأن يكون هنالك فريق بكل محلية ويتكون الفريق من (4) عمال صحة (2) عامل تعقيم (1) ملاحظ أو م. صحة وبإشراف ضابط صحة، على ان يكون هناك ممثلين للشرطة للحماية وفريق من الدفاع المدنى حال وجود حالات تخلص من الجثث داخل ابار الصرف الصحى أو بأماكن اختطار يصعب الوصول اليها، بالاضافة لممثلى المنظمات الوطنية والدولية ذات الصلة (الهلال والصليب الأحمر) ان دعت الحاجة، خاصة فى مجال تدريب فرق الاستجابة السريعة .. بعد أخير : خلاصة القول، لابد من التخطيط من الآن لوضع استراتيجية التعامل مع الجثث والمقبورين بالمنازل والميادين وفق مرجعيات علمية وعملية محددة، هناك دول سبقتنا من ضمنها (تركيا) التى وضعت نظام متقدم ومحكم لاكرام دفن الموتى، أما (مصر) فقد أنشأت إدارة للجنازات، و وضعت قانون ودليل للتعامل مع الجثث، وهناك عاملين مصرح لهم بممارسة المهنة، وهنالك دول أخرى صادقت بقيام شركات متخصصة فى دفن الجثث و هكذا .. وسنقوم بالحلقة القادمة بالحديث عن مخاطر الجثث الصحية والنفسية، و كيفية التعرف على الجثث مجهولة الهوية .. ونواصل ان كان فى العمر بقية .. حسبنا الله ونعم الوكيل اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين