الرئيسية » المجتمع » وفاة عميد الشعر السوداني محمد طه القدال بالعاصمة القطرية

وفاة عميد الشعر السوداني محمد طه القدال بالعاصمة القطرية

طه القدال2

توفي مساء أمس في العاصمة القطرية الدوحة الشاعر السوداني الكبيرمحمد طه القدال عن عمر يناهز الـ"70" عاما. وكان القدال في رحلة علاج خارج السودان بعد تدهور صحته مؤخرا، لقد غادر البلاد في أبريل المنصرم، للاستشفاء عقب وعكة صحية ألمت به.
وسينقل جثمانه للخرطوم ليوارى الثرى في الارض التي احبها وغنى لها طوال حياته الحافلة.
وعانى القدال خلال تلك الفترة من آلام حادة، واشتبه في إصابته بسرطان البنكرياس.
وشرعت عائلته على الفور في الحجز له بالعاصمة القطرية الدوحة لإجراء الفحوصات اللازمة. لكن سفر القدال إلى قطر جابهته صعوبات بعدما قامت عائلته بتقديم جواز السفر لاستخراج تأشيرة الدخول، حيث فوجئوا بعودة الجوازات غير مؤشرة.
واستاءت عائلة القدال بسبب ضياع أكثر من اثني عشر يوماً في الانتظار، مع تراجع الحالة الصحية للشاعر. ولم تبد وزارة الخارجية السودانية السودانية والسفارة القطرية، أي أسباب واضحة لرفض دخول الشاعر القدال، ما أثار غضب واستياء محيط القدال ومحبيه.
وعشية سفر القدال، كان في وداعه محبوه من الشعراء والأصدقاء الذين حفوه بدعوات الشفاء العاجل، والذين أشاروا إلى أن القدال ورغم حالته الصحية، لم تفارق الابتسامة محياه.
من هو القدال؟
ولد القدال في 12 ديسمبر 1951 بقرية (حليوة) بولاية الجزيرة. ويقول القدال عن الجزيرة وعن خصوصية مفردته: (أنا أفتكر الجزيرة لها أثر كبير في اكتسابي لهذه المفردة… ولاية الجزيرة.. بوتقة فيها كل الأعراق والألسن.. السودان كله موجود في تلك المنطقة التي حضرت منها.. الناس هناك يجمعهم ظرف اجتماعي واقتصادي واحد.. ومن هنا خرجت لغة (خاصة) بالجزيرة و(عامة) في نفس الوقت.
بدأ محمد طه القدال دراسة الطب في جامعة الخرطوم ، غير انه لم يكمل تعليمه به ليتجه لدراسة الإدارة. تقاعد في أكتوبر من العام الماضي، واستقر بقريته "حليوة" في ولاية الجزيرة.
عميد الشعر السوداني:
قدم القدال العديد من النصوص الشعرية للمكتبة السودانية ووصفه الشعار المصري عبدالرحمن الأبنودي بأنه "أحد أفضل الشعراء العرب"، وله قصائد شعرية كثيرة بعضها تم تقديمها مغناة بأصوات العديد من الفنانين. تغنى بأشعاره العديد من الفنانين السودانيين، على رأسهم الفنان الراحل مصطفى سيد احمد وفرقة عقد الجلاد الغنائية. وعمل القدال في السنوات الأخيرة ضمن فريق العمل الثقافي في مجموعة دال، قبل أن يعلن
ويعتبر محمد طه القدال، إلى جانب الشاعرين الراحلين محجوب شريف ومحمد الحسن سالم حميد، من أهم أعمدة الشعر السوداني المقاوم الذي عبّر عن صوت الشارع.
يقول القدال في نصه "بقول غنوات" الذي غناه صديقه الفنان مصطفى سيد أحمد الذي رحل بالدوحة أيضاً العام 1996م:
بقول غنوات .. بقول غنوات
فى البلد البسير جنياتها لقدام ..
وفى الولد البسل ضرعاتو فى العرضة ويطير فى الدارة صقرية ..
ولو السمحة تلت إيد و مدت جيد تقوم شايلاه هاشمية
يشيل شبال ختة ريد .. وفرحة عيد .. و غيمة روح .. وحمرة عين و ايدية
وفى الولد البشيل مدقاقو قولة خير على القمرة

يقابل الجاية متحزم ويقابل الجاية متلزم

سلام فاسك على أرضك يبقى عديلة يا بيضاء
ويبقى زفاف غنت ليه قمرية
قبال حول تغيم غيمة قبلية
ترش الدارة و الحدبة الصعيد الحلة
يا مرحب حباب الصفقة فى النسمة الصعيدية
يا هجرة نهار الليل
لما الليلة بدرية
فحيح جنياتنا فى الحدبة الصعيد الحلة
يا قمحاتنا هو لبلب
يا تمراتنا هو لبلب
و يا اللوز الفتق فى الوادى هو لبلب
ويا سمحاتنا يا قمحاتنا هو لبلب ..
ويا البحر الطمح مدادى هو لبلب
ويا حجواتنا يا دعواتنا هو لبلب
سألتك بالذى ركز الأرض معبد وسوى الناس عليها مقام
سألتك بى حجى الأمات ودعواتنا
سألتك بى قميراتن و دمعاتنا
شليل وين راح ..
يكون خير الخريف فاتنا
وزى برق السماك الجاية دغشية
وزى زغرودة للبطن الكبارية
مرق من شامة القمرة
ومجرتق بوداعة الله
ومقدم بالعديل يبراك
أبشروا تعالوا ياجنيات
شليل ما راح .. شليل ما فات
شليل عند المسور مرق بقالو حصاد
شليل فوق التقانت قام خضار و بلاد
شليل مشوار.. شليل مسدار
شليلنا أرضنا يا جنيات
شليل ما راح .. شليل ما فات
حرازنا شليل .. شليلنا دليب
شليلنا دليل على البلدات بعد درب التبلدية
شليل ما راح .. شليل ما فات
شليل قايم نصايص الليل يتمتم ليلو وردية
مزارع بات على عشقين تراب بلدو
وسماح فوق بت مزارعية
طابع أشعاره:
وتميزت أشعار الراحل القدال بالكتابة العامية التي تناقش قضايا وهموم الناس في عموم البلاد وبلغةٍ بسيطة جزلة تمس شغاف القلوب وتستقر في روع البسطاء والحالمين، ولعل أكثر السودانيين يحفظون رائعته الموسومة بـ"مسدار أبو السرة لليانكي".
كما تميزت تلك الأشعار بالروح الثورية الوثابة، مما جعلها ركناً أساسياً في شعارات وهتافات الثوار تشحذ هممهم وتدفع بهم نحو المقاومة.
و القدال – بجانب كتابة الشعر- هو عازف ماهر وتشكيلي ، عمل في بداية حياته بتلفزيون السودان القومي.
ويعد القدال، أحد المنافحين للأنظمة الدكتاتورية التي حكمت السودان، بدءا من نظام الرئيس الأسبق الراحل جعفر نميري، مرورا بنظام الإخوان المسلمين البائد، واضاء عبر صفحته بفيسبوك الكثير من دياجير الظلام في حقبة النظام البائد، ونشر العديد من الأشعار والرباعيات التي رفعت المود الثوري، وكان داعماً لكل الهبّات والاحتجاجات التي قادها شعبنا ضد دولة الظلم والطغيان.